مصر مركز إقليمـى للطاقة المتجددة
ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية

سامى عبد الرحمن وسمر حسن
تمتلك مصر مصادر متنوعة الطاقة المتجددة، خاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مما يؤهلها لتكون واحدة من أكبر منتجى الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر على مستوى العالم، ولهذا وضعت الحكومة «استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة» حتى عام 2040، وفى ظل الأوضاع العالمية والتغيرات الاقتصادية، وظهور تكنولوجيات جديدة كالهيدروجين الأخضر، وسعى دول العالم لتقليل الانبعاثات الكربونية وتقليل الاعتماد على «الوقود الأحفوري»، عملت مصر زيادة نسبة مشاركة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة المصري، وإدخال عنصر الهيدروجين الأخضر فى مزيج الطاقة، علاوة على إقامة العديد من محطات توليد الكهرباء النظيفة «شمسية - رياح - نووية»، الأمر الذى يسهم فى دعم خطط التنمية على جميع الأصعدة.
انطلاقًا من التحديات العالمية الراهنة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وضعت مصر خطة قومية للاستفادة من ثرواتها الطبيعية فى إنتاج الطاقة، باعتبارها الركيزة الأساسية لإحداث التنمية الشاملة، إذ عملت القيادة السياسية، خلال السنوات الماضية، على الاستفادة بثروات مصر من مصادر الطاقة المتجددة، ممثلة فى طاقتى الشمس والرياح، فهناك آلاف الكيلو مترات الصالحة لإقامة محطات رياح وطاقة شمسية عليها، لتغذية المناطق العمرانية والصناعية، بالإضافة لقيام الدولة على إيجاد مصدر نظيف من الطاقة النووية، علاوة على استغلال هذه الثروات بشكل كبير، كركيزة أساسية تقوم عليها استراتيجيات التنمية المستدامة مصر «2030 - 2050» وإفريقيا 2063.
وفى هذا السياق رصدت «روزاليوسف»، الطفرة التى تقوم بها الدولة المصرية لاقتحام أسواق الطاقة النظيفة والمتجددة، فى ظل توجه الحكومة لإقامة محطات الطاقة « الشمسية، النووية، الرياح»، إذ احتلت مصر المركز الرابع عالميًا، فى توليد الطاقة الشمسية، وذلك بعد الانتهاء من تشغيل محطة «بنبان» والتى تضم 32 محطة شمسية، بقدرة 1465 ميجا وات، حتى الآن يعمل نحو 17 محطة، وجار العمل على تشغيل باقى المحطات.
«توفير الطاقة فى مصر»
من جانبه، قال الدكتور أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن الدولة المصرية تبذل جهدا كبيرا لتوفير الطاقة المتجددة، من خلال تعدد المصادر المنتجة لها، مضيفا: «إنشاء محطة كاملة للطاقة الشمسية مثل «أبيدوس» بهذا المقدار يُعد نقطة محورية فى مجال التوسع فى الاعتماد على مزيج من أنواع الطاقة، وهذه المحطة توفر طاقة مقدارها يفوق ما تنتجه محطة كهرباء شمال الجيزة».
وتابع: «هذا يقوم بتخفيف الضغط و العبء على استهلاك الكهرباء من المصادر التقليدية، فالمحطة العادية والتى مقدارها 500 ميجا تستهلك وقود بقيمة 300 إلى 350 مليون دولار، وفى حال تعميم الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة، سيتم توفير هذه المبالغ بما يفيد المواطن فى باقى المجالات»، مؤكدًا أن هذه المحطات ستحد من استيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء، أو اللجوء إلى تخفيف الأحمال».
«الطاقة الشمسية»
وقال دكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إن استخدام الطاقة النظيفة هى إحدى الخطط المستهدفة من الدولة لتخفيف وتقليل الاعتماد على الكهرباء، مشيرا إلى أنه قبل عام 2017، كانت الدولة تعتمد على الوقود الأحفورى بنسبة تصل إلى 97%، ثم اتجهت الدولة إلى ضرورة وجود تصور آخر يتماشى مع معايير الدول المتقدمة صناعيًا، والتى تأمل أن يكون لديها اقتصاد قوى وبنية تحتية لا يوجد بها أزمات .
واستكمل: «مزيج الطاقة، كان الحل الأمثل للدولة المصرية منذ عام 2017 وحتى اليوم، ومزيج الطاقة معادلة صعبة للغاية، وتشمل الغاز والبترول والطاقة المتجددة والطاقة الكهرومائية والطاقة النووية، ثم الجيل الحديث من الهيدروجين بكل إنتاجيته».
