الثلاثاء 11 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصير واحد لشعبى وادى النيل

رسالة مصر للسودان.. «كل الدعم» لتجاوز أزمة الحرب

وزير الخارجية مع البرهان
وزير الخارجية مع البرهان

قدمت مصر رسالة جديدة إلى السودان، للتأكيد على موقفها الداعم للدولة السودانية، فى ظل محنة الحرب الداخلية الحالية، ولتجاوز معاناة النزاع المسلح، مع الحفاظ على وحدة واستقرار السودان، وكامل سيادته على أراضيه، فضلًا عن التضامن مع الشعب السودانى فى هذه المحنة الصعبة.



الرسائل المصرية، أكد عليها وزير الخارجية المصرى، الدكتور بدر عبد العاطى، خلال زيارته إلى مدينة بورتسودان، الثلاثاء الماضى، فى أول زيارة لوزير الخارجية المصري، لتلك المدينة منذ اندلاع الحرب الداخلية، ما يعكس الحرص المصرى على التضامن مع السودان فى هذه المحنة، وللتأكيد على محددات الموقف المصرى الداعية لحلول سياسية شاملة للأزمة، وإنهاء العدائيات، والتأسيس لحل سياسى تتفق عليه جميع الأطراف السودانية.

زيارة وزير الخارجية لبورتسودان، جاءت بعد أيام من استضافة القاهرة، للملتقى المصرى السوداني، بحضور حشد كبير من رجال الأعمال بالبلدين، والذى استهدف تعزيز التعاون الاقتصادي، والتخطيط لجهود إعادة الإعمار فى السودان، والعمل على تحقيق الأمن الغذائى المشترك بالبلدين.

ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و”قوات الدعم السريع”، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت “نحو 13 مليون سودانى للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار”، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى إبريل الماضي، خسائر السودان الاقتصادية، بنحو 25 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالي، خلال سنة واحدة من الحرب.

رسالة مصر

خلال زيارة وزير الخارجية إلى بورتسودان، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، حيث سلم رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الفريق البرهان، تتعلق بالتعاون بين البلدين.

وحسب إفادة من مجلس السيادة السوداني، قال وزير الخارجية المصري :إن زيارته للسودان، جاءت لنقل رسالة دعم وتضامن كامل من الدولة المصرية للسودان، مشيرا إلى أن اللقاء تطرق لمجمل التطورات فى المنطقة وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتقديم كل الدعم الممكن للأشقاء السودانيين مؤكداً تضامن الشعب المصرى مع الشعب السوداني.

وحسب الخارجية المصرية، فإن الوزير بدر عبد العاطي، أكد بذل كل المساعى الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان، مشيرا إلى أن الزيارة جاءت للإعراب عن تضامن مخلص مع السودان، فى هذا المنعطف التاريخي، مؤكدا حرص مصر على الانخراط بفاعلية فى الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار فى السودان الشقيق، وبما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه.

بينما أشار وزير الخارجية السوداني، السفير على يوسف، إلى أن الفريق عبد الفتاح البرهان، تسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي، تؤكد المصير المشترك لشعبى وادى النيل.

وخلال زيارته للسودان أجرى الوزير عبد العاطي،مشاورات مع نظيره السوداني، على يوسف الشريف، حيث استعرض موقف مصر الداعى لوقف فورى لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأشار إلى أهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية.

وشدد الوزير عبد العاطى على دعم مصر الكامل للسودان قيادة وشعبا، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني.

وحرص الوزيران، على تناول ملف الأمن المائى باستفاضة، فى ظل مواقف البلدين المتطابقة باعتبارهما دولتى مصب على نهر النيل، واتفقا على الاستمرار فى التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائى المصرى والسودانى.

وتضمنت زيارة الوزير عبد العاطى لقاء مع الفريق إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة الانتقالى مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، حيث أكد موقف مصر الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضى السودانية.

عضوية الاتحاد الإفريقى

وأعلن وزير الخارجية، عن دعم مصر لاستئناف السودان، لعضويته ونشاطه فى الاتحاد الإفريقي، وقال: إن مصر حريصة على استعادة السودان لعضويته ونشاطه فى الاتحاد الإفريقى مؤكداً استعداد بلاده لبذل كل ما فى وسعها من أجل استئناف السودان لنشاطه داخل الاتحاد الإفريقى فى أقرب وقت ممكن.

