صحافة تنويرية لا تهاب كشف الفساد
ولاء حسين
كان حينها كثيرون يظنون أنها لن تصمد أكثر من موسم انتخابى، لكن جريدة “روزاليوسف” التى عادت للصدور فى 2005 استمرت عشرين عامًا صحافة للتنوير لا تهاب الاقتراب من الحقيقة.
نجاح “روزاليوسف” الجريدة كان يقف وراءه فكر استثنائى للمعلم والأستاذ الراحل عبد الله كمال، والذى كان يرى نفسه مسئولًا عن صناعة جيل، كما صنع أفلاطون وأرسطو تلاميذهما.
ومن بين إحدى مغامراتنا التى ما زالت تضىء ذاكرتى، حين انطلقت مع زميلتى المصورة مايسة عزت إلى جزر نيلية قرب البدرشين، نصطاد الصور لتعديات فاخرة على النيل تخص رئيس الوزراء آنذاك. أنهينا مهمتنا، وبدأت الشمس تميل إلى الغروب، لكن اللانش الذى استأجرناه قرر أن يكتب لنا نهاية مختلفة. توقف المحرك، وبدأ الماء يتسلل إلى أقدامنا. قفز السائق، يمسك بحبل، يجر اللانش وسط التيار. لكن المسافة كانت أطول من قدرته.
هناك، وسط النهر، برزت جزيرة من الهيش، عليها بضعة صبية يختبئون من العيون لشرب «الكولا». لمحونا، فقفزوا كأبطال غير متوقعين، وسحبوا اللانش إلى أقرب شاطئ. وقبل أن نلتقط أنفاسنا، همس السائق بأن نركض فورًا. لم نناقشه. كان الليل يهبط سريعًا، وأصوات قلوبنا تسبق وقع خطواتنا على الطريق الترابى.
أوقفنا عربة نصف نقل تقل عاملات مزارع، حملتنا حتى حلوان. من هناك، وصلنا الجريدة، ملطخين بالطين والتراب، لكن نحمل انفرادًا يليق بمدرسة عبد الله كمال: صحافة لا تعرف الخوف، ولا تهاب أن تقترب من الحقيقة حتى تلامسها.
