أحمد أموى رئيس مصلحة الجمارك فى حوار لـروزاليوسف:
إصلاحات جمركية شاملة.. وللمرة الأولى السماح بتقسيط الرسوم
إسلام عبد الرسول
تطورات كبيرة تشهدها المنظومة الجمركية حاليًا لدعم الصناعة والاستثمار مع خفض زمن الإفراج الجمركى مما يقلل أسعار السلع، وفى هذا الإطار أعلنت وزارة المالية، تطبيق منظومة الإفراج الجمركى عن الشحنات الجوية «ACI» اعتبارًا من يناير المقبل، «روزاليوسف» التقت أحمد أموى– رئيس مصلحة الجمارك، للحديث عن المستجدات وحزمة التيسيرات الجمركية الجديدة، وإلى نص الحوار.. ■ تشهد منظومة التجارة العالمية تغيّرات متسارعة، مع مراجعات واسعة للتعريفات الجمركية فى عدد كبير من الدول.. أين تقف مصر من هذه التحولات؟ وهل تخضع التعريفة الجمركية لدينا لمراجعة مستمرة؟
- بالفعل، ما نشهده عالميًا هو إعادة صياغة لأدوات السياسات التجارية، والتعريفة الجمركية تأتى فى مقدمة هذه الأدوات، وفى مصر، هناك مراجعة مستمرة ودورية للتعريفة الجمركية، بالتنسيق الكامل بين الجهات المعنية بالصناعة والتجارة والاستثمار، وبالتواصل الدائم مع المجتمع الصناعى ومجتمع الأعمال، خاصة أن التعريفة ليست أرقامًا جامدة، بل أداة لتنظيم السوق وحماية الصناعة المحلية ودعم خطط الدولة الصناعية.
■ كيف يتم التعامل مع ما يُعرف بـ«التشوهات فى التعريفة»؟
- تشوهات التعريفة تنشأ أحيانًا نتيجة فروق غير منطقية فى الرسوم بين منتجات متقاربة جدًا فى الاستخدام أو المواصفات، ونحن نعمل على رصد هذه التشوهات من خلال ما يرد إلينا من الغرف الصناعية واتحاد الصناعات والمستثمرين، ثم تتم دراستها فنيًا واقتصاديًا، والهدف هو الوصول إلى هيكل تعريفة عادل واضح، ويقلل من النزاعات عند التطبيق دون الإضرار بالصناعة المحلية.
■ هل يمكن إعطاء مثال عملى على هذه التشوهات؟
- على سبيل المثال، بعض أنواع الأقمشة تختلف رسومها الجمركية حسب نسبة البوليستر، رغم صعوبة التمييز البصرى بين هذه النسب، وقد تكون لدينا أقمشة برسوم 5% وأخرى 10% أو 20%، ما يخلق خلافات عند الفحص ويعطل الإفراج، وفى مثل هذه الحالات ندرس توحيد البنود أو إعادة هيكلتها بما يعالج التشوه، ويُسهّل الإجراءات، ويحقق العدالة.
■ هل ينسحب ذلك أيضًا على الفارق بين المنتجات تامة الصنع ومكوناتها أو أجزائها؟
- نعم، هذا ملف مهم فى بعض السلع، مثل منتجات الحديد أو الألواح المعدنية، يكون من الصعب عمليًا التفرقة بين المنتج التام الصنع والمكوَّن من أجزاء، إذا ثبت أن توحيد المعاملة الجمركية لا يضر بالصناعة المحلية، يمكن الاتجاه إلى التوحيد سواء بالخفض أو الرفع أو اعتماد نسبة وسطية، بما يقلل الخلافات ويسرّع الإفراج.
■ هل يمكن القول إن الهيكل الجديد للتعريفة الجمركية يركز بالأساس على دعم الصناعة، لا سيما الصناعات المغذية؟
- بالتأكيد.. دعم الصناعة وخاصة الصناعات المغذية، هو محور أساسى فى أى مراجعة للتعريفة الجمركية، فنحن نحرص على خفض الرسوم على مستلزمات الإنتاج غير المتوافرة محليًا، إذا كان ذلك يعزز تنافسية المنتج المصرى أمام المستورد تام الصنع، وفى الوقت نفسه نوفر الحماية اللازمة للمنتجات التى أصبح لها إنتاج محلى قوي.
■ ننتقل إلى منظومة الإفراج الجمركى المسبق «ACI».. ما الفلسفة التى قامت عليها هذه المنظومة؟
- منظومة الافراج المسبق «ACI» تقوم على فكرة «المعلومة المسبقة»، حيث تكون لدى الجمارك والجهات الرقابية بيانات كاملة عن الشحنة قبل وصولها إلى الميناء أو المطار، وهذا يتيح تقييم المخاطر مبكرًا، والتنسيق المسبق مع جهات الفحص، وتقليل زمن الإفراج بصورة جوهرية، علاوة على أن الإصلاحات الجمركية تبلور ما طرحه شركاؤنا من المجتمع التجارى والصناعى من أفكار ومقترحات إضافية لتحسين ورفع كفاءة الأداء الجمركي، وهدفنا خفض زمن وتكاليف الإفراج الجمركى لتخفيف أعباء الاستيراد والتصدير، بما يسهم فى تعزيز ثقة الشركاء التجاريين المحليين والدوليين، فضلًا عن أن منظومة «المخاطر الشاملة» تسهم فى تسريع وتيرة الإفراج عن شحنات شركائنا الملتزمين والدائمين من خلال الاعتماد على أدوات التكنولوجيا المتقدمة بما يساعد فى زيادة حركة التجارة الخارجية، تماشيًا مع رؤية الدولة لدفع النمو الاقتصادى وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية بالأسواق الإقليمية والدولية.
