الخميس 2 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاقتصاد المصرى يصحح مساره

تنفيذ أضخم عملية إنفاق اجتماعى وزيادة مخصصات التعليم والصحة

شهد عام 2024، تحولًا كبيرًا فى مسار الاقتصاد المصرى، مع إبرام أضخم صفقة فى تاريخ الاستثمار الأجنبى المباشر وهى صفقة «رأس الحكمة»، والتى أسهمت فى توفير أكبر سيولة دولارية، ليشهد العام انفراجة فى ملفى الإفراج عن السلع  والدولار، علاوة على عقد مصر اتفاقًا مع صندوق النقد الدولى، ما أدى لزيادة الإيرادات الدولارية وانتهاء السوق السوداء.



وأسهمت صفقة « رأس الحكمة»، فى خفض الدين العام وزيادة الاحتياطى النقدى، وبدأ الاقتصاد المصرى مساره الصحيح نحو عودة تدفق التحويلات الدولارية للمصريين بالخارج والقضاء على السوق الموازية، ومع بداية العام المالى الجديد فى يوليو الماضى حقق الاقتصاد المصرى أداءً جيدًا، بعد أن ودع نقص العملة وتحسنت مؤشراته.

وارتفع إجمالى الإيرادات فى الموازنة العامة، 36.7% خلال أول 4 أشهر من العام المالى 2024-2025 (يوليو إلى أكتوبر) مسجلًا نحو 648.25 مليار جنيه مقارنة بنحو 474.1 مليار جنيه بنفس الفترة من العام الماضى.

وأرجعت وزارة المالية، نمو الإيرادات إلى الارتفاع الملحوظ فى الإيرادات الضريبية فى ضوء تعافى النشاط الاقتصادى وحل أزمة النقد الأجنبى، وزيادة فى المتحصلات من تحويلات رأس الحكمة للحكومة بمبلغ 510 مليارات جنيه، علاوة على تراجع العجز الكلى فى الموازنة إلى 2.65% من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بـ3.93% بنفس الفترة من العام السابق، بفضل زيادة الايرادات، كما قفزت بيانات الفائض الأولى 0.76%.

الحماية الاجتماعية

شهدت الموازنة خلال العام الجاري، أضخم عملية إنفاق اجتماعي، بزيادة الرواتب والمعاشات بنسبة كبيرة بتكلفة 84 مليار جنيه فى مارس الماضي، وارتفعت مخصصات الأجور وتعويضات العاملين  بنسبة 22.4% لتحقق 197.1 مليار جنيه مقارنة مع 160.9 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها من العام المالى السابق، والإنفاق على شراء السلع والخدمات زاد بنحو 50.3% ليصل إلى 56 مليار جنيه، مقابل 37.2 مليار جنيه.

الدعم

ارتفع الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنسبة 30.9% ليصل إلى 168 مليار جنيه، حيث حقق الإنفاق المخصص لدعم السلع التموينية 33.2 مليار جنيه خلال 4 أشهر، وصعد الإنفاق المخصص للإسكان محدود الدخل ليصل إلى 2.7 مليار جنيه، فيما زاد الإنفاق لدعم الصادرات ليبلغ 1.9 مليار جنيه.

كما شهد ارتفاع الإنفاق على الدعم النقدى (تكافل وكرامة) ليسجل 13.1 مليار جنيه، والإنفاق على مساهمة الخزانة فى صناديق المعاشات ليبلغ 62.6 مليار جنيه، وحقق الإنفاق على علاج المواطنين 4.4 مليار جنيه.

التعليم والصحة

شهد العام الجارى نموًا فى الإنفاق على الصحة، إذ ارتفع بنسبة 31.9% ليسجل 65.8 مليار جنيه، مقابل نحو 49.9 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، وارتفع الإنفاق على التعليم بنحو 28.3% ليبلغ 101.2 مليار جنيه، مقابل 78.9 مليار جنيه.

