عندما تتقطع روابط الدم
الجرائم الأسرية مأساة تحت سقف واحد

إبراهيم الصعيدى
انفلات أخلاقى
أم انهيار قيم؟
مع تسارع وتيرة التطور والانفتاح على ثقافات العالم، باتت القيم الأسرية فى المجتمع المصرى تواجه تحديات خطيرة، فى ظل تراجع الوازع الدينى والأخلاقيات المجتمعية التى كانت تشكل صمام أمان لسلامة الأسرة.. هذا التغيير الملحوظ أفرز ظواهر مقلقة، أبرزها ارتفاع معدلات الجرائم الأسرية، التى أثارت فزعًا كبيرًا فى المجتمع.
جرائم تهز الضمير
شهدت محافظات مصر وقائع مروعة كان أبطالها أفراد ذات الأسرة، مما كشف عن تحول خطير فى طبيعة العلاقات الأسرية:
القليوبية
شقيق يطعن شقيقته حتى الموت، تاركًا ثلاثة أطفال فى مأساة.
المنيا
مدمن يقتل والدته التى حملته وربته، فى مشهد مؤلم يعكس قسوة الإدمان.
الغربية
شاب يقتل والدته واثنين من أشقائه فى جريمة هزت الأوساط المحلية.
حلوان
شاب ينهى حياة والده المسن بطريقة مروعة.
الجيزة
عاطل يحرق شقيقته حيّة بسبب نزاع مالى.
القاهرة
شاب يقتل والدته وشقيقه فى محاولة لمنعهما من التدخل فى أسلوب حياته.
أسيوط
أب ينهى حياة ابنه المدمن فى محاولة يائسة لإنقاذه من براثن الإدمان.
آراء الخبراء
تحدث الخبراء عن الأسباب الكامنة وراء هذه الجرائم، مؤكدين ضرورة التدخل السريع من جميع مؤسسات المجتمع.
الدكتورة سوسن فايد، أستاذة الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ترى أن الجرائم الأسرية بهذا الشكل البشع ترتبط بعوامل عدة، أبرزها:
الإدمان..الأمراض النفسية..الانفلات الأخلاقى.
وشددت على أهمية التوعية والرقابة الأسرية، إضافة إلى تعزيز التواصل المجتمعى للحد من هذه الظواهر الخطيرة.
البيئة والمجتمع
الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أوضحت أن البيئة والمجتمع لعبا دورًا فى تغيّر سلوكيات الأفراد، مشيرة إلى أن الإدمان، وأصدقاء السوء، والعنف الأسرى تعد أبرز أسباب هذه الظواهر.
وأكدت أن غياب الرقابة الأسرية، وانتشار مشاهد العنف فى الأفلام، يشكلان عوامل ضغط خاصة على فئة الشباب والمراهقين.. فيما أشار الدكتور وليد رشاد، الأستاذ المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أن منصات التواصل الاجتماعى والتكنولوجيا الحديثة أسهمت فى تفكك الروابط الأسرية، وأضعفت الخصوصية، مما زاد من جرأة البعض على ارتكاب الجرائم.. وشدد على أهمية فرض آليات رقابية على منصات السوشيال ميديا للحد من نشر مقاطع العنف التى تحفز على ارتكاب الجرائم.
ماذا بعد؟
أجمع الخبراء على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة تعزز من قيم الأسرة وترسخ مبادئ الدين والأخلاق، مع تعزيز دور الدولة فى التصدى لهذه الظواهر من خلال حملات توعية مكثفة، وتشديد الرقابة على المحتوى الإعلامى الموجّه للشباب.
بات المجتمع المصرى بحاجة ماسة إلى استعادة القيم الأسرية الأصيلة، لتحصين أبنائه من أخطار الانفتاح غير المنضبط، وضمان استقرار الأسرة التى تشكل عماد المجتمع وسرّ قوته.