يحيى الفخرانى الملك

سهير عبد الحميد
فنان من العيار الثقيل، يملك من الثقافة الوعى ما جعله أيقونة مصرية خالصة فى سماء الفن العربى.. غواية التمثيل كانت أقوى من مهنة الطب، فاختطفت الطبيب الشاب يحيى الفخرانى إلى الشاشة الفضية عام 1972 ليبدأ مشواره مع مسلسل «أيام المرح»، ثم يتألق فى «أبنائى الأعزاء شكرا»، ليكتب بعدها تاريخا من المجد فى السينما والمسرح والدراما التليفزيونية.
اليوم وبعد هذه المسيرة الحافلة لا نتعجب عندما نرى النجم الكبير يحيى الفخرانى شغوفًا بالوقوف على خشبة المسرح، وقد تخطى عتبة الثمانين، ويعيد رائعة وليم شكسبير «الملك لير» للمرة الثالثة، وإذا كان المسرح فنا استثنائيا لا يذبل أو يشيخ فإن «الفخرانى» أيضا نجم استنثائى بكل المقاييس ليس فقط لأنه تحدى عوامل السن، وقرر أن يقف على المسرح ثلاثة أيام فى الأسبوع ليمتع الجمهور بعظمة نص شكسبير وينقل لهم حبه وتقمصه لشخصية الملك لير.
ذكاء «الفخرانى»، جعله يقرر أن يطوع شخصيته وملامحه وهو فى عمر الملك لير، ليقدم الشخصية بمصداقية، وهذا ما أكده فى تصريحات له عندما سئل عن الفرق بين تقديم الملك لير هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة، حيث قدمه للمرة الأولى وعمره وقتها كان ستين عاما، أما الآن فهو فى الثمانين من عمره أى فى نفس عمر الملك لير.
المسرح بالنسبة ليحيى الفخرانى، ليس مجرد عمل يقدمه، لكنه بالنسبة له هو إعادة شحن طاقته كممثل فرغم عظمة الأدوار التى قدمها سينمائيًا وتليفزيونيًا، إلا أن المسرح يظل له وضع خاص فى مسيرته، وأدواره فيه أكثر تميزا ومنتقاة لأبعد الحدود، فمسيرته المسرحية بدأت بعمل مميز فى كل عناصره وهو مسرحية «بكالوريوس فى حكم الشعوب» عام 1978 للكاتب الكبير على سالم وشاركه البطوله نجم جيله نور الشريف ومعهم ليلى علوى وعلى الشريف وأحمد بدير وممدوح وافى، ثم جاءت تجربته المهمة فى مسرحية «راقصة قطاع عام» عام 1985 مع سماح أنور و«غراميات عطوة أبومطوة» 1993 و«جوازة طليانى» مع دلال عبدالعزيز 1998 و«كيمو والفستان الأزرق» ثم النسخة الأولى من مسرحية «الملك لير» عام 2001، التى قدمها عدة مرات منها نسختين على المسرح ونسخة تليفزيونية من خلال مسلسل «دهشة» أيضا، كما قدم عرضا ناجحا استمر عدة مواسم على خشبة المسرح القومى وهو المسرحية الغنائية «ليلة من ألف ليلة».
التليفزيون أخذ نصيب الأسد من مشوار «الفخرانى» وجعله من أهم نجوم الدراما، حيث قدم ما يقرب من 40 مسلسلا ارتدى خلالهم عباءة شخصيات متنوعة لا توجد واحدة تشبه الأخرى، بدأها فى السبعينيات وكانت البداية القوية من خلال «أبنائى الأعزاء شكرا» مع عبدالمنعم مدبولى قبل أن يقدم أولى بطولاته المطلقة وهو مسلسل «صيام صيام»، وتوالت بعدها أعمال مهمة مثل «ليالى الحلمية» بأجزائه الخمسة و«على بابا والأربعين حرامى» و«الخروج من المأزق» و«نصف ربيع الآخر» و«زيزينيا 1و2» و«أوبرا عايدة» و«الليل وآخره» و«سكة الهلالى» و«يتربى فى عزو» و«شيخ العرب همام» و«الخواجة عبدالقادر» و«ونوس»، وكان آخرهم العام الماضى وهو مسلسل «عتبات البهجة».
لم تكن الأعمال السينمائية التى قدمها «الفخرانى» بأقل أهمية عن التى قدمها فى المسرح والتليفزيون، فقد كانت تحمل طابعا مختلفا بعيدا عن الجانب التجارى تعاون فيها مع مخرجين كبار بداية من شريف عرفة ومحمد نبيه وأشرف فهمى وسعد عرفة وعلى عبدالخالق ومحمد النجار وداود عبدالسيد ومحمد خان ومحمد فاضل وساندرا نشأت، ومن أبرز محطاته السينمائية «خرج ولم يعد» و«الكيف» و«إعدام ميت «و»حب فى الزنزانة» وللحب قصة أخيرة» و»عودة مواطن» و»الأقزام قادمون» و«أنا وأنت وساعات السفر» و«الحب فى الثلاجة» و«أرض الأحلام» و«الحقيقة اسمها سالم «وأخيرا فيلم» مبروك وبلبل».
ويظل اسم يحيى الفخرانى علامة مسجلة للفنان المثقف القريب من الناس ليستحق لقب الملك على عرش القلوب.