مصر.. صوت العقل لحل الأزمات الإقليمية والدولية

محمد سعيد هاشم
تقود الدولة المصرية جهودًا دبلوماسية على مختلف المحافل الدولية، فى ضوء الصراعات الإقليمية، والحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، حيث جاءت مشاركة الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، فى أعمال الدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك لتجسد حيوية السياسة الخارجية للقاهرة فى مواجهة التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، إذ عقد الوزير سلسلة مكثفة من اللقاءات الثنائية والمتعددة الأطراف مع كبار المسئولين الدوليين والإقليميين، ركزت جميعها تثبيت وقف إطلاق النار فى غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والمضى فى جهود إعادة الإعمار، إلى جانب تناول قضايا إقليمية ملحة أخرى.
لقاء المبعوث الأممى إلى سوريا
تصدر لقاء المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، جير بيدرسون، أجندة لقاءات وزير الخارجية المصرى، حيث أكد تقدير مصر جهود دعم مسار التسوية السياسية، مؤكدًا ثبات الموقف المصرى القائم على وحدة سوريا وسلامة أراضيها ورفض أى انتهاكات لسيادتها، مشددًا على ضرورة استمرار مكافحة الإرهاب وتحقيق عملية انتقالية شاملة، فضلُا عن إدانة القصف الإسرائيلى المتكرر للأراضى السورية معتبرًا أن ذلك تهديدًا للاستقرار الإقليمى.
لقاء وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية
اجتمع عبدالعاطى، بتوم فليتشر، وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة فى حالات الطوارئ، حيث شدد على دعم مصر لجهود مكتب تنسيق الشئون الإنسانية فى حماية المدنيين الفلسطينيين وضمان نفاذ المساعدات رغم العراقيل الإسرائيلية، مشيدًا بالدور المصرى فى تقديم النسبة الأكبر من المساعدات إلى غزة، وأن هناك استعدادًا لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة إعمار القطاع فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
لقاء المفوض السامى لشئون اللاجئين
وبشأن أوضاع اللاجئين، التقى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فيليبو جراندى، حيث ناقش الطرفان أوضاع اللاجئين فى مصر، مشددًا على رفض مصر أى محاولات لتهجير سكان غزة وتجديد الدعوة لوقف إطلاق النار.
لقاء المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي
فى ضوء اللقاءات، اجتمع الوزير مع سيندى ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمى، حيث ثمن جهود البرنامج فى مواجهة الأزمات الإنسانية مشيدًا بمواقفه المطالبة بوقف إطلاق النار، مستعرضًا خطط مصر لإقامة مركز عالمى لتخزين وتجارة الحبوب دعمًا للأمن الغذائى الإقليمى، إلى جانب أهمية الضغط الدولى لوقف استخدام التجويع كسلاح ضد الفلسطينيين.
لقاء الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي
كذلك، التقى الوزير مع جاسم البديوى، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى، حيث أكد عمق العلاقات “المصرية ـ الخليجية” وأهمية التنسيق فى مواجهة التحديات الإقليمية، مشددًا على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، مدينًا العدوان الإسرائيلى الأخير ضد دولة قطر، ناهيك عن بحث سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية والتحضير للمنتدى المصرى الخليجى للتجارة والاستثمار.
لقاء المديرة التنفيذية للآلية الأفريقية لمراجعة النظراء
الوزير عقد اجتماعًا مع السفيرة مارى أنطوانيت، المديرة التنفيذية للآلية الأفريقية لمراجعة النظراء، حيث استعرض مسيرة التعاون فى مجالات الحوكمة وتمكين المرأة والشباب والإصلاح الإدارى، مؤكدًا استعداد مصر لمواصلة تقديم خبراتها ودعمها لمشروعات الآلية والمشاركة فى فعالياتها المقبلة.
لقاء رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر
عبدالعاطى التقى ميريانا سبولياريتش، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث جرى بحث الدور الإنسانى لمصر فى غزة وتعاونها مع اللجنة لتأمين تدفق المساعدات، إلى جانب التحذير من خطورة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولى الإنسانى، كما تم الاتفاق على مشاركة اللجنة فى فعاليات منتدى أسوان ومؤتمر إعادة إعمار غزة.
لقاء رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
أما اللقاء بين الوزير وكومفورت إيرو، رئيسة مجموعة الأزمات الدولية، فتناول الرؤية المصرية لحل الأزمة فى غزة عبر وقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات ورفض أى خطط للتهجير، إلى جانب التطرق للملف النووى الإيرانى والاتفاق الذى رعته القاهرة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتأكيد دعم مصر للاستقرار فى السودان.