وتبذل مصر خلال الفترة الأخيرة جهودا لدعم عودة عضوية السودان، للاتحاد الإفريقي، بعد تجميدها منذ أكتوبر 2021، حيث حرصت القاهرة عند رئاسة مجلس السلم والأمن الإفريقى فى شهر أكتوبر الماضي أن تجرى زيارة للمجلس، كانت الأولى له منذ اندلاع الحرب فى السودان، وترأس وفد المجلس السفير الدكتور محمد جاد، سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الإفريقي، حيث أبدى مجلس السلم والأمن، مرونة فى موقفه من عودة السودان لعضويته للاتحاد الإفريقي، ودعا لفتح مكتب اتصال للاتحاد فى بورتسودان.

كما نوه الوزير بدر عبد العاطي، لتلك الخطوة، خلال مشاركته فى الاجتماع الافتراضى لمجلس السلم والأمن الإفريقي، الأسبوع الماضي، حينما أشار إلى أن فرض العقوبات على الدول، وتزايد حالات تعليق عضوية الدول داخل الاتحاد الإفريقي، قد لا يساهم دائماً فى حل الأزمات، بل قد يؤدى فى بعض الأحيان إلى تفاقم العنف وزيادة معاناة الشعوب، ودعا إلى تبنى استراتيجيات أكثر إيجابية تقوم على تعزيز المؤسسات الوطنية ودعم الدول الإفريقية فى فترات الانتقال.

الاستثمار وإعادة الإعمار

وعقد وزير الخارجية، لقاء مع ممثلى مجتمع الأعمال السودانى لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التى يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجارى بين البلدين الشقيقين.

وأشار بدر عبد العاطي، إلى الملتقى الاقتصادى لرجال الأعمال فى البلدين الذى انعقد مؤخراً فى القاهرة.

بينما لفت وزير الخارجية السوداني، إلى أن زيارة نظيره المصري، جاءت ضمن جهود مصر لإنهاء الحرب لصالح الشعب السوداني، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإخراج السودان من النفق المظلم الذى أدخلته فيه هذه الحرب ومن وقف وراءها.

عملية سياسية شاملة

والتقى الوزير بدر عبد العاطي، مع مجموعة من السياسيين السودانيين وممثلى المجتمع المدنى السوداني، حيث أكد إيمان مصر بأن مستقبل السودان يرسمه السودانيون وحدهم بدون تدخل أى طرف، مشيراً إلى أن مصر لا تنحاز لأى طرف محدد فى السودان، وإنما تنحاز لشعب السودان، وللمؤسسات الوطنية للدولة التى تعتبر ركناً أساسياً فى حفظ الدولة ومقدراتها، وشدد على الضرورة القصوى لوقف إطلاق النار، وبدء عملية سياسية شاملة لمرحلة انتقالية تحقق طموحات الشعب السوداني، مؤكداً دعم مصر لما سيتفق عليه السودانيون.

أشار وزير الخارجية إلى المسئولية الخاصة والتاريخية لكافة القوى المدنية والسياسية السودانية للحفاظ على بلدهم ومنع تفككه، وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية والبدء فى عملية سياسية شاملة تحقق الاستقرار والأمن، وترقى لتطلعات وآمال كافة أبناء الشعب السوداني، مشيداً بشكل خاص بدور المرأة السودانية وإسهاماتها الكبيرة فى إثراء الحياة السياسية السودانية وتعظيم دور المجتمع المدنى السوداني، كما حرص وزير الخارجية على استعراض الجهود التى تبذلها مصر على المستويين الدولى والإقليمى لإيضاح حقيقة الصراع الحالى فى السودان، والدفاع عن مصالحه فى المحافل المختلفة.

علاقات ذات خصوصية

وأكد أمين العلاقات الخارجية بجمعية الصداقة المصرية السودانية، محمد جبارة، أن العلاقات السودانية المصرية علاقات ذات خصوصية لما تتميز به من مصالح مشتركة وتاريخ مشترك، وقال: إن ما يربط البلدين أكثر بكثير مما يفرقهم، وقال نحن كما قال الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى “إننا شعب واحد فى بلدين”.

وأوضح جبارة فى تصريحات صحفية، أنه رغم تعرض العلاقات بين البلدين إلى بعض الهزات فى فترات متفاوتة ولكنها كانت تعود أقوى وأمتن من سابقتها لعلم قيادة البلدين أن خيارهما ومستقبلهما واحد وأنهما عمق استراتيجى لبعضهما البعض ولا يمكن أن ينفصلا، معربا عن أمله بقيام دولة وادى النيل التى تضم الشعبين بكل خيراتهما وإمكانياتهما المتعددة لتشكل دولة لها وزنها فى العالم.

وأشاد باستضافة مصر ملايين السودانيين، بعد اندلاع الحرب الحالية، وقال :إن مصر فتحت ذراعيها لاستقبال السودانين، وقدمت كل التسهيلات لدخولهم، محذرًا من بعض الجهات التى تقلل من هذا الموقف وحفاوة الاستقبال.