الإثنين 22 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مستقبــل الإعــلام مـع «الـروبــوت».. هـل نقـول وداعًا للمـذيعين؟!

ليلى عبد المجيد: الاستغناء عن المذيعين والصحفيين مستحيل



علاء بسيونى: المذيع الافتراضى مجرد تريند.. والتوك شو خارج حساباته

منى الحديدى: الكاريزما لا تُفبرك.. والجمهور لن يتقبل حوارًا تديره دمية

 

فى زمنٍ يتسابق فيه العالم نحو المستقبل بسرعة الضوء، لم يعد الذكاء الاصطناعى مجرد تقنية مساعدة خلف الكواليس، بل أصبح لاعبًا رئيسيًا يقتحم مجالات كبرى مثل الطب، التعليم، وحتى الإعلام. تخيّل أن تفتح شاشة التليفزيون لتجد مذيعًا افتراضيًا يقرأ لك نشرة الأخبار بصوت وصورة قد يصعب التفرقة بينهما وبين الإنسان! هذا المشهد الذى بدأنا نراه بالفعل فى قنوات مثل Extra News وراديو 90 90 يطرح سؤالًا مثيرًا للجدل: هل نحن أمام خطوة ثورية ستعيد تشكيل الإعلام، أم مجرد «موضة عابرة» لا تستطيع سرقة الكاريزما الإنسانية للمذيع الإنسان؟

روزاليوسف طرحت تلك الفكرة على عدد من خبراء الإعلام لكشف رؤيتهم حول مستقبل الإعلام.

الإعلامى علاء بسيونى يرى أن فكرة ما يسمى الذكاء الاصطناعى ليست جديدة اليوم، وإنما بدأت مع تعليمات استخدام الكمبيوتر وبرمجته على أداء حسابات وعمليات معقدة فى ثوانٍ، وأداء مهام متعددة حتى ظهر ما يسمى «سوبر كمبيوتر»، وكان ذلك منذ سنوات طويلة، وهو ثورة فى عالم التكنولوجيا وأرشفة لكمية معلومات غير طبيعية والوصول إلى مكتبات ومعلومات وغيرها.

بسيونى» يوضح أن تأثير الذكاء الاصطناعى على الإعلام أن شكله سيختلف من خلق فيديوهات وتفاصيل واختيار شخصية، وهناك برامج أخرى للذكاء الاصطناعى خاصة بالصور وتركيب خامة صوت مطرب ما ليغنى أغنية لمطرب آخر.

وهذا أصبح موجوداً خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة وما له من تأثير على الأخلاقيات، فهو ذكاء شرير والمفروض أن تكون هناك قدرة على مواجهته بوجود برامج تكشف هذا الزيف وتستطيع التفريق بين الصوت أو الصورة الأصلى والمفبرك أو لا، مع ضرورة تجريم هذه الأفعال وتغليظ عقوبتها.

«أشعر أن بعض الناس لديهم مخاوف من فكرة إحلال الروبوت بالذكاء الاصطناعى محل المذيع، مثلما حدث مع بداية الثورة الصناعية من الاستغناء عن الأيدى العاملة مقابل أن الآلات هى التى تقوم بالتصنيع والتعبئة، فهل يا ترى الدور قادم على الإعلام؟ الله أعلم».

هكذا يواصل علاء بسيونى حديثه، ويستدرك «لكن استبعد أن يقدم مذيع بالذكاء الاصطناعى برنامج توك شو مثلاً ويدير حواراً على الهواء مع ضيف أو أكثر، فهذا مستحيل، لكن يمكن لروبوت أن يقدم فقط نشرة أخبار، وذلك حينما نصل لاحترافية كبيرة فى الإعلام».

ويتابع: «فكرة استعانة بعض القنوات بمذيعين بالذكاء الاصطناعى ما هو إلا نوع من التريند أو موضة، إذ إنهم فضلوا عمل هذه المبادرة لجذب المشاهد».

من جانبها، تقول الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، إن الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى فى الإعلام مسألة مهمة وضرورية ولها إيجابيات كثيرة، فهى تساهم فى تقديم العمل بشكل أكثر سرعة وجودة، وتعطينا إنتاجاً نستعين به فى أشياء كثيرة ممكن تحقيقها.

