فوز اليسار فى بريطانيا وفرنسا يدعم القضية الفلسطينية والاعتراف بالدولة المستقلة
إبتهال مخلوف ومى فهيم ووسام النحراوى
فاجأ الناخب البريطانى والفرنسى، جميع المراقبين والمتابعين الدوليين للانتخابات الأوروبية، بمخالفة التوقعات السياسية، بعدما رجحوا كفة اليسار، على «اليمين المتطرف» رغم سيطرته على أغلب الانتخابات فى أوروبا؛ إذ عاقب الناخبون البريطانيون حزب «المحافظين» على سياساتهم المهزوزة بالهزيمة القاسية، ليفوز ممثل حزب العمال اليسارى المعارض، كير ستارمر، بمنصب رئيس الوزراء، وبغالبية ساحقة فى الانتخابات، ليعود بذلك حزبه للحكم فى البلاد بعد 14عامًا من العزلة، أما فى فرنسا فحقق تحالف اليسار «الجبهة الشعبية الجديدة» الصدمة وتصدر الجولة الثانية، على حساب اليمين المتطرف.
صعود التيارات السياسية الأوروبية الجديدة، خاصة فى بريطانيا وفرنسا، توقع الخبراء أنها ستأتى فى صالح القضية الفلسطينية، وفرصة لزيادة رقعة مؤيدى فلسطين حول العالم والاعتراف بها كدولة، كما سيكون لهذه النتائج دور كبير فى توطيد علاقة أوروبا بدول الشرق الأوسط، وفى مقدمتها مصر، باعتبارها شريكًا استراتيجيًا لكل دول العالم، ورمانة الميزان فى المنطقة.
من جانبها، رجحت صحيفة «ذا ناشيونال» أن تأثير تولى حزب العمال، على السياسة الخارجية لبريطانيا، سيأخذ عدة أشهر إن لم يكن أكثر، وإن أول إجراء رئيسى سيقوم به «ستارمر» فى مجال السياسة الخارجية، قد يكون استبدال وزير الخارجية ديفيد لامى، بشخص أكثر خبرة، مشيرة إلى سياسات المملكة المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، بالأخص كونها أكثر مناطق العالم سخونة وتأججًا بالصراعات والأسرع تأثرًا بنتيجة الانتخابات، ستتغير تغيرًا طفيفَا وليس جذريًا.
وفيما يخص الصراع «الفلسطينى - الإسرائيلى»، أكد الحزب اليسارى، التزامه بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، كمساهمة فى عملية السلام المتجددة التى تؤدى إلى حل الدولتين، لكنه لم يحدد أى جدول زمنى للقيام بذلك، كما تشمل التزاماته الضغط من أجل وقف فورى لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وزيادة كمية المساعدات التى تصل إلى غزة.
أما عن أهم دولة فى المنطقة وهى مصر، فأكد الحزب أن المملكة المتحدة صديق قديم وأكبر شريك اقتصادى وأمنى لمصر فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، وتناصر بريطانيا التجديد فى مصر لأن الاستقرار والسلام والنمو فى المنطقة تشكل أساس الفرص والأمن للشعب البريطانى وشعوب المنطقة.
وتحرص بريطانيا، على التنسيق المستمر مع مصر، إزاء التحديات المختلفة، لا سيما فى ضوء تطورات الأوضاع بمنطقتى الشرق الأوسط وشرق المتوسط وإفريقيا، وتثمين قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لجهود تدعيم الأمن والاستقرار إقليميًا، الأمر الذى رسخ من دور مصر كمحور اتزان للأمن الإقليمى بأسره، خاصةً من خلال النجاح فى مكافحة ظاهرتى الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
أما فى فرنسا، التى شهدت فى الأسبوعين الماضيين حالة أشبه بلعبة «العجلة الدوارة فى الملاهى» ما بين اقتراب اليمين المتطرف ممثلًا فى حزب «التجمع الوطنى» من الفوز فى الانتخابات البرلمانية المبكرة بعد حصوله على 33% من الأصوات إلى تحقيق تحالف اليسار «الجبهة الشعبية الجديدة» الصدمة وتصدره للجولة الثانية.
وانتخب الفرنسيون فى الجولة الأخيرة من الانتخابات جمعية وطنية مقسمة إلى ثلاث كتل مع غياب أغلبية نسبية أو مطلقة لتشكيل حكومة، ما يهدد بدخول البلاد لحالة من الجمود السياسى داخليًا وخارجيًا.
إلا أنه من المؤكد، أن السياسة الخارجية لفرنسا، خاصة تجاه دول محورية فى الشرق الأوسط مثل مصر ولبنان وسوريا والمغرب العربى، ستظل ثابتة رغم تغير الحكومات، إذ تجمعها بباريس علاقات استراتيجية وتاريخية سواء وصل اليسار للحكم أو تم تشكيل حكومة ائتلافية.
وذكرت صحيفة «لوموند»، أن الجبهة الشعبية للتحالف اليسارى خالفت توقعات استطلاعات الرأى، وفازت بـ182 مقعدًا، تلاها تحالف الوسط بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون بـ168 مقعدًا، بينما حصل التجمع الوطنى اليمينى المتطرف لمارين لوبان على 143 مقعدًا، وبهذه الأرقام لم يحصل اليسار على الأغلبية المطلقة البالغة 289 صوتًا، التى تسمح له بتشكيل حكومة على الفور.
وهذا يعنى أن ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو، والذى يعد أيضًا أكبر قوة عسكرية فى الاتحاد الأوروبى، يدخل فترة من عدم اليقين السياسى قبل أقل من ثلاثة أسابيع من إنطلاق دورة الألعاب الأوليمبية التى تستضيفها فرنسا.
وتضم الجبهة الشعبية، حزب «فرنسا الأبية»، الذى فاز بأكبر كتلة من المقاعد بواقع 74 مقعدًا، وحزب الخضر 28 مقعدًا، والحزب الاشتراكى الأكثر وسطية، الذى حصل على 59 مقعدًا.