الخميس 11 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ذوو الهمم من التهميش إلى صدارة الشاشة

ما زال ذوو القدرات الخاصة يثبتون يومًا بعد يوم أن التميز لا تحده إعاقة، وأن الموهبة، حين تجد الدعم والتأهيل النفسى من الأسرة، قادرة على كسر جميع الحواجز. 



لم يعد حضورهم فى المشهد الإعلامى مجرد مشاركة رمزية، بل أصبح حضورًا فاعلًا ومؤثرًا سواء كمذيعين، مراسلين، أو ضيوف يناقشون قضاياهم، دون إقصاء أو تهميش.

إطلاق برنامج تليفزيونى لذوى الهمم

من بين الأصوات البارزة فى هذا السياق، الإذاعى رضا عبدالسلام، رئيس شبكة القرآن الكريم السابق، الذى أكد أنه طالب الهيئة الوطنية للإعلام بإطلاق برنامج تليفزيونى يهتم بذوى الاحتياجات الخاصة، بشرط أن يُقدم بطريقة إعلامية مدروسة وذات رؤية واضحة.. وشدد «عبدالسلام» أحد القادرون بأختلاف على أن أصحاب الهمم يمثلون أكثر من 10% من المجتمع، وبالتالى من الضرورى أن ينالوا ما يستحقونه من اهتمام إعلامى حقيقى.

يقول عبدالسلام: «ذوو القدرات الخاصة يمتلكون إمكانيات متميزة، لكن التحدى الحقيقى يكمن فى غياب تهيئة الظروف المناسبة للبعض منهم. التاريخ يشهد على عظمة هذه الفئة، ويكفينا فخرًا الأديب الكبير طه حسين، الذى تجاوز إعاقته ليصير من رواد الأدب والثقافة».. ويضيف: «اقترحت أن يتناول البرنامج قدراتنا بشكل علمى، مع تسليط الضوء على الشخصيات المعاصرة والرموز التراثية من أصحاب الهمم، إلى جانب مناقشة قضايانا المختلفة».

ويرى عبدالسلام أن دمج ذوى الهمم فى المجتمع، لا سيما فى المجال الإعلامى، سواء كعاملين أو ضيوف، هو أمر يبعث على السعادة، معربًا عن أمله فى زيادة نسبة تمثيلهم فى المؤسسات الإعلامية، ليُظهروا للمجتمع قدراتهم الفريدة، ويسهموا فى تغيير النظرة النمطية تجاههم. 

كما أشاد بالقانون رقم 10 لعام 2018، واصفًا إياه بأنه «نقلة نوعية» حقيقية فى دعم دمج ذوى الهمم بالمجتمع.

وتحدث عن الإعلامية رحمة خالد، مقدمة برنامج «8 الصبح»، ووصفها بأنها تمتلك قدرات إعلامية مبهرة، مضيفًا: «ذوو الهمم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات».. وتابع: «التحديات ما زالت قائمة، خصوصًا على مستوى النظرة المجتمعية، لكن الدولة تبذل جهدًا فى هذا الملف، ومن بين الخطوات كارت الخدمات المتكامل الذى ساعد كثيرًا فى تسهيل حياة ذوى القدرات».

حق إنسانى

أوضحت الدكتورة منى الحديدى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن تواجد ذوى القدرات الخاصة فى المشهد الإعلامى والثقافى والفنى ليس جديدًا، مستشهدة برموز مثل الدكتور طه حسين فى الأدب، والموسيقار عمار الشريعى فى الموسيقى والغناء.

 وأشارت إلى أن الإذاعة سبقت التليفزيون فى احتضان هذه الفئة، لكن ظهور مذيعين من ذوى الهمم على الشاشة يعتبر أمرًا جديدًا نسبيًا.

وشددت «الحديدى» على أن قدرة الشخص على العمل فى المجال الإعلامى تعتمد على نوع ودرجة الإعاقة، موضحة أن العمل الإعلامى لا يقتصر على الظهور أمام الكاميرا، بل يشمل أدوارًا خلف الكواليس كمعدّين ومخرجين ومصورين ومراسلين. 

وأضافت: «وجودهم فى الإعلام حق إنسانى، بشرط توفر القدرات والموهبة والتأهيل النفسى. كما يجب أن يكون الفريق العامل معهم مؤهلًا للتعامل بطريقة واعية وسليمة، دون التركيز المفرط على الإعاقة، خاصة إذا كانت ظاهرة».

