«اليمين الفرنسى المتطرف».. خطر على القضايا الإقليمية والعربية
ابتهال مخلوف
تشهد الساحة السياسية فى أوروبا صعود اليمين المتطرف فى عدد من الدول والتى كان آخرها «فرنسا»، إذ أظهرت النتائج خلال الجولة الأولى من انتخابات الجمعية العامة الفرنسية «البرلمان»، التى انطلقت الأحد الماضى عن وصول حزب التجمع الوطنى «اليمينى المتطرف» لرئاسة الحكومة، مما قد يلقى بظلاله على العديد من القضايا الدولية والعربية، وعلى رأسها الصراع «الفلسطينى ـ الإسرائيلى» والحرب «الروسية ـ الأوكرانية» وتداعياتهما على الاقتصاد العالمى وأزمة الطاقة التى اجتاحت العالم.
من جانبها، أعلنت الداخلية الفرنسية، أن حزب التجمع الوطنى حصل على 33% من الأصوات، بينما جاء اليسار المتشدد عبر تحالف «الجبهة الشعبية» الجديدة فى المركز الثانى بحصوله على 28%، فيما تراجع تحالف الوسط «فرنسا للأمام» بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون للمركز الثالث بنسبة 20% فقط من الأصوات.
وتشير الاستطلاعات، إلى أن حزب التجمع الوطنى، سيحصل على نحو 270 مقعدًا بعد جولة الإعادة، بينما سيفوز الحزب الوطنى الجديد بنحو 200 مقعد، ووسط ماكرون بـ60 إلى 90 مقعدًا. ويبدو أن حزب ماكرون، سيحتفظ بأقل من 100 مقعد من مقاعده البالغ عددها 249 مقعدًا فى الجمعية الوطنية المؤلفة من 577 عضوًا، وبعد الجولة الأولى دعا ماكرون إلى حشد واسع لدعم المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين ضد اليمين المتطرف. ويعتبر المراقبون، أن شعبية وسلطة ماكرون فى طريقها للزوال حتى لو بقى الرئيس فى قصر الإليزيه حتى تنتهى فترة ولايته فى عام 2027، وسوف تتضاءل قبضته على السياسة الداخلية والأوروبية إلى حد خطير، أيًا كانت نتيجة جولة الإعادة الأحد المقبل 7 يوليو.
وإذا أصبح جوردان بارديلا، تلميذ لوبان البالغ من العمر 28 عامًا، رئيسًا للوزراء سيسعى لإلغاء حق المواطنة بالولادة لأطفال الأجانب المولودين على الأراضى الفرنسية، والتمييز لصالح المواطنين الفرنسيين فى الرعاية الاجتماعية والإسكان والوظائف العامة.
ويبدو أن هذا «التفضيل الوطنى» سيؤدى إلى تعارضه مع المجلس الدستورى ومجلس الدولة، وهما أعلى السلطات القضائية فى فرنسا، ما سيؤدى إلى أزمة دستورية محتملة إذا سعت الحكومة إلى تجاهل المحكمة أو إضعافها.
وينظر لمارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطنى، أنها المرشح الأوفر حظًا لتكون الرئيس القادم لفرنسا، وفى تصريح لقناة «فرانس إنتر»، أكدت لوبان أنها ستحترم دور بارديلا إذا أصبح رئيسًا للوزراء، وأنها لن ترغب فى أن تكون جزءًا من الحكومة بنفسها أو أن تكون رئيسة للجمعية الوطنية.
وتحتاج الأغلبية، إلى 289 مقعدًا، لذا تشير التوقعات إلى برلمان معلق بدون أغلبية واضحة، والذى سيواجه صعوبات فى تمرير الميزانية، ما قد يدفع ماكرون إلى حل الجمعية مرة أخرى فى غضون 12 شهرًا. وتنعكس أبرز توابع فوز اليمين المتطرف وصعوده لسدة الحكم على اقتصاد فرنسا، إذ تباينت وعود اليمين واليسار بشأن خفض سن التقاعد إلى 60 عامًا ورفع الحد الأدنى للأجور، وحتى منح إعفاءات ضريبية شاملة لكل شخص تحت سن الثلاثين، وتعهد جان لوك ميلنشون، زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليسارى، بتوسيع الإنفاق الاجتماعى.
وفى حال الوفاء بأحد هذه الوعود الانتخابية، التى يعدها الخبراء «متطرفة اقتصاديًا»، ستكلف خزانة الدولة مليارات الدولارات ولن تكون فى صالح اقتصاد فرنسا التى تعانى بالفعل أزمات اقتصادية، وتشير التقديرات إلى أنها قد تسبب عجزًا يصل إلى 20 مليار يورو فى الموازنة العامة.
وتعانى فرنسا، ثانى أكبر اقتصاد فى أوروبا، من الديون التى تبلغ 110% من الناتج الإجمالى، فيما بلغ العجز التجارى العام الماضى نحو 5.5% من الناتج الاقتصادى الإجمالى للبلاد.