الإثنين 20 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قيسارية عربية أبدية

قيسارية عربية أبدية

 منذ أسابيع قليلة تعرّض منزل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى مدينة قيسارية لهجوم نفذته طائرة مسيرة، وتبين  من هذا الخبر أن نتنياهو يقيم فى هذه المدينة التى لها جذور تاريخية ترجع إلى خمسة آلاف عام، فأردت أن يطلع القارئ على نبذة عن  تاريخ هذه المدينة لنثبت ونؤكد أصولها العربية، فقبل الميلاد بـ ٣٠٠٠ عام تقريبًا، هاجر العرب الكنعانيون من شمال شبه الجزيرة العربية إلى ارض كنعان (فلسطين حاليا) وأنشأوا مدنا كثيرة مثل مدينة  (يبوس) وهى (القدس حاليا) ومدينة قيسارية، وقد أطلقوا عليها فى البداية اسم: (برج ستراتون)، ووهى تتمتع بموقع متميز، على بعد ٥٥ كيلومتراً شمال تل أبيب، وعلى بعد ٣٧ كيلومتراً جنوب غرب حيفا، وترتفع عن سطح البحر ٢٥ متراً، ولها أهمية إستراتيجية لإطلالها على البحر الأبيض المتوسط وهى مدينة عريقة، شهدث أحداثا تاريخية كثيرة فغزاها الفراعنة بقيادة تحتمس الثالث ثم رمسيس الثانى  فى فجر التاريخ ثم الإغريق واستولى عليها الرومان عام ٦٣ ق م على يد القائد الرومانى (بُومبى)، ثم فى عصر الملك (هيرودس) أعاد تعميرها، وأعاد تشيدها مرةً أخرى، وسمَّاها: قيصارية – بحرف الصاد- (نسبة إلى أغسطس قيصر)، وفى عام ٦١٣م استولى عليها الفرس، ثم حررها هرقل عام ٦٢٧م، وظلَّت تحت يديه حتى الفتح الإسلامي، بقيادة معاوية بن أبى سفيان عام ٦٤٠م. وفى العصر العباسى تعرَّضت المدينة للاحتلال الصليبى فى القرن الخامس الهجرى عام 1099م، ثم استردها المسلمون بعد ذلك بعد موقعة حطين عام 1186 م، بقيادة الناصر صلاح الدين ثم استولى عليها الصليبيون مرة أخرى، وأعادوا تحصينها، وفى عام 1251 عزز الملك الفرنسى لويس التاسع دفاعات المدينة إلى أن استردها فى النهاية المصرى  الظاهر بيبرس من قبضة الصليبيين عام 664 هـ / 1265م، ثم دخلها  العثمانيون  بقيادة سليم الأول عام 1517 م  وسيطروا عليها لمدة ٤٠٠ عام إلى أن استولى عليها الإنجليز فى الحرب العالمية الأولى عام 1917، وأثناء حكم العثمانيين استولى عليها محمد على باشا الكبير فى الفترة من 1832 إلى عام 1840وفى عام 1880، استقرت عشرات العائلات البوسنية فى قيسارية، التى كانت خربة قبل أن يبنوا فيها، بحسب كتاب «كى لا ننسى» لوليد الخالدى، عشرين منزلاً حجرياً مع أقبية ومخازن للمؤن ومسجداً، ويؤسسوا فيها فى سنة 1884 مدرسة ابتدائية للبنين، وكانت أراضيها خصبة مكّنتهم من مزاولة الزراعة فيها؛ كما كان يوجد فيها ميناء صغير قديم، ومع بداية الحركة الصهيونية بقيادة الصحفى النمساوى اليهودى هرتزل والمؤتمر الصهيونى الأول عام 1897 والحصول على وعد بلفور عام 1917م من الحكومة البريطانية وازدياد النشاط الصهيونى وتهجير اليهود إلى فلسطين،واعلان قيام الدولة الصهيونية فى 15 مايو 1948، وبداية الصراع العربى الاسرائيلى والحرب العربية الاسرائيلية وحدوث النكبة بهزيمة القوات العربية بقيادة البريطانى جنرال جلوب السبب الرئيسى فى حدوث النكبة، اصبحت المدينة فى قبضة الصهاينة ودمرت قوات الهاغانا الصهيونية منازلها وهّجرت سكانها. واليوم أصبحت قيسارية من المدن الهامة ويسكنها رئيس وزراء الدولة الصهيونية، ووفق مجلة هداسا الإسرائيلية، فإن أحياء قيساريا الأحدث عمراً تسكنها «جاليات من المهاجرين الأثرياء» من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا فضلاً عن أثرياء إسرائيل الجدد، ومن بينهم الأطباء ورجال الأعمال فى مجال التكنولوجيا. ولكن إذا طمس اليهود معالمها، فهى لا تزال فى قلب التاريخ، وستعود قيسارية عربية أبدية