خطوة على طريق تكامل وادى النيل
إعادة إعمار السودان.. تبدأ من مصر
تقرير - أحمد إمبابى
كانت القاهرة شاهدة على محطة جديدة، من محطات التعاون والدعم المصرى للسودان، هذا الأسبوع، باستضافة الملتقى المصرى.. السودانى الأول لرجال الأعمال، وسط مشاركة رسمية لوزراء من حكومتى البلدين، إلى جانب مشاركة واسعة من ممثلى مجتمع الأعمال بالبلدين.
وتواصل مصر دعمها للأشقاء فى السودان، لتجاوز محنة الحرب الداخلية، المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام، حيث تتنوع مساهمات القاهرة، المساندة للحكومة السودانية والشعب السودانى، على الصعيد السياسى والاقتصادى والشعبى والإنسانى، فإلى جانب الموقف المصرى الثابت الداعى لحتمية وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة وسيادة السودان، مع العمل على إنفاذ المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، تعمل القاهرة، على دعم المؤسسات الوطنية السودانية، حماية لمقدرات الدولة السودانية، ولضمان الحفاظ على وحدة وسيادة السودان.
من هذا المنطلق، جاءت مبادرة ملتقى رجال الأعمال المصرى - السودانى، التى استهدفت مواصلة تعزيز المشاركة فى مجالات عدة، أهمها دعم الاستثمارات المشتركة، ورفع معدلات التبادل التجارى، إلى جانب العمل على تحقيق الأمن الغذائى للبلدين، وفرص مشاركة الشركات المصرية فى عملية إعادة الإعمار بالسودان، ما بعد الحرب.
وشارك فى الملتقى، نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، ووزير التموين شريف فاروق، فيما مثل السودان وفد حكومى، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصرى - السودانى، وروابط الجالية السودانية بمصر.
دعم النمو الاقتصادى
عبّر وزير النقل والصناعة، الفريق كامل الوزير، عن الموقف المصرى برعاية الملتقى، كونه «يهدف إلى تعزيز أطر التعاون الراسخ بين البلدين، وتعظيم الاستفادة من قدرات وإمكانيات البلدين، وتعزيز مستويات التبادل التجارى»، وتعزيز مستويات التبادل التجارى، وخلق أطر جديدة لامتصاص تداعيات الحروب، التى أثرت على الاقتصاد وآلياته، وتوقف عجلة الإنتاج، معتبرا أن التعاون هو المفتاح الرئيسى لمواجهة هذه التحديات، مشيرا إلى أن «مصر كانت ولا تزال السند والداعم الحقيقى لكل الدول العربية، فى ضوء ما تواجهه من تحديات»، وشدد على أن «الوحدة الوطنية بين الدول ستساهم فى تخطى جميع التحديات، وعبور الأزمات التى يمر بها العالم».
ووضع الوزير مجموعة من المحددات والمستهدفات الخاصة بالتعاطى المصرى، مع تطورات الوضع بالسودان، وقال إن مصر «ستواصل تقديم دعمها للسودان، والعمل على عودة الاستقرار إلى أرضه، ونمو اقتصادها»، مشيرا إلى أن «التحديات الكبيرة التى تواجه البلدين، تتطلب توحيد الجهود بين البلدين».
مشروعات جديدة للنقل والتجارة
عدّد وزير النقل والصناعة مجموعة من الروابط التى تعزز التعاون الاقتصادى والاستثمارى والتجارى بين البلدين، مشيرا إلى توافر شبكات النقل بين مصر والسودان، حيث يربط البلدين، من خلال ثلاثة محاور للنقل البرى، هى «توشكى – أرقين»، و«قسطل- وادى حلفا»، و«حلايب-بورسودان».
وكشف عن مجموعة مشروعات لتعزيز وسائل النقل بين مصر والسودان، منها التخطيط لإنشاء محطة سكك حديدية تبادلية فى مدينة «أبوسمبل» لتبادل الخدمة بين الخط الأول للقطار الكهربائى السريع، وخط سكة حديد جديد مخطط إنشاؤه من أبو سمبل حتى وادى حلفا، بالإضافة إلى وجود 3 موانئ برية على الحدود المصرية - السودانية وهى (قسطل- أرقين- رأس حدربة) ومخطط إنشاء مناطق لوجستية فى قسطل وأرقين لخدمة حركة التجارة بين البلدين فضلًا عن الطريق الملاحى (أسوان - وادى حلفا) عبر بحيرة ناصر، حيث تقوم وزارة النقل المصرية حاليًا بإنشاء رصيف نهرى جديد بميناء وادى حلفا فى السودان.