واستطرد: «افتتاح محطة «أبيدوس» خطوة جيدة نحو التطور فى مجال الاعتماد على الطاقة الشمسية، وهى إحدى محطات الجيل الثانى، والتى تعمل بمقدار 500 ميجا وات، وهذه الكمية تغطى احتياج 700 ألف منزل، بقدرات 20 كيلو فولت، وبذلك فهى قادرة على تغطية مساحة سكانية كبيرة»، موضحًا أن الدولة تسعى لتوفير 4000 ميجا وات من الطاقة المتجددة، لتغطية العجز، وتوفير احتياجات الدولة، بحيث لا نضطر العودة لتخفيف الأحمال مرة أخرى، وفى انتظار بدء عمل محطة «أكوا باور» كوم أمبو، بقدرة 200 ميجا وات.
وأردف: «الدولة تستهدف الاعتماد على الطاقة المتجددة لتوفير 42 ٪ من حجم ما تنتجه مصر من الكهرباء، وحتى الآن تم استهداف 18٪ من المطلوب توفيره، بحيث يكون هناك توسع فى استخدام الطاقة المتجددة قبل حلول فصل الصيف»، مؤكدًا أن الحكومة وضعت مجموعة خطط بديلة، لتوفير الكهرباء، والتوسع فى استخدام الطاقة المتجددة عبر توفير كل مستلزمات الدولة واحتياجها من الغاز الطبيعى من خلال 17 إلى 20 صفقة غاز، مما يوفر للدولة مليار قدم مكعب غاز يوميًا، إضافة إلى ما توفره السفينتان «هوج جاليون الموجودة فى ميناء العين السخنة، وسفينة سولر دولار فى خليج العقبة»، علاوة على التعاقد الأخير بين مصر والأردن لاستقبال صفقات الغاز من خليج العقبة، وضخها فى خط الغاز العربى فى العريش، ووصوله للشبكة المصرية القومية.
الطاقة النووية والرياح
قال د. على عبدالنبى خبير الطاقة النووية، إن محطات الطاقة النووية نظيفة وآمنة، وتعمل بقوة كبيرة، مضيفًا: «أن استخدام الطاقة النووية هو توجه عالمى لتوفير الطاقة».
وأوضح، أن إنشاء المحطات لا يحتاج لمساحات أرض واسعة، وفى الضبعة 4 وحدات تحتاج الواحدة منهم لكيلو متر مربع فقط، حتى تنتج 1200 وات للوحدة النووية، فهى بذلك تستخدم مساحة أرض صغيرة مقابل توفير طاقة عالية، والوقود السنوى الخاص بهم 60 مليون دولار، مقارنة بمحطة الكهرباء العادية التى تحتاج إلى 400 مليون دولار سنويا لتشغيلها، وبذلك توفر 340 مليون دولار سنويا، موضحاً أنها تقلل استخدام الغاز، وبدلا من استيراده سيتم توافره وتصديره، أو استخدامه فى صناعات كيماوية، كالأسمد، والبتروكيماويات، مما يحقق 9 أضعاف المكسب، مقارنة باستخدامه فى الكهرباء.
واستطرد: «بمجرد تشغيل المحطات النووية فى سبتمبر 2028 لن يكون هناك انقطاع كهربائي»، موضحًا أن الكهرباء حتى لا تنقطع كانت تتطلب 3 جيجا وات، بينما تعطى المحطات النووية تعطى 4,8 جيجا وات، وتعمل المحطات بكامل كفاءتها حتى 80 سنة، وقد تمتد لمائة سنة، وتعمل 92٪ من عدد ساعات السنة».
وأشار إلى أن طاقة الرياح لابد أن تقام فى منطقة لا تقل فيها سرعة الرياح عن 4 أمتار فى الثانية، مؤكدًا أن أفضل أماكن يتوفر بها سرعة رياح مناسبة «خليج السويس، تحديدا رأس غارب، والزعفرانة، وجبل الزيت»، وبالفعل يوجد بها محطات مزارع رياح، تنتج 800 كيلو وات، لافتا إلى أن التربونات الجديدة تنتج فى جبل الزيت ورأس غارب 2 ميجا وات.
واستكمل: «الرياح لا تتوافر على مدار الساعة، فلابد من تخزين الطاقة الناتجة، لأن المحطات تعمل بمقدار 29٪ من ساعات السنة، وعلينا عمل مزيج من الطاقات لسد احتياجنا من الطاقة المتجدة، وتوفير الكهرباء، من خلال توفير 6جيجا وات للطوارئ».