تراجع الدين العام

انخفضت مدفوعات الفوائد بنحو 10.3 مليار جنيه لتصل إلى 583.5 مليار جنيه خلال 4 أشهر، مقابل 593.8 مليار جنيه، وذلك فى ضوء جهود ضبط الإنفاق العام بتحسين إدارة الدين من خلال توزيع أعباء مدفوعات الفوائد على السنة المالية، فضلًا عن تنويع مصادر التمويل من خلال تقليل الاعتماد على حساب الخزانة الموحد والالتزام بالحدود القانونية، ولأول مرة يتم وضع سقف الإنفاق الاستثمارى بقيمة تريليون جنيه للعام المالى الحالى 2024 / 2025.

نمو الناتج المحلى

سجّل الناتج الـمحلى الإجمالى للاقتصاد المصرى مُعدّل نمو 2.4% خلال الربع الأخير من العام الـمالى 23/2024، ليصل معدل النمو السنوى إلى 2,4% مُقارنة بمُعدّل نمو 3.8% فى العام الـمالى السابق 22/2023، تأثّرًا بالصدمات الخارجيّة الـمُتتالية والتوتّرات الچيوسياسيّة، بالإضافة إلى السياسات الانكماشية التى انتهجتها الحكومة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وعلى رأسها حوكمة الاستثمارات العامة.

وعوض هذا تصاعُد مُعدّلات نمو بعض القطاعات الاقتصاديّة، ضمّت الاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات والسياحة (ممثلة فى المطاعم والفنادق) والنقل والتخزين وتجارة الجُملة والتجزئة، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحّة.

ومن المتوقع تحسن النشاط الاقتصادى فى الفترة المقبلة مع مُواصلة الالتزام الحكومى باتخاذ تدابير وسياسات فاعلة داعمة للاستقرار الكُلّي، ومُحفّزة لنشاط القطاع الخاص، ومُعزّزة لحوكمة الاستثمارات العامة، ولكفاءة وفاعليّة تخصيص الـموارد بين القطاعات الاقتصاديّة، تطبيقًا لِفكر الأولويّات ولـمعايير العائد والتكلفة، فضلًا عن آثار تنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلى التى ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة: تعزيز صمود الاقتصاد الكلي، وتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الانتقال الأخضر.

وعزز هذا التوقع المؤشرات الدورية التى تشير إلى بوادر إيجابية، حيث ارتفع مؤشر مديرى المشتريات إلى 50.4 نقطة فى أغسطس 2024، مُحققًا زيادة متجاوزًا مستوى الحياد لأول مرة منذ نوفمبر 2020، مدفوعًا فى المقام الأول بالتوسع فى أنشطة التصنيع.

الطاقة المتجددة

 كثفت الدولة الاستثمارات فى مجال تنمية وتطوير الطاقات الـمُتجدّدة كجزء من استراتيجيّتها للانتقال نحو قطاع طاقة أكثر استدامة ومرونة، بالإضافة إلى تحفيز مزيدٍ من الاستثمارات الخاصة.

النمو الاقتصادى

سجّل مُعدّل النمو الحقيقى للناتج الـمحلى الإجمالى تراجُعًا إلى 2.4% ليصل معدل النمو السنوى إلى 2,4% بالـمُقارنة بمُعدّل نمو بَلَغ 3.8% فى العام الـمالى السابق 22/2023 ، إلا أن التوقعات تشير إلى ارتفاع النمو العام المقبل الى 5.5%.

وتشيرالتوقعات الصادرة عن عدة مؤسسات دولية إلى ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى إلى 4% فى العام المالى الجارى 2024/2025

إصلاحات هيكلية فى 2025

تستهدف التحركات الحكومية، مدعومة بالجهود الحالية، لتعزيز دور القطاع الخاص فى الدفع بعجلة الإنتاج، مع اتخاذ تدابير لصقل السياسات النقدية والمالية لدعم التعافى الاقتصادى بشكل أفضل، فضلًا عن تنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلى.

 ومن المتوقع أن تسهم حوكمة الاستثمارات العامة فى إفساح المجال لمزيدٍ من استثمارات القطاع الخاص فى حين سيؤدى استمرار ضبط الأوضاع المالية إلى خلق مساحة لمزيد من الاستثمارات فى رأس المال البشرى والتنمية الصناعية، وتعزيز الإنتاجية، وهو عامل رئيسى للنمو الاقتصادى المستدام والتنمية.