النجم الساطع 2025 رسالة مصرية قوية للعالم تؤكد الجاهزية والردع

د. عمر علم الدين
وسط إشادة من 44 دولة مشاركة ومراقبة فى إحدى أهم التدريبات العسكرية فى العالم، اختتمت فعاليات التدريب المصرى الأمريكى المشترك “النجم الساطع -2025” بنجاح بعد تحقيق أهدافه بدقة وإثبات مصر قدرتها على التنظيم الاستراتيجى واللوجستى والتنفيذى لهذه المناورة، ما يعكس مكانتها كقوة إقليمية قادرة على إدارة التدريبات العسكرية متعددة الجنسيات بكفاءة، وتقديم تعاون فعّال مع شركائها، وتبادل الخبرات والتكتيكات الحديثة، ورفع مستوى الجاهزية القتالية للقوات المشاركة.
مكافحة الإرهاب وتأمين المناطق الحيوية
خلال المناورة تم تنفيذ تدريب عملى للقضاء على بؤرة إرهابية مسلحة وتطهيرها من كافة العناصر الإرهابية وتأمين عودة الحياة إلى طبيعتها، كما تم تنفيذ عدد من المشاريع، منها مشروع تكتيكى يتضمن تبادلاً للأدوار بين الفرق المشاركة، والاشتباكات العسكرية الحية، وإطلاق نار حى من مختلف الأسلحة، مع عمليات جوية وبرية وبحرية، بالإضافة إلى سلسلة تدريبات مشتركة متنوعة.
وتضمنت المرحلة الختامية للتدريب تنفيذ مشروع تكتيكى للرماية بالذخيرة الحية لمختلف الأسلحة والقوات المشاركة بالتدريب، حيث قامت المقاتلات متعددة المهام والهليكوبتر المسلح المضاد للدبابات بالاشتباك وتدمير الأهداف المعادية، كما تم تنفيذ أعمال القصف المدفعى بدقة عالية على كافة الأهداف المخططة، وتم دفع المقدمات الميكانيكية والمدرعة للقوات المشاركة المدعومة بعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات ووسائل وأسلحة الدفاع الجوى لاستكمال تطوير الهجوم وتدمير الأهداف المعادية، وظهر خلال هذه المرحلة التعاون الوثيق بين كافة عناصر تشكيل المعركة والقدرة العالية على المناورة واستغلال طبيعة الأرض لتنفيذ المهام طبقاً للتوقيتات المحددة، واختتمت الفعاليات بتنفيذ عناصر المظلات قفزة الصداقة بأعلام الدول المشاركة بالتدريب.

