«قناة السويس» شريان تجارى عالمى

محمود محرم وزينب ميزار
أكد خبراء فى القانون الدولى، أن قناة السويس تعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، ولا تمتلك مصر منع مرور السفن إلا إذا كانت فى حالة حرب مع الدولة التى تمر سفنها، وذلك وفقًا لاتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التى تلزم مصر بضمان حق المرور البريء فى قناة السويس، مشيرين إلى أن هذا الالتزام يأتى فى إطار منظومة متكاملة من الحقوق والواجبات الدولية.
قال الدكتور صلاح الطحاوى، أستاذ القانون الدولى: إن قناة السويس تعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، ولهذا فإن المرور عبرها يخضع لضوابط صارمة تنظمها القوانين الدولية، ولاسيما اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التى تضمن حرية الملاحة فى القناة لكل الدول، حتى فى أوقات الحرب، مع احترام السيادة المصرية وتطبيق القوانين الدولية التى تنظم سلامة وأمان الملاحة.
وأوضح الطحاوى فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف»، أن منع مرور السفن فى القناة لا يتم إلا لأسباب قانونية محددة وفقًا لقانون الملاحة الدولية ولا تملك مصر حق منع مرور السفن وقت السلم أو الحرب، لكن فى حالة نشوب حرب مع دولة ما فإن مصر لها الحق فى منع مرور سفن هذه الدولة، لكن فيما عدا ذلك فإن مصر لا تستطيع منع مرور السفن وإلا ستوقع عليها عقوبات دولية.
وأشار إلى أن مصر، فى إدارتها لقناة السويس، تسعى باستمرار إلى تطوير بنية القناة وتحديث أنظمتها الأمنية والملاحية بما يواكب التطورات العالمية، ما يضمن استمرارية دور القناة كممر آمن للتجارة الدولية، ويعزز من ثقة المجتمع الدولى فى إدارتها لهذا الشريان الحيوى.
وأكد الدكتور محمد عطا الله، أستاذ القانون الدولى، أن قناة السويس مجرى ملاحى دولى لا تمتلك مصر منع أى من الدول التى تعمل إلا إذا كانت فى حالة حرب مع هذه الدولة وهذا حصل بالفعل بعد عام 67 وعام 73، كنا فى حالة حرب مع إسرائيل وبالتالى منعت مصر مرور السفن وعطلت المرور فى قناة السويس وبعد عام 1973، تم تطهير قناة السويس بواسطة عدد من الدول فى المجتمع الدولى من الألغام والمخلفات وتم عقد اتفاقية السلام مع إسرائيل وتم السماح للسفن الإسرائيلية لقناة السويس.
ولفت عطا إلى أن المرور فى قناة السويس يتم وفقًا للاتفاقية الموقعة فى 29 أكتوبر سنة 1988 وكان أطرافها المملكة المتحدة «بريطانيا العظمى ـ إيرلندا ـ امبراطورية الهند ـ ألمانيا ـ روسيا ـ النمسا ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ مدينة لوكسمبورج»، والدولة العثمانية بصفتها التى كانت تقع مصر تحت سيادتها، علمًا بإن مصر كانت مستقلة فى عام 1805، إلا أنها ما زالت تقع تحت السلطة العثمانية، وبالتالى هذه الاتفاقية تورث بعدما حصلت مصر على استقلالها.
وتابع: هذه الاتفاقات تنتقل من السلف إلى الخلف، كما أن الاتفاقات الدولية أحد أركان القانون الدولى الذى يجب الالتزام به ولا يوجد أى مبرر فيه للقول أو الادعاء بأن قناة السويس لم يكن تم تأسيسها بمصر حينها، مشيرًا إلى أن المادة 1 والمادة 4 تضمن حرية الملاحة للسفن المدنية والحربية فى حالة السلم والحرب دون تمييز على حد سواء لجميع أطراف المجتمع الدولى، إلا أن المادة 10 كانت تعطى الحق للحكومة العثمانية والآن تنتقل بحكم انتقال الاتفاقية إلى مصر تعطى الحق للحكومة المصرية فى تعطيل التزاماتها المنصوص عليها فى المواد 1و5و7و8 وذلك لحفظ النظام العام والدفاع عن مصر ضد أى عدوان.
