مصر «صوت القارة السمراء» إلى العالم

محمد سعيد هاشم
شهدت القاهرة خلال الفترة من 1 إلى 3 سبتمبر الجارى، حدثًا استثنائيًا، حيث استضافت لأول مرة اجتماعًا رسميًا لمجموعة العشرين، فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ تأسيسها عام 1999، إذ لم يُعقد أى اجتماع رسمى لها خارج دولها الأعضاء.
ويأتى هذا الحدث تقديرًا للدور المتنامى لمصر على الساحة الدولية، ولجهودها المستمرة فى الدفاع عن مصالح الدول النامية والإفريقية داخل المحافل متعددة الأطراف، كما يعكس الاجتماع اعترافًا دوليًا بمكانة مصر كفاعل محورى على المستويين الإقليمى والدولى.
من جانبه، أكد السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التعاون مع مجموعة العشرين يمثل لمصر فرصة مهمة للتأثير فى قضايا التنمية والاقتصاد العالمى، موضحًا أن قنوات التواصل مع المجموعة تتنوع بين الدبلوماسية المباشرة، والمشاركة فى الاجتماعات، والمساهمة فى ملفات حيوية مثل قضايا المناخ والتحول الرقمى، علاوة على إبراز مكانتها كدولة مستقرة قادرة على طرح مبادرات تدعم التكامل بين الشمال والجنوب، مستفيدة من خبرتها فى استضافة الفعاليات الدولية الكبرى، حيث يُعد مؤتمر المناخ (COP27) فى شرم الشيخ نموذجًا ناجحًا لقدرتها التنظيمية.
«هريدى»، أشار إلى أن البنية التحتية المتطورة فى مجالى السياحة والنقل، إلى جانب الكوادر الدبلوماسية والإدارية المؤهلة، تعزز جاهزية مصر لاستضافة اجتماعات على مستوى مجموعة العشرين، بما يعكس رغبة الدولة فى ترسيخ صورتها كمركز إقليمى للحوار والتعاون الدولى.
بدوره يرى السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن استضافة مصر لاجتماع رسمى لمجموعة العشرين تمثل اعترافًا دوليًا بمكانتها المتنامية إقليميًا ودوليًا، ودعمًا لدورها فى رفع صوت دول الجنوب على الساحة العالمية، موضحًا أن القاهرة قدمت خلال الاجتماع مقترحات بناءة لمعالجة التحديات المتعلقة بالأمن الغذائى، ناهيك عن أن مخرجات الاجتماعات من شأنها الإسهام فى جهود إنسانية هامة، من بينها تسهيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة وطرح مبادرات للتخفيف من معاناة الشعوب المتضررة بالنزاعات.
«بيومى»، أضاف أن اختيار القاهرة لاستضافة هذا الحدث الدولى يعكس ثقة المجتمع الدولى فى قدرة مصر على إدارة وتنظيم حوار عالمى بهذا الحجم.
السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن استضافة القاهرة لاجتماع مجموعة العشرين تمثل لحظة فارقة تثبت مكانتها كعاصمة دولية فاعلة تحمل هموم الشعوب النامية إلى طاولة الكبار، مضيفا أن مأساة غزة أبرزت بوضوح خطورة المجاعات المصطنعة الناتجة عن سياسات التجويع، مشددًا على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، باعتبارها قضية إنسانية ترتبط مباشرة بملف الأمن الغذائى العالمى.
حليمة، لفت إلى أن التعاون مع جنوب إفريقيا يعكس تكاملًا قاريًا يمنح القارة ثقلًا أكبر فى صياغة السياسات الدولية، ويفتح الباب أمام شراكات وتمويلات جديدة تسهم فى تعزيز الأمن الغذائى والتنمية المستدامة، مع معالجة أزمة التمويل والفجوة التنموية، مشيرًا إلى أن ندرة المياه وإدارتها عبر الحدود تمثل أحد أبرز التحديات التى لا يمكن فصلها عن قضية الغذاء، خاصة أن النقاشات شكلت الأساس لنتائج قمة جوهانسبرج المقررة فى نوفمبر 2025، وأضاف أن اجتماع القاهرة أتاح لدول الشرق الأوسط وإفريقيا فرصة أوضح لعرض رؤيتها فى ملف الأمن الغذائى، فى ظل اعتمادها الكبير على استيراد الحبوب والمواد الأساسية، مشيرًا إلى أن مصر بهذا الدور تسهم فى تضييق الفجوة بين الشمال والجنوب، وتدفع باتجاه إصلاحات أكثر عدلًا فى النظامين التجارى والمالى الدوليين، فضلًا عن أن القاهرة نجحت فى ترسيخ موقعها كجسر يربط إفريقيا بالعالم، وصوت معبر عن قضايا القارة، لتثبت قدرتها على المساهمة فى صياغة حلول عملية للتحديات الدولية.