تعزيز علاقات التعاون العسكرى
شهدت المرحلة الختامية حضور قيادات عسكرية رفيعة المستوى، فى مقدمتهم الفريق أول عبدالمجيد صقر وزير الدفاع والإنتاج الحربى والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة والفريق أول براد كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية والفريق أول ديميتريوس خوبيس رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليونانية وقادة الأفرع الرئيسية، وعدد من قادة القوات المسلحة المصرية والدول المشاركة بالتدريب والملحقين العسكريين، وعدد من دارسى الكليات والمعاهد العسكرية والإعلاميين.
ونقل الفريق أول عبدالمجيد صقر تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وترحيبه بالدول الشقيقة والصديقة المشاركة بالتدريب، كما أثنى على الأداء المتميز خلال تنفيذ المرحلة بما يعكس القدرات القتالية العالية للقوات المشتركة بالتدريب ومدى القدرة على تنفيذ المهام المشتركة بكفاءة واقتدار، مشيراً إلى أهمية التدريب وما يمثله من دعم لتعزيز أوجه علاقات التعاون العسكرى.
مكاسب استراتيجية متعددة
حمل التدريب العديد من الرسائل، حيث أكد اللواء طيار د. هشام الحلبى المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية أن مناورات النجم الساطع تمثل رسالة واضحة على جاهزية القوات المسلحة المصرية لتنفيذ مختلف أشكال العمليات المشتركة بكفاءة عالية، مشيراً إلى أن القوات المصرية تتميز بنمط قتالى خاص يتناسب مع طبيعة مسرح العمليات فى المنطقة.
وأوضح “الحلبى” أن هذه المناورة تحقق لمصر مكاسب استراتيجية متعددة فى مقدمتها تبادل الخبرات مع جيوش الدول المشاركة والتعرف على أحدث الأسلحة والمعدات والتقنيات العسكرية، فضلاً عن تطوير أساليب القتال لمواجهة التحديات الأمنية غير التقليدية وعلى رأسها الإرهاب.
وأضاف أن «النجم الساطع» ليست مجرد تدريب عسكري، بل هى منصة استراتيجية للتعاون الدولي، حيث تشهد مناقشات تكتيكية وعملية بين ضباط وجنود من مختلف الجنسيات، بما يعزز مستوى التنسيق المشترك ويرفع من الكفاءة القتالية.
وأشار إلى أن استضافة مصر لهذه المناورة يؤكد مكانتها الإقليمية والدولية ويعكس متانة العلاقات العسكرية التى تربطها بالولايات المتحدة وعدد كبير من الدول، مؤكداً أن المشاركة الواسعة فيها دليل ثقة المجتمع الدولى فى الدور المصرى كقوة استقرار محورية فى المنطقة.
كما لفت الحلبى إلى أن للمناورة تاريخاً ممتداً منذ عقود، حيث توقفت لبعض الفترات لكنها عادت لتثبت مكانتها كواحدة من أكبر وأهم التدريبات العسكرية على مستوى العالم، وهو ما يجعل مصر ساحة رئيسية للتدريب ومركز ثقل عسكرى إقليمي.
واختتم مؤكداً أن النجم الساطع تحمل رسائل سياسية وعسكرية مهمة فهى تعكس قدرة مصر على إدارة تحالفات عسكرية واسعة، وتعزز صورة القوات المسلحة كقوة إقليمية ذات مصداقية ورادع قوى يحمى الأمن القومى المصرى والعربى.
رسالة ردع
وحول حساسية توقيت تدريب النجم الساطع، قال اللواء د.نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة منذ معاهدة السلام عام 1980 يُنفذ التدريب كل عامين، وهذا وقته المحدد.
وأشار اللواء سالم إلى أن هناك أهدافاً تدريبية وأخرى سياسية، فالهدف التدريبى معروف وهو رفع كفاءة القوات وتدريبها والاطلاع على أحدث الأسلحة والتكتيكات، مع تبادل الخبرات بين الدول المشتركة بما يرفع مستوى القوات والقيادات.

أما الهدف السياسى بالنسبة لمصر فهو انتهاج استراتيجية الردع فى الدفاع عن الوطن، حيث تمتلك مصر استراتيجيتين: الأولى دفاعية تقوم على مواجهة أى عدو يعتدى عليها والانتصار عليه، والثانية استراتيجية ردع تهدف إلى تجنب الدخول فى حرب مكلفة عبر امتلاك قدرات تفوق قدرات العدو، وإظهارها بوضوح فى التدريبات والمناورات الكبرى مثل النجم الساطع لإرسال رسالة ردع واضحة بأن الجيش المصرى قوى، ولا يمكن المساس به.
وأضاف “سالم” أن عنصر المفاجأة فى التكتيكات العسكرية معروف للجميع من حيث المكان والزمان والسلاح، لكن الاختلاف يكمن فى كيفية الأداء على الأرض، وهو ما تبرزه التدريبات المشتركة.
وأكد أن التدريب له تأثير إيجابى كبير، رغم أن جزءاً فقط من الجيش هو الذى يشارك فيه، موضحاً أن المناورات مع الولايات المتحدة والدول الأخرى لا تعنى غياب الحذر من مواقفها بل على العكس فهى تقوى العلاقات العسكرية، وتكشف فى الوقت ذاته عن قدرات الجيش المصرى أمام العالم.
واعتبر اللواء سالم أن أهم رسالة من التدريب هى أن مصر تمتلك جيشاً قوياً قادراً على حماية أمنه القومى موجهاً رسالة ردع واضحة إلى الأعداء بألا يعبثوا مع مصر، مؤكداً أن حماية الوطن عقيدة راسخة لدى الجيش والشعب، مستشهداً بتجربة حرب أكتوبر 1973 التى خاضتها مصر بما تملك من إمكانات واستطاعت بفضل عقيدتها القتالية وإرادة جنودها تحقيق النصر.