
كمال عبد النبى
فائدة القراءة
يجب أن نعرف أن الابتعاد عن القراءة وقلة المعلومات يؤدى إلى الجهل. كما أنه يتسبب فى مشكلات كثيرة فإن كثرتها وتضخمها يمكن أن يتسبب بمشكلات لا تقل عنها وقد يبدأ تضخم المعلومات بالتحول إلى مشكلة مع تزايد استخدام الإنترنت وزيادة حجم المحتوى الرقمى فى العالم.
كما أن انتشار الأجهزة الذكية لدى الناس حيث اتسعت رقعة القراءة سطحية كانت أو عميقة بعد أن كانت قبل عدة قرون خاصة بنخبة المجتمع بل بنخبة النخبة.
وبحسب دراسات قامت بها جامعة كاليفورنيا عام 2019 فإن الفرد العادى يتعرض يوميًا لـ34 جيجا بايت من البيانات إلى 100 ألف كلمة وهو ما يجعل القراءة العميقة التى نعرفها سابقًا فى مكان آخر.
وحين يكتفى الناس برءوس أقلام وموجزات ومختصرات لكل شىء دون استيعاب كامل لأى شىء منها تبرز مشكلتنا مع هذه المعلومات الغزيرة وهى أن أدمغتنا تحاول تخزين كميات كبيرة من المعلومات الضرورية منها وغير الضرورية.
وهذا ما يشكل ثقلًا عليها ويقلل من كفاءتها ويتسبب هذا الطوفان المعلوماتى فى حصول درجة من التشتت الذهنى وضعف التركيز بناء على ساعات استخدام الإنترنت وتفعيل إشارات التطبيقات والبريد الإلكترونى.
ويجد هذا الطوفان من يتجاوب معه دون قيود إلى خلق حالة من عدم القدرة على القراءة المعمقة مكتفيًا بقراءات سطحية أو بملخصات وبعض مواجز للكتب معتمدًا يمكن أن يكون بذلك قد قرأ جيدًا فبدلًا من قراءة رواية طويلة مثلًا من عدة مئات من الصفحات قد يقرأ ملخصًا أو يشاهد استعراضًا مصورًا لها.
وما يزيد من مستوى التشتت الرقمى فى هذا الزمن التقافز ما بين أربعة تطبيقات أو خمسة.
ومشاهدة مقطع مرئى أو فيلم قصير هذا خلال أقل من ساعة والمشكلة هنا تكمن فى أن الاعتياد على هذه الكتابات المختصرة والمقاطع القصيرة جدًا يخلق حالة من النفس القصيرة وقلة الصبر لدى من يعتاد عليها حيث يصبح من الشاق جدًا عليه لاحقًا قراءة كتاب.
ومن الجائز أن يقع المعتمدون على المصادر الرقمية المتنوعة وفقًا على سبيل المثال وسائل التواصل الاجتماعى فى حيرة حين تختلط عليهم الأمور ولا يستطيعون التمييز بين الحقائق والأكاذيب وهو ما قد ينعكس سلبًا حتى على المصادر الموثوقة حين لا يصدقها الناس ويصلون إلى مرحلة تسمى الحيرة المعرفية أو أنهم يصبحون أسرى لحالة الخوف من فوات شىء ما حتى فى حالة عدم وجود شىء ما حقيقى يمكن أن يفوتهم.
إن من يحرص على أن يقرأ ما هو سليم ومفيد فقط يقدم على تجربة متعبة لأنه يجهد نفسه فى انتقاء الجيد منها محاولًا أن يقرأ قراءة واعية وفق خطة مسبقة ولا يهتم بالكم بقدر اهتمامه بالكيف.
هذا التنوع من القراءة هو المطلوب فى أيامنا هذه حيث يركز على الموثوق من الكتب والمواقع ويتجاهل ما سوى ذلك.
فلا أحد يستطيع إجبار الجيل الجديد على نوع بعينه من فكرة وما يميز قارئًا عن آخر هو حسن اختياره لما يقرأ لأن الوقت الذى يقضيه فى القراءة هو جزء من عمره الذى لا يستوعب إلا نسبة ضئيلة من المعلومات المتوفرة.
وهكذا فإن كانت قراءة أحدنا سطحية فقد غذى دماغه بالسطحى وهو ما ينعكس على سلوكه وشخصيته.
وإن كانت قراءته عميقة فقد غذاه بالعميق منعكسًا على سلوكه وشخصيته والقراءة فى النهاية هى للقارئ فى بحر هذه المعلومات اللا متناهى ولا يكون الأذكى من يعرف أكثر بل من يعرف ما يستحق أن يعرف.
فهذه نبذة عن فائدة القراءة وفائدتها على من يستفيد بها فى حياته وشخصيته.