جريدة فى العشرين من عمرها
ما أحلى الرجوع إليها
مرت السنون سريعًا، ولكنها كانت مليئة بالأحداث السياسية والاقتصادية التى عاشتها مصر، عشرون عامًا على عودة الإصدار اليومى لروزاليوسف، حيث بدأت جريدة “روزاليوسف” فى الصدور يوميًا فى أغسطس 2005 بقيادة الراحل عبد الله كمال أحد أبناء قسم الصحافة كلية الإعلام الموهوبين والمتميز مهنيًا وأيضًا إنسانيًا.. حيث تخرج فيها عام 1987.
ودعانى عبدالله كمال - وقد كنت أكتب بدعوة منه أيضًا حينما كان نائب رئيس تحرير “روزاليوسف” المجلة مقالات بصفة منتظمة، ولكنه هذه المرة وهو يختار كُتابًا دائمين للجريدة - أن أكتب بشكل منتظم مرة أسبوعية، ورحبت بدعوته لا سيما أن هذه الفترة من تاريخ مصر كانت حرجة وشهدت بدايات وإرهاصات الدعوات إلى الإصلاح والتغيير، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وكانت بعض صحف المعارضة تتحدث عما اسموه قضية التوريث، رغم نفى الرئيس الأسبق حسنى مبارك نفسه لذلك وربما لهذا السبب دعا الرئيس إلى إجراء تعديلات دستورية وأقر مجلس الشعب (النواب حاليًا) تعديلات دستورية فى 10 مايو 2005، حيث تم تعديل المادة 76 من الدستور بما يسمح بأن تكون انتخابات الرئاسة تعددية يتقدم لها أكثر من مرشح، وبالفعل جرت الانتخابات الرئاسية وإن شابها بعض التوتر، كما شهدت مصر فى تلك المرحلة العديد من العمليات الإرهابية والتفجيرات التى قامت بها جماعات الإرهاب فى شرم الشيخ ودهب وحى الأزهر ثم ميدان عبدالمنعم رياض فى وسط القاهرة.
ومع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على مصر جرت انتخابات مجلس الشعب فى 2005، وفاز الإخوان كمستقلين بـ 88 مقعدًا، بينما لم تحقق أحزاب المعارضة مجمعة سوى 18 مقعدًا، مما أدى إلى غضب خاصة مع ظهور بعض الحركات والجماعات مثل كفاية، وحركة 6 أبريل.
فى ظل هذه الأجواء خرجت الجريدة قوية تناقش قضايا الإصلاح وأوضاع الأحزاب السياسية فى مصر ومختلف المشكلات التى كانت مثارة فى المجتمع المصرى، وطرحت العديد من القضايا والإشكاليات التى كانت أقرب إلى المعارك الصحفية، حيث شارك رئيس تحريرها وبعض كُتابها فى ذلك من خلال المقالات والتحقيقات، وتبادلوا مع زملاء فى صحف أخرى (خاصة وحزبية) الرأى والجدل، واتسم ذلك أحيانًا بالحدة.
وأذكر أننى فى تلك الفترة ناقشت من خلال مقالاتى المنتظمة فى الجريدة الكثير من الموضوعات منها قضايا الإصلاح، وضع الأحزاب السياسية فى مصر، فوضى التغيير، الشباب والمواطنة والمجتمع الافتراضي، تحديات المستقبل.
كما ناقشت بعض القضايا الخاصة بالتعليم الجامعى مثل: القبول بالجامعات بين المجموع وقياس القدرات الحقيقية للطلاب، أساليب التعليم التقليدية العقيمة ومعضلة الكتاب المقرر الذى يقتل مهارات التفكير والبحث، وأيضًا أساليب الغش المستحدثة والتى مثلت فى رأيى كارثة على الأجيال القادمة.
وتناولت بعض قضايا الإعلام مثل المرأة والإعلام وتغيير المناخ الثقافى السائد وأسلوب نشر الجريمة فى وسائل إعلامنا ومدى التزامها بالمعايير المهنية وأخلاقياتها.
ودون شك أن المشاركة بالرأى فى وسط هذه الحالة المصرية التى اتسمت فى تلك الفترة من 2005 حتى 2010 بالزخم وإرهاصات التغيير كان أمرًا ضروريًا، وأشعرتنى بأننى - قدر ما أملك- حاولت أن أدعو إلى الإصلاح التدريجي، وإلى التغيير الحتمي، على أن يكون سلميًا بالفعل.
لقد كنت دومًا ومنذ أن كنت طالبة أدرس الصحافة بكلية الإعلام أميل إلى مدرسة “روز اليوسف”، وكانت تتناسب فى معالجتها الصحفية وسياستها التحريرية مع ما كنت أعيشه فى تلك المرحلة العمرية حماس ورغبة فى تغيير بعض الأوضاع المجتمعية، خاصة أن فترة دراستى شهدت ما أطلق عليه عام اللا سلم واللاحرب، وكانت مصر تعانى مرارات الهزيمة وتحشد كل طاقتها لحرب تسترد فيها أرضها المحتلة وتستعيد كرامتها.. وشاءت الأقدار أن نعيش أجمل أيام عمرنا بالعبور العظيم فى 6 أكتوبر.
وعندما تخرجت كان حلمى أن أعمل بهذه المؤسسة التى كنا نراها تمثل الثورة والشباب ودعاة للتغيير.
ولهذا فقد ذهبت مع اثنتين من صديقاتى (سلوى الخطيب وسناء صليحة) وقابلنا رئيس تحرير مجلة صباح الخير وقتها الفنان جمال كامل ومعه المبدع رءوف توفيق، ووافقنا مباشرة على أن نعمل فى المجلة، ورغم تعيينى بعد ذلك كمعيدة بالكلية ظلت علاقة تجمعنى بصباح الخير وروزاليوسف، ككاتبة وأفخر بذلك!
وأعود لأتحدث عن جريدة “روزاليوسف”، حيث أصدرتها السيدة فاطمة اليوسف صاحبة ومؤسسة “روزاليوسف” فى 25 فبراير 1935، وحققت نجاحات واسعة فى انطلاقتها وكتب على صفحاتها عديد من الكتاب المرموقين فى تلك الفترة ولكنها كانت معارضة لبعض سياسات حزب الوفد، ولهذا بعد عام وبضع شهور أصدر مصطفى النحاس قرارًا بإلغاء ترخيصها لتعود مرة أخرى بعد ما يقرب من سبعين عامًا للصدور.
ولابد أن نذكر بكل التقدير من فكر فى ذلك وخطط لتصدر قوية عام 2005 الراحل عبد الله كمال الذى كان رئيسًا لتحرير مجلة “روزاليوسف” وتولى أيضًا رئاسة تحرير الجريدة اليومية حتى 2011.
وأذكر بكل التقدير الكاتب أسامة سلامة الذى كان مسئولًا عن صفحات الرأى بجريدة اليوسف، وتعاملت معه طيلة خمس سنوات وكان رائعًا فى إدارته لهذه الصفحات.
وكل التقدير لأيمن عبد المجيد أحد أبناء مؤسسة “روزاليوسف” المخلصين الذى تولى رئاسة تحرير جريدة “روزاليوسف” بعد أن أصبحت أسبوعية منذ أبريل 2024، ويجتهد فى تطويرها لتصبح كعادة صحف “روزاليوسف” متميزة مهنيًا ومرتبطة بقضايا وطنها.
عميد كلية الإعلام الأسبق