وأشارت الحديدى إلى أهمية تهيئة بيئة العمل لتكون مناسبة وتوفر تقنيات حديثة تساعدهم على الأداء بجودة عالية، مؤكدة أن فى عصر الذكاء الاصطناعى قد لا نتقبل المذيع الصناعى، لكننا بكل ترحيب نقبل المذيع البشرى وإن كان من أصحاب الإعاقات.. واستشهدت بتجربة والدها الذى كان أول طالب بساق صناعية يلتحق بكلية طب القصر العينى، تأكيدًا على أن التفوق هو المعيار الحقيقى للنجاح فى مختلف المجالات.

ولفتت إلى أن لجنة إعلام النشء بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تعمل على إعداد مدونة سلوك تنظم استخدام الأطفال فى الإعلانات والبرامج، مع التركيز على الأطفال من ذوى الهمم لضمان مشاركتهم بطريقة محترمة ومهنية.

كلية إعلام القاهرة

أما الدكتورة ثريا البدوى، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، فأكدت أن الكلية أنشأت وحدة خاصة للتواصل مع «القادرين باختلاف»، انطلقت بداية هذا العام بهدف تنمية مهاراتهم الإعلامية فى الكتابة، التصوير، وفنون العمل الصحفى والتليفزيونى والإذاعى.  وقالت: «نعمل على عرض مهاراتهم وإدماجهم فى المجتمع بشكل فعّال بعد التخرج، ونسعى لتأهيلهم لسوق العمل الإعلامى بكفاءة». وأضافت أن الوحدة تهتم كذلك بامتحاناتهم والتواصل مع أولياء الأمور، إلى جانب عقد ندوات وحفلات تفاعلية، مشيرة إلى أن العام الدراسى الحالى شهد تسجيل أكثر من 100 طالب من ذوى الهمم فى السنة الأولى فقط، مما يعكس حجم الإقبال والاهتمام المتزايد من هذه الفئة.

نجوم فى الإعلام

المذيعة رحمة خالد، مقدمة برنامج «8 الصبح» على قناة DMC، قالت: إن المجتمع أصبح أكثر وعيًا تجاه ذوى الهمم، من حيث أن هؤلاء الأشخاص هم جزء من المجتمع، قادرون على العمل والتعليم والنجاح فى أى مجال.

«خالد» عبرت عن مدى شعورها بالفخر والسعادة لمشاركتها فى تقديم برنامج «8 الصبح»، وأكدت أنها سعيدة بتوصيل رسالة هادفة للمجتمع مفادها أن ذوى الهمم قادرون على العمل، مشيرة إلى أنها تلقت ردود فعل إيجابية على مشاركتها فى البرنامج ولقاءاتها مع عدد من نجوم الفن.

وأوضحت رحمة خالد، أنها تتمنى دخول عالم التمثيل، وأنها تحلم بالعمل مع العديد من الفنانين الذين تحبهم مثل الفنان عادل إمام، الفنان كريم محمود عبدالعزيز، أحمد فهمى، منى زكى، ياسمين عبدالعزيز، نيللى كريم، حمادة هلال، وحمدى الميرغنى.

مقدمة برنامج «8 الصبح» أشارت إلى أن ذوى الإعاقة هم أفراد نافعين فى المجتمع، لافتة إلى أن الخدمات المتكاملة متاحة لهم، ولكنها تتمنى أن يتم تبسيط الإجراءات الخاصة بكارت الخدمات الذى يتم تجديده كل ثلاث سنوات.

من جانبها، عبّرت السيدة أمل عطيفة، والدة الإعلامية رحمة حسن من متلازمة داون، عن فخرها بما تحقق، واصفة المرحلة الحالية بـ«العصر الذهبى» لذوى الاحتياجات الخاصة، قائلة: «فى الماضى لم يكن أحد يعرف شيئًا عنا، وكان يُنظر إلينا بنظرة مشوهة، على أننا لا نملك أى قدرات، لكن اليوم الأمور تغيرت كثيرًا».

وأضافت: «الأهالى الآن أكثر وعيًا، ويؤمنون بأن أبناءهم من ذوى القدرات يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية تمامًا».

وختمت حديثها بالتأكيد أن التحديات ما زالت موجودة، لا سيما فى المجتمعات البسيطة التى تحتاج لمزيد من التوعية، خاصة فى ما يتعلق بأهمية التدخل المبكر، الذى يمكن أن يحد كثيرًا من الإعاقات ويمنح الأطفال فرصًا أفضل فى الحياة. الجدير بالذكر أن الإعلامية رضوى حسن شاركت فى تقديم برنامج «السفيرة عزيزة» على قناة DMC، فيما تتألق الإعلامية رحمة خالد فى تقديم برنامج «8 الصبح» على القناة نفسها، إلى جانب الإذاعى القدير رضا عبدالسلام، الذى كان رئيسًا لشبكة القرآن الكريم، مما يعكس صورة مشرقة لحضور ذوى الهمم فى الإعلام المصرى.