بين الماضى والحاضر.. حرفة تتحدى الزمن
سجاد سقارة.. أيادٍ مصرية «تتلف فى حرير»

بين جدران سقارة التى تحتضن تاريخ الفراعنة وآثارهم، لا يقتصر المشهد على الأحجار والنقوش، بل يمتد ليشمل أيادى ما زالت تنسج خيوطًا من الجمال. هنا، فى قلب القرية، يتوارث الناس صناعة السجاد اليدوى كما يتوارثون عاداتهم وتقاليدهم، لتبقى الحرفة حيّة شاهدة على أصالة المكان. ورش صغيرة تتحول إلى مسارح للإبداع، وأصوات الأنوال تصدح كأنها موسيقى لا تنقطع، لتصنع من الخيوط لوحات تحفظ التراث وتواجه الزمن.
فى قلب منطقة سقارة الأثرية، حيث تختلط عبق الحضارة المصرية القديمة بنبض الحاضر، تظل صناعة السجاد اليدوى شاهدة على فن متجذر فى وجدان المصريين.. هذه الحرفة التى تعود جذورها إلى مئات السنين، لم تكن يومًا مجرد عمل يدوي، بل لوحة فنية تحيكها الأيادى بخيوط من الصبر والإبداع. السجاد اليدوى فى سقارة يتميز بتصميماته المستوحاة من البيئة المصرية، ما بين أشكال فرعونية ونقوش هندسية وزخارف نباتية، لتصبح كل قطعة بمثابة وثيقة فنية تحفظ تفاصيل التراث.
ورغم التحديات التى تواجه الصناعة التقليدية فى ظل المنافسة مع المنتجات الآلية، فإنها ما زالت تحافظ على مكانتها الخاصة، سواء داخل مصر أو فى الأسواق العالمية.. كثير من الأسر فى سقارة تعتمد على هذه الحرفة كمصدر رزق رئيسى، حيث يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلاً بعد جيل.
وبينما يتعامل العالم مع السجاد اليدوى كمنتج فاخر أو قطعة ديكور، يراه الحرفيون فى سقارة امتدادًا لهويتهم وذاكرتهم الجمعية. ومع كل خيط يُغزل على النول، تُكتب حكاية جديدة تربط الماضى بالحاضر وتؤكد أن هذه الصناعة، مهما تغير الزمن، ستبقى جزءًا أصيلًا من روح المكان.