مصر والصومال.. تحالف استراتيجى لحماية البحر الأحمر

أمانى عزام
فى توقيت بالغ الحساسية تشهده منطقة القرن الإفريقى، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى نظيره الصومالى حسن شيخ محمود بالقاهرة، فى لقاء يعكس إدراكًا مصريًا لأهمية موقع الصومال الاستراتيجى، وسط فوضى وصراعات متعددة الجنسيات.
ويرى خبراء تحدثوا لـ«روزاليوسف»، أن اللقاء يأتى امتدادًا لمسار دبلوماسى مستمر، ويؤكد عمق الروابط التاريخية بين البلدين، ويفتح الباب لتعاون عسكرى وتنموى يعزز استقرار الصومال ويرسخ دور مصر فى حماية البحر الأحمر من محاولات الاختراق الإقليمى والدولى.
الكاتب الصحفى الصومالى عمر فارح، رئيس قسم اللغات بوكالة «صونا»، أكد أن الشراكة بين «القاهرة» و«مقديشو» تطورت لتصبح دعامة لحماية الأمن الإقليمى من البحر الأحمر إلى عمق القرن الإفريقى، مشيرًا إلى أهمية موقع الصومال القريب من مضيق «باب المندب» ودور التعاون الأمنى مع مصر فى مكافحة القرصنة وردع الإرهاب وضمان حرية الملاحة».
الصحفى الصومالى، أوضح أن مصر تمتلك القدرة لتقديم دعم عسكرى وتقنى للصومال، وتعزيز مؤسسات الدولة، لافتًا إلى أن موقف مصر الرافض لأى تدخل أجنبى يمس وحدة بلاده يعكس رؤية استراتيجية تعتبر أمن الصومال جزءًا من الأمن القومى العربى.
«فارح»، كشف عن توجه مصرى للانضمام إلى بعثة «أوصوم» التابعة للاتحاد الإفريقى، فى خطوة تعكس تحول الدعم السياسى إلى دعم ميدانى شرعى، يعزز الاستقرار فى الصومال ويجسد الدور القيادى لمصر فى القارة.
ومن جهته، شدد الدكتور محمد عبدالغفار، رئيس المجلس الاقتصادى الإفريقى، ورئيس مفوضية عموم إفريقيا العالمية وسفيرها لدى دول شمال إفريقيا والعالم العربى، على أن الممرات البحرية أصبحت ركيزة فى توازنات الأمن الدولى، وأن القرن الإفريقى يمثل حجر زاوية فى هذه المعادلة، بسبب موقعه الاستراتيجى المطل على البحر الأحمر والمحيط الهندى.
«عبدالغفار»، أشار إلى أن الصومال، بطول سواحله وتعرجها، يملك إمكانات متميزة لإنشاء موانئ عسكرية، أبرزها ميناء «بررة»، واصفًا البحر الأحمر بـ«البحيرة العربية» التى تمثل امتدادًا طبيعيًا للأمن المصرى، لافتًا إلى أن مصر منذ ثورة 30 يونيو تولى أهمية للتنمية المستدامة فى إفريقيا، ودعمًا لحقوق الشعوب بعد عقود الاستعمار.
رئيس المجلس الاقتصادى الإفريقى، لفت إلى الجذور التاريخية للعلاقات المصرية الصومالية منذ عهد الفراعنة وخط التجارة مع «بلاد بُنت»، مؤكدًا أن دعم الرئيس السيسى للصومال يندرج ضمن استراتيجية أوسع لمحاربة الإرهاب وتعزيز التنمية، بالإضافة لجهود «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» التابعة لوزارة الخارجية فى إرسال بعثات طبية وتعليمية، وتقديم خبرات تنموية متنوعة.
رئيس مفوضية عموم إفريقيا، أوضح أن اتفاقية الشراكة الشاملة التى وقعتها مصر مع الصومال فى أغسطس 2024 تشمل دعمًا عسكريًا وتدريبًا ونقل خبرات تنموية، إضافة إلى إرسال مساعدات إنسانية عاجلة خلال الأزمات، وهو ما لاقى تقديرًا كبيرًا من القيادة الصومالية.
أما الكاتب الصومالى أحمد جيسود، فاعتبر أن الزيارة الرئاسية الأخيرة تدفع العلاقات إلى آفاق جديدة، وتؤسس لتعاون استراتيجى شامل، مؤكدًا أن مصر دعمت استقلال الصومال تاريخيًا، ولا تزال سندًا قويًا فى المحافل الدولية.
«جيسود»، شدد على أن العلاقات شهدت تطورًا ملحوظًا، حيث ارتفع التبادل التجارى بنسبة 88% فى النصف الأول من 2024، مع تدشين رحلات مصر للطيران إلى «مقديشو» وزيادة المنح الدراسية، مؤكدًا استمرار مصر فى دعم الحكومة الفيدرالية فى جهود بناء الدولة ومكافحة الإرهاب.
بدوره قال اللواء محمد عبدالواحد، خبير الأمن القومى والشئون الإفريقية، إن اهتمام مصر بالصومال متجذر منذ استقلاله، مشيرًا إلى أدوار مصر التاريخية فى دعم الصومال عسكريًا وسياسيًا، بما فى ذلك استضافة «مؤتمر المصالحة الصومالية» وإرسال قوات لحماية الموانئ.
«عبدالواحد»، أوضح أن مصر شاركت فى بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لدعم مؤسسات الدولة ومواجهة الإرهاب، معتبرًا أن دعم الصومال ليس فقط التزامًا إنسانيًا أو قوميًا، بل ضرورة استراتيجية لحماية الأمن القومى المصرى.
واختتم بالتأكيد أن مصر تسعى لتمكين الدولة الصومالية من بسط سيادتها على كامل أراضيها، فى مواجهة الحركات الانفصالية والتنظيمات الإرهابية، مع التمسك بمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية ودعم وحدة وسيادة الدولة الصومالية.