السبت 12 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الصحافة والثورة».. شهادات ومذكرات قادة الرأى والفكر فى مصر للكاتب «رشاد كامل»

الكاتب الكبير رشاد كامل
الكاتب الكبير رشاد كامل

لم تكن ثورة 23 يوليو 1952 وليدة ظروف مصر الداخلية فى ظل سعيها لنيل استقلالها من احتلال بريطانى فحسب؛ بل كانت نتيجة مناخ تاريخى سعت فيه شعوب العالم لنيل استقلالها وامتلاك قدراتها، وكانت الصحافة فى مصر وخارجها كثيرة أساسية اعتمدت عليها الشعوب لنقل الأفكار وتبادل الخبرات واكتساب الدعم الداخلى والدولى على حد سواء.



ليس سراً ذلك الدور العظيم والمجيد الذى لعبته الصحافة المصرية فى التمهيد لقيام الثورة، فقد حظيت من قبل حدوثها بتبشير أقلام الصحافة بها إلى المطالبة بحدوثها، كما حظيت بحماية الصحافة ودعمها بعد قيامها، ولكن سرعان ما تغيرت العلاقة وشابها التوتر بين طرفى المعادلة: قادة الثورة، وقادة الفكر، ولكن لمبررات.

فى كتابه بعنوان» الصحافة والثورة» الصادر عن دار نهضة مصر ينشر الكاتب الصحفى رشاد كامل شهادات ومذكرات قادة الرأى وقادة الفكر فى مصر أثناء تلك الحقبة، والتى سجلها معهم مسلطًا الضوء على التاريخ وما دار فيه.

يتناول الكتاب عددًا من الشخصيات المهمة فى تلك الفترة من تاريخ مصر حيث يتناول الكاتب موسى صبرى ودوره المهم فى دنيا الصحافة والسياسة ومقالاته ومعاركه التى لا تنتهى وكيف أنه ظل مدافعا عن السادات ووفيا له حتى بعد وفاته، حين انفض من حوله الأصدقاء والمنتفعون.

كما تناول الكتاب مشوار أحمد حمروش أحد الوجوه العسكرية التى أثبتت نجاحها فى بلاط صاحبة الجلالة صحفيًا وكاتبًا ورئيسًا للتحرير، وكان مسئولا عن حركة الضباط الأحرار فى مدينة الإسكندرية، والذى تصدى لمهمة جديرة بالتسجيل والإعجاب، وهى كتابة ملحمة ثورة يوليو.

أما د.محسن عبدالخالق فكان أحد الضباط الأحرار الذين غيرو تاريخ مصر السياسى والاجتماعى فكان فى مكانة المستشار السياسى لعبدالناصر والمسئول عن تصريف شئون مكتبه، وأشرف على “دار التحرير” طوال أربع سنوات ونصف، مما أتاح له أن يشاهد ويسمع ما كان يدور فى كواليس السلطة ودهاليز الصحافة.

الكاتب فتحى غانم واحد من فرسان الرواية العربية الحديثة.. لم تشغله كتابة الرواية عن تولى المناصب الصحفية الهامة.. كما شاهد عن قرب ما كان يدور داخل كواليس ودهاليز الصحافة المصرية، والتى سجلها بقلمه الرشيق فى رائعته «الرجل الذى فقد ظله»، ثم «زينب والعرش».

عقب قيام ثورة يوليو 1952 وطرد الملك انهالت الكتب والمقالات تشتم وتسب الملك رغم أن بعض كتابها كان من أخلص حلفاء الملك، وفوجئ الرأى العام وقتها بكاتب شاب لم يتجاوز عمره 25 عاماً يرفع له بكتاب عنوانه (فاروق ملكاً (وفيه يكتب أحمد بهاء الدين رأيا مدهشاً للكافة؛ إذ قال: “الدستور هو الذى يحدد مكان الملك وينظم قيوده، والدستور هو القيد الذى كان يجب أن يقيده به الملك السابق، والقفص الذى كان يجب أن يوضع فيه، والبداية الحقيقية فى مأساة فاروق أنه لم يلتزم بالدستور”، لينتبه الناس للكاتب الشاب المتزن والعاقل؛ فبدأ الكتابة الصحفية كهواية وعرف بعد ذلك. نجح فى ترك بصمات واضحة وعلامات قوية فيما كتب، وأثارت كتاباته اهتماماً فكرياً كثيفاً لدى القراء، فقبل الثورة يطالب بتأميم تجارة القطن وكانت بأكملها فى أيدى الأجانب، وبعد الثورة بعامين وأثناء أزمة مارس الشهيرة يكتب مطالباً: إنه لا بد للبلد من دستور وحد أدنى من الديمقراطية.

