بورسعيد
«أحمد فهمى» عازف الكمان

أيمن عبدالهادى
لم يكن فى الحسبان أن الشاب الثلاثينى، الذى دخل غرفة العمليات قبل نحو 10 سنوات وهو يرى كل شىء بوضوح، سيخرج منها فاقدًا بصره إلى الأبد، فبدلًا من الخضوع لجراحة فى المخ لعلاج عيب خلقى، انقلب كل شىء فى لحظة، وتحولت حياته من مشهد ملون إلى ظلام دامس.
«أحمد فهمى» يبلغ من العمر اليوم 30 عامًا، لم يُولد كفيفًا، بل عاش 19 عامًا كاملة يرى تفاصيل الحياة، ويمارسها كأى شاب طبيعى، وأنهى دراسته الثانوية فى مدرسة السياحة والفنادق، وكان يستعد لرسم مستقبله فى عالم الضيافة والسفر، قبل أن يُصاب بمرض فى المخ، الأمر الذى تطلب عملية جراحية لزرع جهاز لتنظيم الضغط الداخلى.
دخل «أحمد» غرفة العمليات مطمئنًا، لكن خطًأ طبيًا فادحًا أصابه بصدمة العمر: فقد البصر تمامًا، كان من الممكن أن تنتهى القصة عند هذا الحد، أن يُطوى حلمه، ويستسلم للعجز، لكنه اختار الطريق الأصعب، والأكثر شرفًا، خرج من المستشفى لا يرى شيئًا، لكنه رأى نفسه بوضوح.
بعد محاولات وإجراء عمليات كثيرة كلها باءت بالفشل، لم يستسلم أو يقف عند تلك المأساة، وبدأ فى البحث عن شىء آخر يمنحه النور، فوجد ضوء فى الموسيقى، حيث تعلم العزف على آلة الكمان، تدريجيًا بإصرار عجيب حتى وصل إلى مستوى الاحتراف دون أن يدخل معهدًا أو مدرسة موسيقى، بل يعزف دون أن يرى أو يقرأ النوتة الموسيقية، بل بحِسٍّ داخلى، وموهبة فطرية، حتى بدأ اليوم يعزف فى مناسبات، ويشارك فى فعاليات، وينقل تجربته لشباب آخرين.