الإثنين 29 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السفير عمر عوض الله وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية: رفض مصر القاطع للتهجير أجهض المشروع الإسرائيلى

فى ظل الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، وما رافقها من جرائم إبادة وتهجير ومجاعة ممنهجة، تتعاظم مسئولية الدبلوماسية الفلسطينية فى نقل الرواية الصادقة للعالم، والعمل على فضح الاحتلال ومساءلته أمام المؤسسات الدولية، «روزاليوسف» أجرت حوارًا شاملًا مع السفير عمر عوض الله، وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية، الذى تحدث بوضوح عن المشهد السياسى الفلسطينى الراهن، وجهود الدبلوماسية فى المحافل الأممية، والمواقف الدولية المتغيرة، علاوة على الدور التاريخى لمصر فى حماية القضية الفلسطينية، إضافة إلى دلالات الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين، ورسائلها العميقة للشعب الفلسطينى وللعالم.. وإلى نص الحوار:



■ ما تقييمك للمشهد السياسى الفلسطينى فى ظل الانقسام والحرب على غزة؟

- المشهد كارثى بامتياز، وسبب ذلك الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد شعبنا فى قطاع غزة، والمجاعة، واستخدامها كسلاح حرب، والتهجير المتكرر، وامتداد هذه الإبادة إلى الضفة الغربية بما فيها القدس، فإسرائيل ترتكب جرائم تطهير عرقى فى الضفة، علاوة على إرهاب المستوطنين، والاعتداء على المقدسات المسيحية والإسلامية، ووضع الحواجز والبوابات الحديدية التى تعزل المدن والقرى الفلسطينية، وتحولها إلى “كانتونات” ومعازل وتجمعات، فى ترسيخ لـ «الأبارتهايد»، هذا أعاد ترتيب الأولويات الفلسطينية إلى ضرورة وقف العدوان الإسرائيلى، ووقف إطلاق النار، ومنع التهجير القسرى، ووقف المجاعة وحماية الشعب الفلسطينى، وفى ذات الوقت، تأمين وصول المساعدات والإغاثة، وصولًا إلى إعادة الإعمار والتعافى استنادًا للخطة العربية– الإسلامية.

■ كيف تعكس الدبلوماسية الفلسطينية حجم الكارثة الإنسانية فى غزة للعالم؟

- العمل الدبلوماسى الفلسطينى، ورغم الألم والمعاناة، مستمر لإيصال الرسالة الفلسطينية والرواية الصادقة حول الكارثة، وحول الجرائم التى ترتكبها إسرائيل، حيث نعمل من خلال عمقنا العربى، والعالم الإسلامى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامى، ودعم حركة دول عدم الإنحياز، وصولًا إلى استخدام أدوات القانون الدولى، والمحاكم الدولية، ومجلس الأمن والجمعية العامة، هذا جعل الرواية الفلسطينية مرتبطة بالضرورة بالقانون الدولى، وجيش العالم خلف مصداقيتها، وكشف زيف القصص الإسرائيلى والخرافات.

كما اعتمدت الدبلوماسية الفلسطينية على مصادر الأمم المتحدة ومخرجات القانون الدولى، وطورت أساليب العمل الشعبى، ووسائل التواصل الاجتماعى، والعمل مع المتضامنين وحركات التضامن الدولية، خاصة أن الكارثة فى قطاع غزة هى حرب إبادة مسجلة وتم بثها على شاشات التليفزيون، وعلى العالم اتخاذ خطوات عملية لوقف هذه الحرب.

■ كيف تقيّم الموقف الدولى الحالى تجاه ما يحدث فى غزة والضفة الغربية؟ وهل ترى أن هناك تحولًا فى لغة بعض الدول الكبرى؟

- هناك تطور ملحوظ فى مواقف المجتمع الدولى، ونستطيع القول: إن هناك نضجًا أكبر فى المواقف وفهمًا أعمق للقضية الفلسطينية وجذر المعاناة، فالعديد من الدول بدأت باتخاذ قرارات وعقوبات على إسرائيل بسبب حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى، وبعضها أصبحت تستخدم مصطلح «إبادة جماعية» كوصف قانونى لما ترتكبه إسرائيل فى غزة، وبعضها بدأ باتخاذ خطوات عقابية مثل حظر وصول السلاح، ومنع الإتجار مع المستوطنات غير الشرعية، ومنع دخول المستوطنين وبعض الوزراء المتطرفين والإرهابيين إلى دولها، وبعضها قطع علاقته الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل.

