الثلاثاء 19 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وحدات بملايين لا تجد مشترين

«الأوفر برايس» يربك سوق العقارات

«المضاربة فى العقارات» ظاهرة بدأت منذ زمن، وكانت فى السابق تتركز على الأراضي، وتُعرف آنذاك باسم «تسقيع الأراضي»، أى شراء الأراضى والعقارات وتركها لعدة سنوات ثم بيعها بأضعاف الأسعار التى تم الشراء بها.



برزت هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى بمجالات عديدة، خاصة مجال العقارات، وأصبحت تعرف حاليًا باسم «الأوفر برايس»، وهى إضافة مبلغ من البائع سواء فى مجال السيارات أو العقارات.

وقد زادت هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية، خاصة مع ارتفاع نسب التضخم، مما اعتبره البعض طرقًا جديدة للاستثمار فى العقارات. 

تسبب ذلك فى العديد من الآثار السلبية على هذا القطاع، حيث رأى الخبراء أن هذه الظاهرة تعتبر من الأسباب التى أدت إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه.

دخول غير المتخصصين

فى هذا السياق، قالت عبير عصام، عضو غرفة التطوير العقاري، إن ظاهرة «الأوفر برايس» ازدادت منذ خمس سنوات، لكنها تلاشت حاليًا من السوق العقارى بعدما أحدثت فوضى كبيرة وأدخلت غير المتخصصين وغالبية الشعب إلى هذا القطاع.

وأوضحت أن من اشتروا شققًا ووحدات بـ»أوفر برايس» ويرغبون فى بيع تلك الوحدات حاليًا بنفس الأسلوب فشلوا فى ذلك، بل إنهم لم ينجحوا فى إيجاد مشترين حتى بنفس السعر السابق، دون حتى تحقيق مكسب إضافي.

وأشارت إلى أن الوحدات التى تم بيعها قبل أربع سنوات تم تسعيرها بشكل مبالغ فيه جدًا ولا تستحق ذلك السعر، والجميع بات يدرك هذا الآن. ونتيجة لذلك، توجد أزمة حالية فى إعادة بيع هذه الوحدات، إذ إن بعض العملاء لا يملكون حتى دفع الأقساط الشهرية أو الربع سنوية، بل يبحثون عن أى مشترٍ، حتى لو كان ذلك بخسارة.

بيع الوحدات الحكومية 

وفيما يخص إعادة بيع الوحدات الحكومية المدعمة من الدولة بإضافة مبلغ ربحى عليها «الأوفر برايس»، أوضحت أن العديد من المستفيدين من الدعم يقومون بتأجير أو بيع وحداتهم بسعر إضافى، على أن يكمل المشترى باقى الأقساط.

لكن الدولة، بحسب قولها، منتبهة لهؤلاء، وتقوم يوميًا بحملات وتفتيشات على تلك الوحدات، وتُحرر محاضر للمخالفين، كما تقوم بسحب الشقق منهم. وأكدت أن الدولة تقوم بدورها، لكن المشكلة الأكبر تكمن فى ثقافة شعب بأكمله.

فوضى وتضارب أسعار

من جانبه، قال فتح الله فوزي، رئيس لجنة التطوير العقارى بجمعية رجال الأعمال، إن ظاهرة «الأوفر برايس» أحدثت فوضى فى سوق العقارات خلال السنوات الماضية، وأدت إلى تضارب فى الأسعار.

 وأوضح أن الكثيرين يشترون العقار كاستثمار، وهو بالفعل أداة جيدة لحفظ المدخرات، لكن يتم استخدامه بشكل غير صحيح.

وأضاف أن الاستثمار العقارى له شروط ومحددات، أولها أن يكون طويل المدى، وأن من يشترى العقار لحفظ أمواله أو استثمارها يجب أن يكون المبلغ المدفوع فى المقدم والأقساط زائدًا عن حاجته هو شخصيًا، حتى يستطيع الالتزام بالأقساط الربع سنوية دون الوقوع فى مخاطر مثل سحب الوحدة أو دفع غرامات أو الاضطرار لبيع الوحدة بأى سعر، حتى ولو بخسارة.