لقاء وزير خارجية الكويت
كذلك، اجتمع عبدالعاطى بنظيره الكويتى الشيخ عبدالله اليحيا، حيث تم استعراض العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين وسبل تطوير التعاون الاقتصادى والاستثمارى، مؤكدًا رفض مصر العدوان الإسرائيلى على غزة وقطر، وأن أمن الخليج ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومى المصرى.
قضايا الديون والتنمية
شارك الوزير فى اجتماع منصة الدول المقترضة، حيث أكد ضرورة إصلاح النظام المالى العالمى، وتجنب تفاقم أزمة الديون التى تهدد العديد من الدول النامية، داعيًا إلى تمثيل أوسع لهذه الدول فى عملية صنع القرار المالى الدولى.
لقاء كبير مستشارى الرئيس الأمريكى للشئون العربية
من بين اللقاءات، قام عبدالعاطى، بلقاء كبير مستشارى الرئيس الأمريكى للشئون العربية والأفريقية، مسعد بولس، حيث تناول الطرفان جهود احتواء الأزمة السودانية، ودعم العملية السياسية فى ليبيا، والتطورات فى منطقة البحيرات العظمى، إلى جانب التحضيرات المصرية لاستضافة منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة.
دعم مصر لوحدة اليمن
أكد الوزير خلال لقاءه نظيره اليمنى دعم مصر الثابت لوحدة اليمن واستقراره، مشددًا على أن الحل السياسى السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة.
علاقات متنامية مع المجر
أيضًا بحث الوزير مع نظيره المجرى سبل تعزيز التعاون فى السكك الحديدية والتحول الرقمى، مثمنًا دعم بودابست لمصر داخل الاتحاد الأوروبى، ومؤكدًا التوافق حول رفض التهجير فى غزة.
شراكة استراتيجية مع سلطنة عُمان
شدد فى لقائه مع نظيره العُمانى على خصوصية العلاقات بين البلدين وأهمية أمن الخليج كجزء من الأمن القومى المصرى، مع بحث القضايا الإقليمية وفى مقدمتها فلسطين واليمن.
تعاون متزايد مع العراق
الوزير أشاد أيضًا بنتائج اللجنة العليا المشتركة بين مصر والعراق وما أسفرت عنه من توقيع ١٢ اتفاقية، مؤكدًا دعم وحدة العراق، والتوافق على إدانة العدوان الإسرائيلى على غزة.
ناقش مع نظيره الأوغندى سبل توسيع التعاون الاقتصادى وتشكيل مجلس أعمال مشترك، مجددًا تأكيد مصر أن قضية مياه النيل قضية وجودية لا تقبل المساس.
كما استعرض مع نظيره الإيرانى الاتفاق النووى الأخير الموقع بالقاهرة، مؤكدًا أهمية استئناف المفاوضات لتهيئة مناخ داعم للاستقرار الإقليمى، ناهيك عن مشاركته فى الاجتماع الوزارى للمنتدى، حيث دعا إلى حماية التراث الثقافى الفلسطينى، وأبرز دعم مصر لترشيح الدكتور خالد العنانى مديرًا عامًا لليونسكو.
هذه الاجتماعات واللقاءات، عززت دور مصر كفاعل إقليمى ودولى رئيسى فى دعم مسار حل الدولتين والعمل على رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، حيث برزت الدبلوماسية المصرية كإحدى الأدوات الأكثر فعالية لتحقيق أهداف واضحة تتمثل فى إعادة إعمار غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، وحشد الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية.
لذا، وفى هذا السياق شهدت الدورة الثمانون للجمعية العامة للأمم المتحدة تحولًا مهمًا فى المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية، تمثل فى الإعلان التاريخى عن اعتراف عدد من الدول الغربية بدولة فلسطين، حيث أعلنت كل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا وموناكو اعترافها الرسمى، إذ يعكس هذا التطور اتساع دائرة التأييد الدولى للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وتنامى القناعة بضرورة إحياء مسار حل الدولتين كخيار واقعى لتحقيق السلام العادل والاستقرار الإقليمى، وفى هذا السياق لعبت الدبلوماسية المصرية دورًا محوريًا فى حشد هذا الزخم الدولى، من خلال جهود مكثفة وتأكيد مكانة مصر كوسيط رئيسى قادر على الموازنة بين متطلبات الأمن والاستقرار وتطلعات الشعب الفلسطينى فى الحرية والدولة المستقلة.