عبد المجيد تضيف: «فى بعض الحالات تكون حياة الصحفى مهددة بالخطر مثل الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية، وبالتالى إذا أرسلنا روبوت فإن هذا بالتأكيد يحافظ على حياة الصحفى، مثلما شاهدنا فى حرب غزة حين فقد عدد كبير من الصحفيين حياتهم وكانوا مستهدفين عن قصد من الجانب الإسرائيلى».

تضيف:«الذكاء الاصطناعى له استخدامات مهمة، لكن فكرة الاستغناء عن المذيعين والصحفيين وأن يحل محل العنصر البشرى فهذا مستحيل، لأنه سيظل البشر والعقل البشرى لا غنى عنه مهما وصل الذكاء الاصطناعى من تطور، لكن بشرط أن يطور الصحفى نفسه ويستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعى وإيجابياته كى تساعده فى مهنته، على أن يعرف التعامل مع الذكاء الاصطناعى بمسئولية، خاصة أن له سلبيات كثيرة مثل اختراق الخصوصية، ونشر معلومات مزيفة ومفبركة، وقد يصل هذا إلى التزييف العميق بأن يظهر شخص صوتاً وصورة يتحدث بكلام لم يصدر عنه من الأساس».

وتوضح أن بعض أدوات الذكاء الاصطناعى تساهم فى كشف هذا الزيف لكنها فى الوقت نفسه تصنعه، مشيرة إلى أن هناك أشخاصاً يتخوفون من فكرة الاستغناء عن الإعلاميين من مذيعين وصحفيين وفى مهن أخرى أيضاً مثل الخدمات الطبية، وهذا حدث بالفعل فى بعض الدول، لافتة إلى أن انتشار هذا الأمر فى الإعلام يتوقف على قدرة الصحفى نفسه على التطور وأن يطوع هذه الآلات ولا يكون خاضعاً لها، ومن الطبيعى الاستفادة من التطور التكنولوجى وإيجابياته.

أما الدكتورة منى الحديدى، أستاذ الإعلام جامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فتشير إلى أن تطورات تطبيقات الذكاء الاصطناعى أصبحت موجودة فى كل المجالات والأنشطة، لكن ليس مطلوباً أن تلغى الجانب الإنسانى والشخصى، خاصة فى بعض المجالات، فى حين يمكنها إلغاء الجانب البشرى فى بعض الأنشطة مثل أداء بعض الخدمات فى المطارات ومطاعم الأكل السريع.

«الحديدى» تؤكد أنه «لا يمكن إلغاء الجانب الإنسانى البشرى فى مجالات مثل الإعلام والفنون المختلفة، حتى فى الخدمات التى نسميها عالية الجودة والمستوى مثل مطعم خمسة نجوم، فلا يمكن قبول أن تصبح فيه الخدمة بروبوت، لأن الجانب الشخصى مهم، وهناك دورات تدريبية فى مجالات الفندقة يؤكدون فيها دائماً على أهمية الجانب الإنسانى بين مقدم الخدمة والعميل، فلها دور كبير».

وتلفت إلى أنه من الصعب أن يحل الروبوت محل المذيع، لأنه يبقى دور العامل البشرى المتميز مثلما نقول «نسخة أصلية» وليس تقليداً. وأضافت: «كثير من البرامج تكون مسموعة بسبب مقدمها، نظراً لقبول الجمهور له، ولغة الجسد فى الإعلام مهمة جداً، ولا يوجد هذا الأمر فى المذيع بالذكاء الاصطناعى. وفى عالم الإعلام والسينما هناك ما يعرف بالكاريزما، وهذا ما يميز بين مذيع وآخر، لكن يمكن أن يُستخدم الروبوت بالذكاء الاصطناعى فى إعلام الأزمات، فيكون المراسل روبوتاً لتوفير قدر من الحماية والأمن للبشر، وليس أن يكون مقدم برنامج حوارى، فمن المستحيل أن يحاور الضيف دمية مهما كانت مصنعة بشكل احترافى، فلن تكون مؤثرة ولن يتقبلها الجمهور».

وتستطرد قائلة: «يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى فى برنامج معين لإظهار مدى التطور التكنولوجى، وليس على كامل الشاشة، أى استخدامه بحدود. وأرى أن استعانة بعض القنوات بمذيع بالذكاء الاصطناعى ما هو إلا دخول فى التريند مثلما شاهدنا أيضاً فى عدد من القنوات العربية، فى حين أن القنوات العالمية، رغم إمكانياتها الكبيرة وتطورها، إلا أنها لم تستخدم الروبوت ولم تلغ الجانب الإنسانى».