حماية الأمن الغذائى

هيثم يونس
شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية، وفى مقدمتها الحبوب والقمح والذرة والزيوت النباتية، موجات من الارتفاع والانخفاض بالأسواق العالمية، نتيجة التوترات المتصاعدة والمخاطر المناخية والحرب «الروسية ـ الأوكرانية»، إذ بلغ متوسط مؤشر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو لأسعار الغذاء عالميًا بنحو 159.3 نقاط فى مارس 2022، عقب الحرب «الروسية ـ الأوكرانية» بزيادة بنسبة 12.6%، حيث أدت الحرب إلى حدوث صدمات فى الأسواق التجارية التى توفر هذه السلع الأساسية.
بينما قفز مؤشر أسعار الغذاء العالمية لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو» التابعة للأمم المتحدة، فى سبتمبر 2024، مسجلًا أكبر زيادة له فى 18 شهرًا بدعم من ارتفاع أسعار السكر عالميًا، كما ارتفع مؤشر أسعار الغذاء لتتبع أسعار السلع الزراعية الأكثر تداولًا حول العالم، إلى 124.4 نقطة فى شهر سبتمبر الماضى، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2023 وبزيادة 2.1% على أساس سنوى.
وذكرت «الفاو»، أن مؤشر السكر ارتفع 10.4% على أساس شهرى نتيجة لتراجع توقعات المحاصيل فى البرازيل، ومخاوف من أن قرار الهند بإلغاء القيود على استخدام قصب السكر فى إنتاج الإيثانول، قد يؤثر على توافر الصادرات فى البلاد.
بيما صعدت أسعار الزيوت النباتية 4.6% على أساس شهرى، مع زيادة أسعار جميع أنواع الزيوت من بينها زيت النخيل والصويا وعباد الشمس وبذور اللفت، وزادت أسعار منتجات الألبان 3.8% فى سبتمبر 2024 مع ارتفاع أسعار مسحوق الحليب كامل الدسم ومنزوع الدسم والزبدة والجبن، فيما صعدت أسعار اللحوم 0.4%.
ورفعت «الفاو»، بشكل طفيف توقعاتها لإنتاج الحبوب العالمى للعام الجارى إلى 2.853 مليار طن من 2.851 مليار طن سابقًا، ومن المتوقع أن يزداد استخدام الحبوب عالميًا بمقدار 12.4 مليون طن فى 2024-2025 إلى 2.853 مليار طن.
من جانبه، أكد الدكتور مجدى عبدالفتاح، الخبير الاقتصادى والمصرفى، أن أغلب السلع الغذائية تأثرت بسبب الحرب «الروسية ـ الأوكرانية»، لكن فى الوقت ذاته جاء توجه الدولة المصرية منذ سنوات للاستثمار فى استصلاح الأراضى، وإقامة مشروعات قومية كبرى من أجل حماية الأمن الغذائى المصرى ذاتيًا، كما دشنت الدولة عدة مشاريع زراعية قومية مهمة.
وأضاف «عبدالفتاح»: «أن أبرز هذه المشروعات المتعلقة بزيادة الرقعة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الرئيسية، ومنها مشروع مستقبل مصر، إذ يقع على امتداد طريق محور «روض الفرج – الضبعة» الجديد، ويعمل المشروع على زيادة مساحة الأراضى المستصلحة بداية من عام 2018 لتصل إلى 20 ألف فدان، وعام 2022 تصل إلى 250 ألف فدان، وعام 2023 لتصل إلى 600 ألف فدان، وعام 2024 لتصل إلى 800 ألف فدان، وعام 2025 لتصل إلى 1.6 مليون فدان، وعام 2027 لتصل إلى 4.5 مليون فدان، وهو ما يساعد بجانب المشروعات القومية الأخرى التى تقوم بها الدولة المصرية إلى زيادة مساحة الأراضى المنزرعة، وبالتالى زيادة حجم المحاصيل الزراعية وتقليل الواردات.
وتابع الخبير الاقتصادى: «أن المشروع يوفر أيضًا منتجات زراعية ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة للمواطنين، وتوفير احتياطى استراتيجى آمن، من السلع الأساسية بمتوسط مدة كفاية تفوق الـ6 أشهر لسلة السلع الاستراتيجية الأساسية وعلى رأسها «القمح ـ السكر ـ الزيوت ـ اللحوم ـ الدواجن».
وأوضح «عبدالفتاح»، أنه تم تنفيذ الخطة القومية لبناء الصوامع، وذلك من خلال زيادة السعات التخزينية للصوامع من 3.4 مليون طن إلى 6 ملايين طن مع استكمال برنامج توطين صناعة الصوامع فى مصر، مشيرًا إلى أن الدولة قامت بتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية ودعم برامج تكافل وكرامة، إلى جانب ما تقوم به من دعم للسلع التموينية وتوفير العديد من المنافذ لبيع السلع بأسعار مخفضة لحماية الطبقات المتوسطة والفقيرة.
فيما قال الدكتور محمد أنيس، المحلل الاقتصادى: «إن أسعار الحبوب والنفط كانت قد شهدت موجات ارتفاع فى السوق العالمية لمدة ٦ أشهر، منذ اندلاع الحرب «الروسية ـ الأوكرانية»، ثم انخفضت إلى مستوياتها الطبيعية، مؤكدًا أن مصر قامت بالتحوط لتلك الظروف بوتيرة متسارعة، بإقامة العديد من المشروعات القومية التى تحقق الاكتفاء الذاتى من ناحية، بالتواكب مع الاستثمار فى قدراتها التخزينية لتوفير احتياطى استراتيجى آمن من الحبوب، والتوسع فى الاستثمار بالموانئ المصرية لاستقبال شحنات أكبر من السلع الأساسية.