الأربعاء 30 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ماما أحلام».. البصيرة التى أضاءت درب المكفوفين فى الإسماعيلية

فى قلب محافظة الإسماعيلية، تتجسد حكاية من نور، بطلتها سيدة فقدت البصر لكنها أبصرت طريقها إلى القلوب والعقول، لتصبح مصدر إلهام لكل من عرفها، إنها أحلام جلال، أو كما يناديها الجميع بمحبة واحترام: «ماما أحلام».



فقدت أحلام بصرها وهى فى الثالثة من عمرها، بعد إصابتها بحمى النخاع الشوكى التى أدت إلى انفصال الشبكية، ومنذ تلك اللحظة تغيّر كل شيء فى عالم الطفلة الصغيرة، إلا عزيمتها.

لم تستسلم أحلام لظلام البصر، بل جعلت منه دافعًا للنور.

التحقت بمدرسة النور والأمل للمكفوفين بالإسماعيلية، وهناك بدأت ملامح شخصيتها القوية تتشكل. 

وبدلًا من أن تكون مجرد طالبة، أصبحت لاحقًا معلمة ثم وكيلًا للمدرسة نفسها التى تربت فيها، ناشرةً الأمل فى نفوس من فقدوا النور مثلها.

لم تكتفِ أحلام بالتعليم فقط، بل أغرمت بالحِرَف اليدوية، وتعلمت كل ما له علاقة بـ«الهاند ميد»: من التريكو والكروشيه إلى الخرز، حتى وصلت إلى «الأركت»، وهى واحدة من أدق الحرف التى تتطلب تنسيقًا فنيًا عاليًا، وقد برعت فيها رغم أنها لا ترى. 

كان المحيطون بها يندهشون من دقة اختيارها للألوان، ويتساءلون: كيف يمكن لمن لا يرى أن ينسج هذا الجمال؟!

ومع بلوغها سن التقاعد، بدأت أحلام فصلًا جديدًا فى عطائها، فلم تتوقف أو تنعزل، بل كرّست وقتها لتعليم فنون الهاند ميد للأجيال الجديدة، وساعدت غير القادرين على تسويق منتجاتهم لتحقيق دخل يضمن لهم الكرامة والاكتفاء.

ورغم أنها لم تُرزق بالأمومة، إلا أن من حولها يرون فيها أمًّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. «ماما أحلام» – كما يناديها طلابها – لم تكن فقط معلمة، بل كانت نموذجًا حيًّا للرضا والإرادة، تبتسم دومًا وكأنها تقول: «ما دام فى العمر بقية، فثمة خير ينتظر أن نصنعه».