وأضح أستاذ القانون الدولى أنه فى الحرب العالمية الأولى كانت بريطانيا فى طرف والدولة العثمانية فى طرف آخر، وبريطانيا منعت مرور الدولة العثمانية والدول المؤيدة لها والمتحالفة معها أيضًا من المرور فى قناة السويس، وفى الحرب العالمية الثانية كذلك تم منع هذه الدول من المرور فى قناة السويس، حينما قامت حرب 1948 حتى 67، إذ تم منع مرور السفن الإسرائيلية بصفتها فى حالة عدائية مع مصر، ومن هنا يكمن الاستثناء من نص المادة 4و5 و7 و8 وقامت مصر بتطبيق الماة 10 بأنها عطلت أو منعت مرور السفن الحربية الإسرائيلية لأنها كانت فى حالة حرب مع مصر، وبالتالى من حق مصر أن تمنعها للدفاع عن إقليمها وحفظ النظام العام دون الإخلال بالمرور لباقى الدول من قناة السويس.
وأضاف: ظل الوضع كذلك حتى إبرام اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، بأن تعبر سفنها قناة السويس سواء السفن الحربية أو المدنية، بينما تم غلق القناة كان فى 1959 وعام 1957 ومن 67 إلى 75 أصبحت قناة السويس تحت السيادة المصرية لإزالة جميع المخلفات والألغام وتطهير قناة السويس لتكون جاهزة لمرور السفن الحربية والمدنية للمجتمع الدولى، وفى عام 1979 وقعت مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل وأصبحت مصر ملزمة تجاه إسرائيل بالسماح للسفن المدنية والحربية بالمرور لأن إسرائيل لم تكن فى حالة حرب مع مصر.
أما الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولى، أكد أن اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 والقانون الدولى يلزمان الدول بضمان حق المرور البريء فى الممرات المائية الدولية، مشيرًا إلى أن هذا الالتزام يأتى فى إطار منظومة متكاملة من الحقوق والواجبات الدولية.
وأوضح أن القانون الدولى والاتفاقات المنظمة لحركة الملاحة فى قناة السويس تمنح مصر الحق فى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية القناة وضمان سلامة الملاحة فيها، بما فى ذلك تقييد مرور السفن التى قد تعرض سلامة القناة للخطر أو تهدد الأمن القومى المصرى، مشيرًا إلى أنه فى ضوء عدم الالتزام بالقانون الدولى وخرق القانون الدولى الإنسانى، وحين يتعلق الأمر بالدول التى تنتهك بشكل متكرر قواعد القانون الدولى وتتجاهل قرارات الشرعية الدولية وتخرق التزاماتها التعاهدية يجب أن يفرض عليها عقوبات من جانب كل الدول حتى ولو بشكل استثنائى عن القواعد المقرره.
ولفت الخبير الدولى إلى أن التاريخ يشهد بحالات تم فيها تقييد حركة السفن الحربية للدول، مستشهدًا بإجراءات اتخذت فى قناة بنما وممرات مائية دولية أخرى خلال أزمات دولية مختلفة،.
وحول الأساس القانونى لهذه الإجراءات، أشار مهران إلى أن اتفاقية القسطنطينية تمنح مصر صلاحيات واسعة لحماية أمنها القومى وسلامة الملاحة فى قناة السويس، مؤكدًا أن هذه الصلاحيات تتسع لتشمل اتخاذ إجراءات تقييدية ضد الدول التى تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
وتابع: نحن أمام وضع استثنائى يتطلب مراجعة شاملة لآليات تطبيق القانون الدولى، خاصة فى ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لقواعد القانون الدولى الإنسانى وقرارات الشرعية الدولية واتفاقيات السلام.
«الطحاوى»:

العبور يخضع لضوابط صارمة تنظمها القوانين الدولية
«مهران»:

لنا الحق فى تقييد حركة السفن التى قد تعرّض سلامة القناة للخطر أو تهدد الأمن القومى