■ كيف انعكس ذلك على التنسيق مع الجهات الرقابية المختلفة؟
- أصبح التنسيق أكثر كفاءة.. الجهات الرقابية تعلم مسبقًا بنوع الشحنات وتوقيت وصولها، ما يسمح بوضع جداول فحص واضحة، وفى كثير من الحالات، يتم فتح الحاوية وسحب العينة بحضور جميع الأطراف فى توقيت واحد، بدلًا من تكرار الفتح وتأجيل الفحص.
■ كان هناك تخوف من تطبيق ACI على الشحن الجوى نظرًا لطبيعته السريعة.. كيف تردون على ذلك؟
- هذا التخوف مفهوم، لكنه غير مبرر عمليًا، فالشحن الجوي، رغم سرعته، لا يتم بشكل مفاجئ للمستورد، علاوة على أن نظام ACI صالح لمدة ستة أشهر، ما يسمح بتسجيل الشحنات مسبقًا حتى فى حالات الاستيراد المخطط لها مستقبلًا، وحتى فى الحالات العاجلة، مثل قطع الغيار، فإن التسجيل لا يستغرق سوى دقائق معدودة.
■ هل هناك استثناءات من تطبيق النظام؟
- نعم، هناك استثناءات محددة ذات طبيعة خاصة، مثل عودة جثامين المواطنين، أو الآثار التى تخرج وتعود فى إطار معارض، أو بعض الحالات السيادية.. أما الشحنات التجارية، فهى خاضعة للنظام دون استثناء.
■ ماذا عن تكلفة تطبيق ACI؟ هل تمثل عبئًا إضافيًا على المستورد؟
- على العكس تمامًا.. النظام وفر على المستوردين ما بين 75% و80% من التكلفة السابقة التى كانت تُنفق على تصديقات المستندات وإرسالها بالبريد السريع، إذ تم إلغاء هذه التصديقات واستبدالها بنظام تحقق إلكترونى أكثر كفاءة وأقل تكلفة.

■ إلى أى مدى أسهمت هذه المنظومة فى تقليص زمن الإفراج؟
- فى الشحن البحري، انخفض متوسط زمن الإفراج من أكثر من 28 يومًا إلى نحو 5.6 أيام حاليًا، والمستهدف الوصول إلى يومين فقط، وفى الشحن الجوي، يتم الإفراج عن نحو 50% من الشحنات فى أقل من يوم واحد، ونسعى لرفع هذه النسبة تدريجيًا.
■ ما الانعكاس الاقتصادى المباشر لهذا التطور؟
- تقليص زمن الإفراج يعنى خفض تكلفة التخزين والأرضيات وغرامات التأخير، وهى تكاليف تُدفع غالبًا بالعملة الأجنبية، هذا يخفف الضغط على النقد الأجنبي، ويقلل تكلفة الإنتاج، ويزيد تنافسية المنتج المصرى محليًا وخارجيًا، ويخلق دورة اقتصادية متكاملة تشمل زيادة الإنتاج والتوظيف والحصيلة الضريبية.
■ ماذا عن الربط الإلكترونى مع الجهات الأخرى مثل الضرائب والبنوك؟
- حاليًا، الجهات التى تمثل نحو 90% من منظومة الفحص مرتبطة بالكامل على منصة «نافذة»، وبعض الحالات التى تُثار تتعلق غالبًا بنظام السماح المؤقت وتسوياته، وهى حالات محددة وليست عامة، ومع ذلك، نعمل باستمرار على تحسين التكامل الفنى بين الأنظمة المختلفة.
■ هل تتضمن المرحلة المقبلة تسهيلات تشريعية جديدة؟
- نعم، هناك تعديلات تشريعية مطروحة تتعلق بدعم الصناعة وزيادة الصادرات، أهمها السماح بالتقسيط للرسوم المستحقة وزيادة نسب الفاقد المسموح بها فى نظام السماح المؤقت، وقصر المسئولية القانونية عن المخالفات على المسئول التنفيذى المختص بدلًا من رئيس مجلس الإدارة، بما يعزز ثقة المستثمرين.
■ هل من رسوم إضافية على الشحنات؟
- لا يوجد أى رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام «ACI» على الشحنات الجوية فى الأول من يناير المقبل، حيث نستهدف تقليل زمن الإفراج الجمركى عن البضائع للتيسير على شركائنا بما يحقق مستويات أعلى من الشفافية والدقة، فضلا عن أن دور المستخلص الجمركى سيظل قائمًا ضمن المنظومة، ولكنه سيتم بشكل إلكترونى كامل، بما يعزز من سرعة ودقة الإجراءات.
■ ما هى قائمة الاستثناءات فى المنظومة الجديدة؟
- نظام «ACI» لا يسرى على الطرود البريدية التى تقل عن 50 كيلو جرامًا، ويمكن تطبيقه على شحنات إعادة التصدير، ويمكن تعديل بعض البيانات الأساسية قبل الشحن، باستثناء ما يتعلق بالمستوردين والمصدرين وإمكانية تعديل بيانات الأصناف مثل بند التعريفة الجمركية الفرعى أو بلد المنشأ أو غرض الاستخدام أو الطلب.
■ أخيرًا، ما المطلوب لتحقيق نقلة نوعية كاملة فى منظومة الجمارك؟
- المطلوب هو الاستمرار فى التحول الرقمي، وتعميق إدارة المخاطر، وتعزيز الشراكة مع مجتمع الأعمال.. وهدفنا هو جمارك حديثة تعمل كبوابة عبور للتجارة، لا كنقطة تكدس، وتدعم الصناعة والاستثمار دون الإخلال بدورها الرقابى.









