القاتل الصامت يهدد القارة العجوز

وسام النحراوى
كل عام تزداد موجات الحر خطورة، لتسببها فى عدد من الوفيات يرتفع سنويًا متجاوزًا متوسط عدد الوفيات السنوية بسبب الحروب أو الإرهاب، لكنه يظل أقل من عدد ضحايا حوادث الطرق أو تلوث الهواء، مما جعلهم يطلقون عليه «القاتل الصامت»، فلم تعد الحرارة الشديدة أمرًا نادرًا بل أصبحت الوضع الطبيعى الجديد، فقد بلغت موجة الحر التى تضرب أوروبا ذروتها، بسبب تعرضها لنظام ضغط جوى مرتفع، مصحوب بتيار هواء شديد الحرارة من شمال إفريقيا ومحيطات دافئة بشكل غير طبيعى، ما يغطى المنطقة الممتدة من البرتغال إلى المملكة المتحدة، فيما يسمى «القبة الحرارية» وهى ظاهرة جوية يبقى فيها نظام الضغط المرتفع الهواء الجاف والحار ثابتا لفترة طويلة من الزمن.
وتتحول القبة الحرارية إلى خطر قاتل فى الدول الغربية لعدة أسباب أهمها، ارتفاع درجات الحرارة لمستويات خطيرة، حيث تؤدى إلى حبس الهواء الساخن فى طبقات الجو السفلى، مما يرفع درجات الحرارة لمستويات غير معتادة، إضافة إلى عدم اعتياد السكان على موجات الحر، فكثير من الدول الأوروبية لم تصمم بنيتها التحتية للتعامل مع موجات حر شديدة.
وترتفع درجات الحرارة أكثر بسبب الأسطح الأسفلتية والأسمنتية التى تحتفظ بالحرارة، فيما يعرف باسم ظاهرة «الجزيرة الحرارية»، بالإضافة إلى قلة المساحات الخضراء وكثافة المبانى والازدحام السكانى، كما أن ارتفاع الحرارة يترافق أحياناً مع رطوبة عالية، مما يقلل قدرة الجسم على التبريد عبر التعرق، وتمنع القبة الحرارية تشكّل الغيوم وهطول الأمطار مما يؤدى إلى جفاف وتدهور جودة الهواء.
وسجلت إسبانيا والبرتغال رقمًا قياسيًا فى درجات الحرارة، وحذرت السلطات من حرائق الغابات والمشاكل الصحية، وصدرت تحذيرات صحية باللون الكهرمانى فى أجزاء كبيرة من إنجلترا، كما صدرت تحذيرات من الحر فى معظم أنحاء فرنسا، ففى مرسيليا، أمرت السلطات فى ثانى أكبر مدينة فرنسية بجعل حمامات السباحة العامة مجانية لمساعدة السكان على تحمل الحر، ونشرت خريطة للأماكن العامة المكيفة.
وفى نيس، أكدت البلدية تسليم نحو 250 مروحة محمولة للمدارس، وتم تنظيم توزيع المراوح على كبار السن المعزولين، واستنفرت فرق الإطفاء، حيث وضعت 84 منطقة إدارية من أصل 101 منطقة إدارية فى البلاد.
وفى إيطاليا، تم وضع 17 مدينة فى حالة تأهب قصوى (المستوى الثالث)، وأصدرت السلطات تحذيرا من ارتفاع درجات الحرارة مع أول موجة حر فى الصيف، حيث لا تزال القارة الأسرع ارتفاعًا فى درجات الحرارة تعانى من آثار حالة الطوارئ المناخية.