وشدد فوزى على أن من يريد الاستثمار فى العقار يجب أن يلتزم بالمدى الطويل، ولكن ما يحدث حاليًا أن العميل يشترى وحدة ويأمل فى بيعها بعد 6 أشهر فقط بإضافة مبلغ ربحي، وهذا أمر غير منطقى على الإطلاق.

 ونتيجة لذلك، يواجه العملاء أزمات عديدة، حيث «يدللون» الآن على بيع الوحدات حتى بدون أى مكسب، فقط من أجل استرداد ما دفعوه، ولا يجدون مشترين.

ولفت إلى أن ذلك أصبح منتشرًا فى سوق العقارات حاليًا، حيث لا يوجد «ريسيل»، أى إعادة بيع للوحدات، بشكل سهل وسريع. ونصح فوزى المواطنين الذين يريدون الاستثمار العقارى بأن يلجؤوا إلى تأجير الوحدة إذا كانت تابعة للقطاع الخاص، حتى يحصلوا على عائد منها دون الحاجة إلى بيعها حاليًا، مؤكدًا أن البيع الأفضل يجب أن يكون بعد حوالى 5 سنوات على الأقل لضمان عائد مرضٍ.

الذهب البديل الأسرع

وفى السياق ذاته، قال الدكتور خالد عاطف، الخبير العقاري، إن ظاهرة «الأوفر برايس» اختفت حاليًا من سوق العقارات، ويكاد المشترى لا يجد من يشترى العقار إذا أراد بيعه. 

وأوضح أن العقارات أصبحت صعبة التسييل، وهو ما يدفع البعض إلى البحث عن الاستثمار فى الذهب، نظرًا لأنه سهل البيع فى أى وقت عند الحاجة.

وأشار عاطف إلى أن العقارات ارتفعت تكلفتها  نتيجة عوامل متعددة فى مقدمتها زيادة اسعار البناء، والأيدى العاملة، مما أدى إلى ارتفاع سعر الوحدة السكنية. ونتيجة لذلك، فإن من يشترى الوحدة بهذا السعر المبالغ فيه لا يستطيع إضافة مبلغ ربحى عند البيع، لأنه ببساطة لن يجد من يشتريها.

تباطؤ فى «الريسيل» 

وفى نفس الإطار، قال محمد عامر، خبير التطوير العقاري، إن عملية «الريسيل»، أى إعادة بيع العقارات، تشهد بطئًا ملحوظًا فى هذه الفترة، خصوصًا فى قطاع عقارات الشركات الخاصة. 

وأوضح أنه على النقيض، فإننا نجد حركة إعادة بيع للوحدات الحكومية مثل «إسكان محدودى الدخل»، أو «سكن مصر»، أو «جنة»، وهى وحدات مدعومة من الدولة.

وأشار إلى أن المستفيدين من هذه الوحدات يعيدون بيعها على بوابات بيع العقارات الإلكترونية بعد إضافة مبلغ ربحي، مما يحرم المواطن العادى من الطبقة المتوسطة من الاستفادة الحقيقية بوحدة سكنية له أو لأبنائه، ويفتح الباب لدخول السماسرة واستغلال الدعم الحكومي.

وأكد عامر أنه بالنسبة لعقارات الشركات الخاصة، فإن السوق يشهد حاليًا حالة من الهدوء أو التباطؤ فى حركة الشراء، ويتضح ذلك من كمية العروض الهائلة التى تطرحها شركات التطوير العقارى لتحريك السوق، حيث نجد كبرى الشركات تطرح وحدات بدون مقدم وبتقسيط يمتد إلى 12 أو 15 سنة، بهدف تحفيز عمليات الشراء.

واختتم عامر بالقول إننا نجد الآن قلة فى عمليات «الريسيل»، إلا فى حالات ضرورية مثل السفر أو عدم القدرة على استكمال الأقساط، ويكتفى البائع فقط بالحصول على ما دفعه من مقدم وأقساط.