وأكد وزير النقل والصناعة على أهمية تعميق الاستثمار الصناعى بين مصر والسودان، لما فيه من تحقيق منافع متبادلة، وإيجاد فرص عمل، وتوفير المعدات والآلات وتعميق المكون التقنى للصناعة، وأكد أن الملتقى سيشكل نواة لشراكة فى التكامل الصناعى بما يتيح قدرة أكبر على التكامل الإقليمى، بما ينعكس على حجم التبادل التجارى بين البلدين، وقال إن مصر تتطلع إلى زيادة توجه الشركات السودانية للاستثمار والعمل فى مصر للاستفادة من المناخ الجاذب للاستثمار.
تحقيق الأمن الغذائى
وفى كلمته أكد وزير التموين، شريف فاروق، أن أهمية التكامل الاقتصادى بين مصر ودول حوض النيل، وخاصة السودان، وأشار إلى أهمية التعاون المشترك بين البلدين وتحسين سلاسل الإمداد خاصة فى مجال الامن الغذائى، لاسيما بعد الخطوات الكبيرة التى اتخذتها الدولة المصرية فى تنفيذ خطتها لتطوير البنية التحتية من تطوير للطرق وزيادة السعات التخزينية.
ودعا رجال الأعمال المصريين والسودانيين لتعزيز التعاون الجاد واستغلال رسوخ العلاقات بين البلدين لفتح شرايين اقتصادية جديدة تعمل على خدمة الشعوب وتفتح المجال للتعامل فى الصناعات المختلفة وسلاسل الإمداد وبناء المناطق اللوجيستية بما يساهم فى تحقيق الأمن الغذائى المستدام، وشدد على التزام وزارة التموين والتجارة الداخلية بتوفير بيئة محفزة على الاستثمار والتعاون وتسهيل التجارة الداخلية خاصة ما يدعم الأمن الغذائى، ومن ثم الأمن القومى للبلدين الشقيقين.
تحالف استراتيجى اقتصادى
بينما تحدث وزير التموين والتجارة السودانى، عمر محمد أحمد، عن تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية فى بلاده، مشيرا فى كلمته بالملتقى، إلى “حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات فى مجال الأمن الغذائى”، داعيا إلى “تأسيس تحالف استراتيجى اقتصادى تجارى بين البلدين”.
وقال إن الفرص التجارية بين البلدين كثيرة ومتنوعة، بدءًا من المشاريع الزراعية التى يمكن أن تسهم فى تحقيق الأمن الغذائى للبلدين، وصولًا إلى مشروعات البنية التحتية فى مجالات مثل النقل والطاقة، وقال إن قطاع التجارة الداخلية والتموين يعد من القطاعات الواعدة التى نطمح إلى تعزيز التعاون فيها، ليتمكن البلدان من استغلال مواردهما الطبيعية بشكل مشترك.
واعتبر أن الملتقى بداية لمرحلة جديدة من التعاون، المستدام بين البلدين، وعبر عن أمله أن يكون خطوة نحو شراكات استراتيجية تسهم فى نمو اقتصادينا وتحقق الفائدة لجميع الأطراف المعنية.
إعادة الإعمار
اعتبر السفير السودانى بمصر، عماد الدين عدوى، أن «مبادرة انعقاد ملتقى رجال الأعمال بين البلدين، تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار فى بلاده بعد الحرب»، مشيرا إلى أن «الشركات المصرية (حكومية وخاصة)، الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».
ونوه عدوى إلى أن “الحرب أثرت على النشاط الاقتصادى لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجارى”، غير أنه أشار إلى أن “نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيرا، إذ حافظت على استقرارها عامى 2022، و2023”، وقال إن “من أهداف الملتقى دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائى”.
وسجل حجم التبادل التجارى بين مصر والسودان، 1.4 مليار دولار، خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار فى عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 بالمائة، وفق إفادة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المصرى، فى مارس الماضى.
ودعا السفير السودانى فى القاهرة إلى تبنى الملتقى لآليات مبتكرة تدعم المساعى الرسمية والوطنية، فى تجديد التعبئة اللازمة لقطاعات الدولة السودانية، على أن ترتكز مساعى الإعمار على مراجعة وتأهيل القدرات المالية والبشرية والبنية التشريعية، على أن يتم اقتراح آلية عمل مناسبة يتم تبنيها من البلدين.
وفى المؤتمر الصحفى، الذى أعقب انعقاد الملتقى، قال السفير السودانى بالقاهرة، إن من ضمن الأهداف الاستراتيجية لعقد المنتدى هو تسليط الضوء على خطط الدولة السودانية فى إعادة الإعمار بعد الحرب، ودراسة وإنشاء مشروعات للاستثمار المباشر بين السودان ومصر وبحث الفرص الاستثمارية الجديدة بين البلدين، ورفع حجم التبادل التجارى بما يتوافق مع تطلعات شعبى البلدين الشقيقين ويعبر عن قوة ومتانة العلاقات المصرية - السودانية.