إرادة الناخبين تحت إشراف قضائى كامل

يبرز دور القضاء المصرى، كضمانة حقيقية لنزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، ومنها انتخابات مجلس الشيوخ، فمنذ سنوات، أصبح الإشراف القضائى على الانتخابات أحد أبرز أعمدة الثقة بين الدولة والمواطن، خاصة فى ظل التحديات التى أعقبت ثورة 30 يونيو، وما فرضته من استحقاقات سياسية ودستورية متتالية.
وفى كل استحقاق انتخابى، يتصدر «القضاة» الصفوف، ليس كمشرفين فقط، بل ضامنين للحياد والنزاهة، ورقباء على تطبيق القانون، وحماة لإرادة الناخبين، ويأتى إشرافهم الكامل على لجان الاقتراع، وعملية الفرز، والنظر فى الطعون، ليؤكد استقلال السلطة القضائية، ورفضها لأى تلاعب أو تدخل فى مسار الإرادة الشعبية.
هذا الدور المتنامى، يعكس إيمان الدولة بأهمية نزاهة العملية الانتخابية كركيزة أساسية لشرعية العملية الانتخابية ويعزز الثقة الشعبية فى مؤسسات الدولة، وفى هذا الإطار حرصت جريدة «روزاليوسف» على استطلاع رأى عدد من الخبراء حول دور القضاء البارز فى العملية الانتخابية، ونستعرضها لكم فى التقرير التالى:
المستشار محمد يحيى الطنبارى، رئيس محكمة استئناف القاهرة، قال: «إن الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات حماية لصوت المواطن، إذ نص الدستور المصرى فى مادته «210»، على أن الانتخابات تجرى تحت إشراف قضائى كامل، وهو ما تم تطبيقه بصرامة فى جميع استحقاقات مجلس الشيوخ، حيث أُسند إلى القضاة الإشراف على كل لجنة انتخابية، سواء كانت عامة أو فرعية، لضمان الحياد التام.
«الطنبارى»، أكد أن القاضى المشرف على كل لجنة، يحرص على استلام صناديق وأوراق الاقتراع، والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية، وفتح وغلق اللجان فى مواعيدها، بجانب التعامل الفورى مع أى تجاوز أو مخالفة، مضيفًا: «أن للقضاء أيضًا كلمة الفصل فى أى طعون انتخابية، سواء على قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات أو نتائج الفرز، ويتم ذلك عبر محاكم القضاء الإدارى أو الدستورى، فى إطار يضمن الحسم العادل والسريع للنزاعات، مما يمنع تعطيل العملية الانتخابية ويعزز ثقة المرشحين والمواطنين على حد سواء».
رئيس محكمة استئناف القاهرة، أشار إلى أن الجهات الرقابية تتعاون مع القضاة فى مراقبة التزام المرشحين بقواعد الدعاية الانتخابية ومنع استخدام المال السياسى، وهو ما يحد من الظواهر السلبية وفى مقدمتها «شراء الأصوات أو استخدام دور العبادة أو الممتلكات العامة للدعاية، فضلًا عن تجاوز السقف المالى للحملات»، وفى حال ثبوت المخالفة، يمكن للقضاء استبعاد المرشح المخالف.
خلال تصريحاته، أوضح «الطنبارى» أنه بعد انتهاء يومى التصويت، يشرف القضاة بأنفسهم على عمليات فتح الصناديق وفرز الأصوات، ويقومون بإعداد المحاضر النهائية وتوقيعها بأنفسهم، قبل إرسالها إلى اللجان العامة، فى خطوة تعكس الشفافية الكاملة.
أما المستشار أحمد الحناوى، رئيس محكمة جنايات المنصورة، فيرى أن القضاء له دور محورى فى إرساء الثقة فى مجلس الشيوخ كمؤسسة تشريعية عائدة بعد تعديل الدستور، لافتًا إلى أن الإشراف القضائى أعاد للمواطن الشعور بأن صوته له قيمة، وأن هناك مؤسسات تحمى اختياره، وساهم هذا الدور فى رفع نسب المشاركة الانتخابية وتخفيف حدة التشكيك فى نزاهة الانتخابات، ودعم الشرعية القانونية والدستورية للمجلس المنتخب.
ومع اقتراب انتهاء المدة الدستورية المقررة للإشراف القضائى الكامل، أشار «الحناوى»، إلى أن القضاء المصرى لا يحمى فقط العدالة، بل أيضًا إرادة الشعب، مشددًا على أن دور القضاء فى الانتخابات، لم يعد مجرد دور إشرافى شكلى، بل أصبح حجر الأساس فى البناء الديمقراطى للدولة المصرية.
من جانبه، قال المستشار محمد الحسينى، بالنيابة الإدارية: «إن تجربة مجلس الشيوخ المصرى مع الإشراف القضائى، تعد واحدة من أبرز النماذج التى أظهرت كيف يمكن أن يكون القضاء شريكًا فاعلًا فى دعم الديمقراطية وضمان نزاهة العملية الانتخابية، خاصة بعد استعادة المجلس لدوره فى ضوء التعديلات الدستورية عام 2019، وفى انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة التى أُجريت عام 2020، تم تطبيق الإشراف القضائى الكامل كما ينص عليه الدستور، بحيث تم تعيين قضاة، للإشراف على اللجان العامة «على مستوى المحافظات» وعلى اللجان الفرعية «داخل المدن والقرى» للفصل فى طلبات الترشح والطعون، والتصويت، والفرز، وتجميع النتائج»، منوهًا إلى أنه قد تولى أكثر من 20 ألف قاض وعضو بالهيئات القضائية المختلفة المشاركة فى هذه العملية، لضمان النزاهة والشفافية.
«الحسينى»، أوضح أن وجود قاض فى كل لجنة أرسل رسالة واضحة للناخبين أن صوتهم سيحسب دون تلاعب، ما عزز الثقة فى العملية الانتخابية وشجع فئات كانت مترددة من المشاركة سابقًا، مضيفًا: «أن من أبرز ملامح تجربة مجلس الشيوخ مع الإشراف القضائى، كانت التعامل السريع مع الطعون المقدمة من المرشحين، والفصل فى نزاعات الدعاية الانتخابية، وتطبيق القانون بشكل حازم ضد أى تجاوزات أو مخالفات، كما أسهم القضاة فى التنسيق مع قوات الأمن لتأمين اللجان وتسهيل دخول الناخبين، والتعامل مع أى محاولات للتأثير أو الفوضى، وكان لهم صلاحيات وقف التصويت مؤقتًا فى حال وجود أى خطر يهدد سير الانتخابات».
المستشار بالنيابة الإدارية، تابع: «رغم أن انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة جاءت فى ظل ظروف استثنائية بسبب كورونا، فإن القضاء نجح فى إدارة العملية بأعلى درجات الانضباط، وتوفير إجراءات احترازية داخل اللجان، والحفاظ على التباعد ومراقبة الالتزام بالإجراءات الصحية، وعدم تسجيل خروقات جسيمة فى سير العملية، كما عمل القضاة بالتعاون مع الهيئة الوطنية للانتخابات مما ساعد فى تنظيم مراكز الاقتراع بشكل احترافى، وتوزيع الناخبين على اللجان بطريقة منظمة، وحسم الخلافات القانونية بشكل فورى».