خبراء إعلام: البرامج الرمضانية الترفيهية بلا رسالة وبعضها ينتهك الخصوصية

د. مريم الشريف
موجة من الانتقادات أثارتها البرامج الحوارية الجريئة فى رمضان، والتي تبحث عن المشاهدات على حساب الخصوصية، وتُقحم المشاهدين فى تفاصيل الحياة الشخصية للفنانين.
هذا إلى جانب برامج المقالب التي تعد نموذجًا لعدم احترام عقل المشاهد، حيث تتعامل معه كمتلقٍّ سلبى يمكن خداعه وإضحاكه حتى لو كان ذلك على حساب كرامة الآخرين، حسبما أكد عدد من أساتذة الإعلام.
انتقادات إعلامية
من جانبه، قال الدكتور حسن عماد مكاوى، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، إن البرامج التي تركز على الأمور الشخصية للضيوف مستواها متدنٍ جدًا، حيث تتضمن خوضًا فى الأعراض وانتهاكًا للخصوصية، مبتعدةً عن كل القيم والتقاليد التي اعتاد عليها المجتمع المصري.
وأضاف مكاوى أن هناك حاجة ماسة إلى برامج توعوية فى شهر رمضان، بالإضافة إلى برامج وطنية تعزز الانتماء الوطني، وتقدم القيم الإيجابية اجتماعيًا وسياسيًا، وترصد واقع المجتمع من خلال طرح مشكلاته وإيجاد حلول لها.
وأشار إلى أن العديد من البرامج الرمضانية تهدف إلى جذب أكبر عدد من المشاهدين، إذ إن زيادة عدد المشاهدين تعنى زيادة اهتمام المعلنين وبالتالى تحقيق المزيد من الأرباح، مما جعل البرامج الرمضانية تتحول إلى سلعة تُباع وتُشترى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب.
وتابع: نتيجة لذلك، ابتعد الإعلام عن دوره الأساسى فى دعم القيم والارتقاء بالمجتمع، فهذه البرامج، سواء كانت مقالب أو تتعلق بأسرار المشاهير، لا تقدم محتوى مفيدًا.
وأضاف مكاوى: إن كثرة البرامج التي تعتمد على كشف أسرار الحياة الشخصية للمشاهير فى رمضان تؤدى إلى خلل فى القيم الدينية لدى المشاهدين، حيث تلهيهم عن قضاياهم الحقيقية، بدلاً من التركيز على العبادات والأمور الدينية مثل الصدقات وفعل الخير.
تأثيرها على المجتمع
من جهتها، قالت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، إن كل قناة تبحث عن برامج تجذب الانتباه وتحقق مشاهدات عالية، سواء عبر شاشتها أو من خلال المقاطع التي تُعرض على مواقع التواصل الاجتماعى. وأضافت عبد المجيد أن العديد من البرامج الرمضانية تتعرض للحياة الشخصية للضيوف بطريقة غير لائقة، مشيرةً إلى أن الآثار المترتبة على هذه البرامج، سواء على المدى القريب أو البعيد، ستكون سلبية جدًا.
وأوضحت أن هذه البرامج يجب أن تتم معالجتها بأسلوب لطيف، وتُقدَّم بأشكال مختلفة تكون مفيدة ومسلية فى آنٍ واحد للمشاهدين.
كما لفتت إلى أن برامج المقالب الحالية ابتعدت عن هدفها الأساسى، المتمثل فى الترفيه والتسلية، وأصبحت تعتمد على العنف، بعكس برامج المقالب فى الماضى التي كانت أكثر تسلية للمشاهدين بطريقة لطيفة.
وأكدت أن البرامج التي تتناول أسرار المشاهير تعتمد على تحقيق «التريند» وزيادة المشاهدات على حساب القيم والتقاليد، وهو أمر خاطئ.
كما أشارت إلى أنه لا مانع من تقديم برامج مسلية، ولكن يجب أن تكون فى إطار قيمنا وتقاليدنا، وتأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يواجهها المجتمع.
