البيت الذى احتضن الحلم

عبد الوكيل أبوالقاسم
كانت أمامى لحظة حاسمة: هل أواصل طريقى فى المصرى اليوم بعد عام من العمل، أم أطرق أبواب واحدة من أعرق مؤسستين صحفيتين فى مصر، الأهرام أو روزاليوسف؟
لكن بمجرد أن التقيت الأستاذ الكبير والمعلم الراحل عبدالله كمال، حُسم الأمر. اخترت أن أنتمى إلى مدرسة روزاليوسف، التى كانت بوابتى الحقيقية إلى عالم الصحافة، وبداية رحلتى مع أصول المهنة وقواعدها الصارمة.
لم تكن روزاليوسف مجرد وظيفة جديدة، بل كانت ورشة حقيقية لتشكيل جيل من الصحفيين الشباب. كان الأستاذ عبدالله كمال يؤمن أن الصحافة لا تزدهر إلا بدماء جديدة تحمل الشغف وروح المغامرة. مكتبه كان مفتوحًا دائمًا، وأبوابه لا تُغلق فى وجه فكرة مبتكرة أو خبر ميدانى جريء.
فى أروقة روزاليوسف تعلّمت أن الصحافة ليست مجرد نقل للأحداث، بل هى رسالة ومسئولية تجاه القارئ والوطن، وأن الكلمة قد تصنع وعيًا وتغيّر واقعًا، هناك تشكلت شخصيتى المهنية، واكتسبت الثقة، وتعلمت أن النجاح فى هذه المهنة يقوم على ثلاثة أعمدة: الصبر، والانضباط، وحب ما تكتب.
صدر العدد الأول من الجريدة الورقية فى 14 أغسطس 2005، لتعود إلى السوق بعد غياب، بينما كان أول إصدار لها يعود إلى 15 فبراير 1935.
بالنسبة لي، كانت فرصة الالتحاق بها حدثًا فارقًا؛ أولى خطواتى كانت عبر تحقيقات ميدانية جريئة فى عدد من المحافظات، منها تحقيق «ضحايا حضن الجبل» عن مواطنين يعيشون فى حضن صخور الصعيد، وهى تجارب أهلتنى لاحقًا لرئاسة قسم المحافظات.
وهكذا، ستظل روزاليوسف فى ذاكرتى بيتًا كبيرًا، ومدرسة مهنية وإنسانية لا تُنسى، صنعت بداياتى ورسمت طريقى نحو مستقبل مهنى أفتخر به.