دفعة «يوم الاثنين»
شيماء عدلى
لحظات لا تنسى، تظل محفورة فى الذاكرة كما لو وقعت بالأمس… بالنسبة لى، كان لقائى الأول بـ «روزاليوسف» بداية حكاية عمرها عشرون عامًا.
كنت فى بداياتى المهنية، أعمل بالمركز الصحفى لمجموعة مجلات عربية، حين سمعت عن فتح باب التدريب فى «روزاليوسف» اليومية. تساءلت: هل يمكن دخول هذا الصرح العريق بلا وساطة؟ وهل ستُقدَّر محاولاتى الصغيرة بصدق؟
فى يوم المقابلة، دوّى صوت الأستاذ الراحل عبدالله كمال، واقفًا بكامل هيبته. سأل الحاضرين واحدًا تلو الآخر، حتى جاء دورى وقدمت له أرشيفى الصغير، فكتب على استمارتى: «تدريب لمدة شهر». خرجت أتساءل: لماذا قبلنى؟ وهل سأثبت أننى أستحق؟
هناك، عند مكتب الأستاذة حنان أبو الضياء، بدأ المشوار الحقيقى. بابتسامة دافئة وصوت مطمئن، كانت تمنحنا الأفكار وتغرس فينا المعانى الإنسانية قبل القواعد الصحفية.
فى أروقة الجريدة، تعلمنا أن نفكر قبل أن نكتب، ونحلل قبل أن نحكم، وأن نبحث عن الحقيقة خلف الضجيج. وكان اجتماع الاثنين الأسبوعى ورشة أفكار مفتوحة، نناقش الجديد ونعرض المقترحات والشكاوى، فيستمع الراحل ويوجه ويحرضنا على الإبداع، وكنا نرتقب هذا الاجتماع يومًا تلو الآخر بخوف وشغف وقلق حتى أننى أطلقت على جيلنا « دفعة يوم الاثنين».
علّمنا الراحل عبدالله كمال كيف نمزج المهنية بالحياد، ونوازن بين قوة الحجة ورقة المعاملة. جمع بين صرامة الإدارة ودفء الإنسان. فى أحد الأعياد، دفع مكافآت الزملاء من ماله الخاص، وفى الشدائد كان يسأل عن أحوالنا واحدًا واحدًا.
عشرون عامًا مضت، وما زال صوت اللقاء الأول وتلك الأبواب التى فُتحت، وتلك المدرسة الصحفية التى صقلتنى، ترسم ملامح هويتى المهنية والإنسانية. «روزاليوسف»، مصنع الصحفيين، ومدرسة حياة.