وفى عام 1965 تصدر الطبعة الأولى من أهم كتبه» إسرائيليات «والتى أكد فيها بحق أن التحدى الذى تفرضه علينا إسرائيل ليس تحدياً عسكرياً سياسياً فقط ولكنه تحد حضارى بأوسع معانيه.

ثم تقع نكسة يونيو، ولأول مرة يطرح الفكر العربى أحمد بهاء الدين اقتراح دولة فلسطين، وأثار ذلك الاقتراح المطروح عام 1968 جدلاً واسعاً بين أوساط السياسيين والمفكرين ما بين التأييد والمعارضة.

 

 

 

 

الصحافة واحدة من محطات د.يوسف إدريس المهمة، فكانت الجمهورية محطته الأولى، والأهرام محطته الثانية، والأخيرة» الجمهورية” جريدة الثورة ولسان حالها وصاحب امتيازها جمال عبدالناصر، والنموذج المصغر لصراع الكواليس والدهاليز فى السلطة وما بين الجمهورية والأهرام كانت ليوسف إدريس رحلة طويلة.

أما حلمى سلام فكان أقرب الصحفيين إلى جمال عبدالناصر، بدأت سنوات المعرفة قبل ثلاث سنوات من قيام الثورة وكانت حرب فلسطين قد انتهت إلى ما نعرفه، خاض حلمى سلام على صفحات المصور قبل الثورة معارك عديدة دفاعاً عن جيش مصر وبطولات أفراده.. ولأول مرة يذكر على صفحات المصور أسماء هؤلاء الأبطال وعلى رأسهم محمد نجيب وجمال عبدالناصر، وبعد الثورة بأسابيع كان أول صحفى مصرى يكشف للقراء عن أسماء أعضاء مجلس الثورة ودورهم فى ثورة 23 يوليو.

لا توجد مجلة أو جريدة صدرت فى مصر قبل ثورة يوليو 1952 لم يعمل فيها صلاح حافظ ولو ليوم واحد، سواء كانت مجلة يقرأها المئات أو حتى عشرات الألوف، وذلك منذ كان طالبا فى كلية الطب عام1948، وفى عصر جمال عبدالناصر تولى صلاح حافظ» اليساري” رئاسة تحرير مجلة آخر ساعة التى تصدر عن أخبار اليوم، وفى عصر أنور السادات تولى رئاسة تحرير “روزاليوسف».

واقترب صلاح حافظ من عشرات الأسماء الصحفية والسياسية اللامعة طوال تلك السنوات، وعن قرب شاهد ولمس ما كان يدور فى كواليس ودهاليز صاحبة الجلالة.

بعد 36 ساعة من قيام ثورة 23 يوليو وقع أول صدام بين الثورة والصحافة، كان الصدام حادًا وعنيفًا وله دوى داخل وخارج مصر! إذ فجأةً صدر الأمر باعتقال الأخوين مصطفى وعلى أمين فجر يوم الجمعة 25 يوليو 1952. كانت التهمة الموجهة للتوأمين هى الاتصال يوم 23 يوليو تليفونيًا بلندن مع وكيل وزارة الخارجية البريطانية وطلبا إليه أن يتدخل الجيش البريطانى ضد الثورة، ذلك الصدام الذى قضى بسببه تسع سنوات فى السجن، حيث عانى من ظروف قاسية، وكتب عن تجربته فى المعتقل فى مجموعة من الكتب، منها» سنة أولى سجن «و»سنة ثانية سجن”، والتى تصف معاناته وآلامه خلال فترة سجنه، بعد وفاة عبدالناصر، قام الرئيس أنور السادات بإطلاق سراح مصطفى أمين فى عام1974، ليعود إلى ممارسة مهنته الصحفية وإنتاج المزيد من المؤلفات التى تتناول مواضيع سياسية واجتماعية.