«روزاليوسف» وچينات الإبداع

أحمد رزق
عرفت «روزاليوسف» منذ صغرى، لتواجد أعدادها بشكل دائم ومستمر فقد كان والدى يعمل بها.. بهرتنى أولًا رسوم فنانيها المصاحبة للموضوعات، خطوط مبهرة وألوان جريئة.. لوحات تشكيلية مكتملة، ومع كل لوحة بريشة واسم الرسام أتخيل معها شكل وملامح الفنان الذى رسمها، أتخيله بشكل أسطورى يتناسب مع روح رسومه.
فى المرحلة ما قبل الجامعية قررت أن أزور المجلة وكانت الزيارة الأولى تحمل العديد من المفاجآت أولها أن كتاب ورسامى المجلة أشخاص عاديون بملامح إنسانية معتادة.. أدركت وقتها أن «روزاليوسف» تحمل جينات عبقرية متفردة يتوارثها كل من انتمى إليها وتمنيت وقتها أن أكون فردًا فى مجموع صحفييها وأن أنضم إلى كتيبة فنانيها.. وكانت نقطة التحول بعد رؤيتى للمشرف الفنى للمجلة أثناء تخطيطه لـ«ماكيت» العدد ورسمه لموضوعات المجلة وتنظيم المادة التحريرية مع الرسوم، وكان إعجابى الكبير عندما رأيت العدد المطبوع بنفس الشكل الذى تخيله المشرف الفنى على أوراق الماكيت المبدئى، لأقرر وقتها أن هذه «الصنعة» تناسبنى خاصة أن المشرف الفنى - وقتها - كاتبًا ورسامًا بارعًا، وهو «عدلى فهيم» مؤسس مدرسة إخراجية متميزة وله تلاميذ ورواد كثيرون أثروا الصحافة المصرية والعربية بعد ذلك.
عملت بعدها كمتدرب فى القسم الفنى للمجلة والتحقت بشكل رسمى بعد الانتهاء من الدراسة ليتوالى العمل بعد ذلك مع مشرفين فنيين آخرين.
فى عام 2005 - وبعد تولى الراحل الكبير «عبدالله كمال» والذى عرفته عن قرب وتعاملت معه منذ أن كان مسئولًا عن «ديسك» المجلة ثم نائبًا لرئيس التحرير، بعد توليه رئاسة تحرير المجلة وقراره بإعادة إصدار الجريدة، واختياره لبعض من يعملون فى المجلة وشرفت بأن أكون واحدًا من هؤلاء القلة الذين عملوا بالمجلة والجريدة معًا، كان الهدف الأساسى أن تكون الجريدة صانعة لأجيال جديدة من شباب الصحفيين المتخرجين حديثًا.
كانت الأيام الأولى السابقة لصدور الجريدة وكنت مساعدًا للمدير الفنى ومسئولًا عن متابعة وإخراج الصحيفة - كانت مرهقة حتى أن طاقم السكرتارية الفنية والتحريرية يواصلون العمل ليلًا والبقاء فى صالة تحرير الجريدة أيامًا متتالية، وكانت لحظة صدور العدد الأول للجريدة فى 15 أغسطس 2005 يومًا لن ينساه كل من شارك فى ولادة هذه الجريدة الشابة والعريقة فى ذات الوقت، والتى استمرت وتألقت بعد ذلك بأجيال شابة من صحفيين ورسامين ومخرجين فنيين كانوا حالة خاصة جدًا فى الحياة الصحفية والإعلامية.
وتستمر الجريدة خلال العشرين عامًا التالية فى تخريج أجيال من المخرجين الفنيين الشباب الذين واكبوا التكنولوجيا الحديثة، لتحمل الجريدة بصمات إخراجية رشيقة مواكبة للتطور الطباعى.
أذكر هنا المخرج الفنى محمد عطية خريج كلية صحافة والإعلام وأول المخرجين الشباب الذين عملوا فى الجريدة منذ صدورها والتى تحمل الجريدة الآن لمساته الإبداعية المميزة.
بعد مشاهدات لإخراج الإصدار الأول للجريدة فى فبراير 1925، والذى كان مجرد تنسيق متواضع لماكيت الجريدة - لم توضع وقتها أسس أو رؤية للإخراج الفنى، ولم يستمر إصدار الصحيفة كثيرًا.. لتعود بعد سبعين عامًا بثوب قشيب مميز والذى أصر على تطويره عبدالله كمال باستعانته بمديرين فنيين كبارا لكل واحد منهم مدرسة إخراجية مختلفة - فهذا «محمد الصباغ» الذى ينتمى للمدرسة الكلاسيكية للمجلة ثم «عمرو عطوة» ابن روزاليوسف بما يحمله من تجارب إخراجية متعددة، ثم د.سامح حسان صاحب النظرة التشكيلية المتميزة، لتستقر الجريدة بعد ذلك بثوبها الأنيق والمتجدد تحت راية شباب الإخراج الفنى الذين ولدوا مهنيًا فى «جريدة روزااليوسف» مع رؤساء تحرير من أبناء الجريدة الذين حملوا تلك الچينات العبقرية المتوارثة فى هذه المؤسسة العريقة .
المستشار الفنى لجريدة روزاليوسف