الجنرال الذهبى.. الفريق أول عبدالمنعم رياض

د.عمر علم الدين
فى التاسع من مارس لعام 1969، وبخطوات عسكرية تزلزل الأرض وجنازة مهيبة يتقدمها الزعيم جمال عبدالناصر وجميع قادة القوات المسلحة شيعت مصر جنرالها الذهبى الفريق أول عبدالمنعم رياض.
القائد الذى خاض مع رجاله من أبناء القوات المسلحة العديد من المعارك، فمنحه الرئيس عبدالناصر رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية، التى تعتبر أكبر وسام عسكرى فى مصر.
كتب عنه الشعراء ولقبوه بـ«الجنرال الذهبى»، وضع مع قيادته خطة حرب الاستنزاف (البداية الحقيقية لنصر أكتوبر)، وقرر أن يتوجه بنفسه إلى جبهة القتال فى صباح اليوم التالى لبدء تنفيذ الخطة، ليرى بنفسه نتائج المعركة.
زار أكثر المواقع تقدمًا للقوات المصرية، لكن حينذاك، انهالت فجأة نيران جيش الاحتلال الإسرائيلى على المنطقة التى كان يقف بها “الجنرال الذهبى” وسط جنوده، وانفجرت إحدى قذائف مدفعية العدو ليستشهد متأثرًا بجراحه نتيجة شظايا قاتلة أصابته بعد نحو 32 سنة قضاها بالقوات المسلحة، ليحفر فى ذاكرة تاريخ العسكرية المصرية اسمه من ذهب.
بكت مصر البطل، ليقول الأبنودي: “حزين.. كأنى الحزن مصلوب.. كأنى نخلة لما الريح تموت.. غريب فى وسط الناس.. هنا على الرصيف.. بتعصف الدنيا بأحلى ما فى الضلوع.. لا قادرة عينى على البكا ولا قادرة على حبس الدموع. ما يهز أولادك يا أرض الطيبين المخلصين.. إلا اختفاء إنسان شريف.. خاصة إذا مات فى الدفاع عن الوطن”.
وشاء الله أن يظل الفريق أول عبدالمنعم رياض شامخًا حيًا وميتًا، ويكون استشهاده فى 9 مارس يومًا تحتفل فيه البلاد بيوم الشهيد المصرى، ليرحل البطل وتبقى القدوة. وفى 2002 تم إزاحة الستار عن تمثال له بالميدان الذى يحمل اسمه الآن بالقرب من ميدان التحرير بالقاهرة بارتفاع قدره 3.40 أمتار ويزن نحو طن من البرونز.
يقول اللواء دكتور محمد زكى الألفى، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، عن الشهيد الفريق أول عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق: “استشهد بين جنوده على الجبهة، وهو من أبرز الأبطال فى تاريخ العسكرية المصرية وأشهر العسكريين العرب فى النصف الثانى من القرن العشرين”.
ويتابع: شارك فى الحرب العالمية الثانية بين عامى 1941 و1942، وشارك فى حرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثى عام 1956، وحرب 1967.
كما أشرف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الاستنزاف، وقد كان له دور فى إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة بعد أن تأثرت بالنكسة.
ويستكمل: حقق الجنرال الذهبى انتصارات عسكرية فى المعارك والحروب التى خاضها، كتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبر 1967، كما أنه صمم الخطة (200) الحربية التى طُورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات فى حرب أكتوبر.
وكان على يقين أن العرب لن يحققوا النصر إلا فى إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادى فى الحسبان، وليس مجرد استراتيجية عسكرية، وكان يؤمن بأنه إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافى للإعداد والتجهيز، وهيأنا لها الظروف المواتية، فليس ثمة شك فى النصر الذى وعدنا الله إياه.