وشددت عبد المجيد على ضرورة وجود برامج توعوية خلال شهر رمضان، إلى جانب برامج تتناول موضوعات حديثة مثل الذكاء الاصطناعى والتطور التكنولوجى، على أن يتم تقديمها فى إطار يناسب الشهر الكريم، ويكون محتواها ذا قيمة وفائدة حقيقية.
برامج المقالب والإثارة
بدورها، قالت الدكتورة ثريا البدوى، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن بعض البرامج الرمضانية، بدلاً من أن تكون مساحة للتأمل والروحانية، تحولت إلى ساحة للمقالب الهابطة والإثارة التي تعتمد على الفضائح.
وأكدت أن الجمهور المصري بطبعه متدين، ولديه طقوس خاصة فى هذا الشهر، حيث يبحث عن محتوى يتناسب مع روح رمضان، إلا أن الإعلام يفرض عليه محتوى تجاريًا بحتًا، ويتعامل مع المشاهد كمستهلك فقط، لا يحتاج إلى مضمون يعزز قيمه أو يدفعه للتفكير.
وأضافت أن برامج المقالب هى نموذج لعدم احترام عقل المشاهد، حيث تتعامل معه كمتلقٍّ سلبى يمكن خداعه وإضحاكه حتى لو كان ذلك على حساب كرامة الآخرين.
وتابعت البدوى قائلةً : إن البرامج الحوارية الجريئة تعتمد على الإثارة والجدل، بدلاً من تقديم نقاشات حقيقية أو قضايا تمس المواطن بجدية، ما يجعلها منفصلة عن المزاج العام للمصريين فى رمضان.
وشددت على أن هناك طلبًا حقيقيًا على محتوى هادف ومفيد، إلا أن العرض يخضع بالكامل لمنطق الإعلانات والربح السريع، دون مراعاة لما يناسب الشهر الكريم أو يلبى احتياجات المشاهد الحقيقية.
خريطة البرامج الحوارية والمقالب
وتقدّم قناة «النهار» برنامج «العرافة» للإعلامية بسمة وهبة، والتي استضافت عددًا من المشاهير، منهم الفنان حسين فهمى، والمخرجة إيناس الدغيدى، والكابتن عصام الحضرى وغيرهم حتى الآن.
كما تقدم برنامج «أسرار» للإعلامية أميرة بدر، التي استضافت الفنان أحمد الفيشاوى، وبدرية طلبة، وحمادة هلال. كذلك تعرض القناة برنامج المقالب «كريزى باص»، الذي يقدمه الفنان إبراهيم السمان، ويدور فى إطار دخول الضيف سيارة أجرة، ليتفاجأ بأن السائق لا يجيد القيادة، ما يؤدى إلى مشادات كلامية بينه وبين الضيف، الذي يشعر بالخوف على حياته.
أما قناة «هي»، فتقدم برنامج «أوضة ضلمة» مع الإعلامية إنجى هشام، التي استضافت خلاله المطربة إيناس عز الدين، وشادى شامل وغيرهما.
كما تعرض القناة برنامج مقالب بعنوان «كريزى أوردر»، يقدمه إبراهيم السمان أيضًا، ويدور حول طلب «أوردر» وإجراء مقلب مختلف فى عامل التوصيل فى كل حلقة.
وتعرض قناة MBC مصر برنامج «رامز إيلون مصر»، الذي يقدمه رامز جلال، حيث تقوم فكرته على إيهام الضيف بالمشاركة فى حلقة من برنامج لاكتشاف المواهب، برئاسة لجنة تحكيم تتكون من الفنانة اللبنانية نوال الزغبى، ولاعب الكرة السعودى محمد نور، ورامز جلال، على أن يكون الضيف هو الحكم الرابع فى المسابقة، ثم يبدأ المقلب عند خروج الضيف من اللجنة، ليظهر رامز مرة أخرى فى هيئة روبوت.
أما قناة MBC مصر 2، فتقدم برنامج «بروود كاست» مع حسن عسيرى، الذي يستضيف عددًا من المشاهير، ويطرح عليهم أسئلة مستفزة، مما يؤدى إلى غضبهم بشكل كبير.