■ هل ما زال حل الدولتين مطروحًا بشكل جدى فى ظل التوسع الاستيطانى ومحاولات التهجير المستمرة؟

- الاستيطان غير شرعى، ويشكل تهديدًا استراتيجيًا لحل الدولتين، لكنه لن يصبح أمرًا واقعًا فى الأرض الفلسطينية المحتلة، وسنتابع عملنا حتى تفكيك كل المستوطنات، وإجلاء جميع المستوطنين عن الأرض الفلسطينية، وذلك تنفيذًا للرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية حول عدم مشروعية الاحتلال، فحل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للحياة، ومحاولات إسرائيل لتقليص الجغرافيا الفلسطينية بحاجة إلى مواجهة بكل الوسائل، وبكل الأحوال، يجب أن يكون تعريف حل الدولتين واضحًا، بأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير، هو لب حل الدولتين.

■ ما أبرز الضغوط أو العوائق التى تواجهها الدبلوماسية الفلسطينية داخل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية؟

- أبرز العوائق هى عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والفيتو الذى يمنح إسرائيل الحصانة من العقاب، كما ظهرت مؤخرًا صعوبة الحصول على التأشيرات لدخول الولايات المتحدة للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة، وإيصال الرسائل الحقيقية حول القضية الفلسطينية، فى مخالفة واضحة للقانون الدولى واتفاقية المقر بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

■ هل هناك مساع لتفعيل قرارات القمم العربية الأخيرة بشأن فلسطين؟

- دومًا، الرافعة الرئيسية للحراك الفلسطينى هى البعد العربى والإسلامى وقرارات هذه المؤسسات، ونحن جاهزون للعمل سويًا للوصول إلى نتائج ملموسة.

■ كيف تقيّمون الدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية وإحباط مخطط التهجير؟

- دور الشقيقة مصر تاريخى، فهى الحامى لحقوق أبناء شعبنا، بما فيها مواجهة المخططات الإسرائيلية المتكررة لتصفية القضية الفلسطينية، والمشروع الإسرائيلى الحالى يسعى لتصفية القضية الفلسطينية من خلال حرب الإبادة، التطهير العرقى، والتهجير القسرى، لكن القيادة المصرية أعلنت أن التهجير، تحت أى مسمى، مرفوض ويعتبر خطًا أحمر وإعلان حرب ضد الأشقاء، فمصر تلعب دورًا مهمًا كوسيط، بالإضافة إلى دورها الإنسانى فى إدخال المساعدات ومنع المجاعة فى غزة.. وعلى المستوى الدولى، فإن الدور المصرى فى الأمم المتحدة والمؤسسات الأممية أساسى.

■ ما الدور الذى يمكن أن تلعبه الدبلوماسية العربية فى إعادة إعمار غزة ومنع تكرار العدوان؟

- الدبلوماسية العربية والإسلامية لعبت دورًا مهمًا من خلال لجنة الاتصال الوزارية برئاسة وزير الخارجية السعودى، وعضوية الدول العربية والإسلامية، المنبثقة عن القمة العربية– الإسلامية، بما فيها الشقيقة مصر، فالدور العربى يتعاظم سياسيًا وإنسانيًا وإغاثيًا، بخطاب موحد، ودور الوساطة المصرية والقطرية فى وقف العدوان والحرب على شعبنا والإبادة.. كما أن الشقيقة مصر وبالتعاون مع دولة فلسطين أعدت خطة التعافى وإعادة الإعمار، والتى تم اعتمادها عربيًا وإسلاميًا، وأصبحت معتمدة دوليًا لإعادة إعمار قطاع غزة.

■ ما الخطوات التى تتخذونها لملاحقة قادة الاحتلال فى المحكمة الجنائية الدولية؟

- المسار القانونى الفلسطينى هو استراتيجى وجدى فى مساءلة الاحتلال الإسرائيلى ومجرمى الحرب.. ونعمل مع جميع مؤسسات القانون الدولى والجنائى لإنصاف ضحايا الشعب الفلسطينى من خلال تقديم المعلومات والوثائق، واللقاءات، والتعاون مع الجهات المختصة.

■ هل تتوقعون أن يثمر الحراك القانونى عن قرارات ملزمة أم أن إسرائيل ستبقى فوق القانون؟

- نحن على قناعة بأن الحراك القانونى سيجلب نتائج ملموسة، مثلما تم إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير حربه السابق.. فالمسار سيتواصل حتى إحقاق العدالة للشعب الفلسطينى.. وإسرائيل دولة مارقة، وهذا يحمل المجتمع الدولى مسئولية مساءلتها ومحاسبتها وجلب مجرمى الحرب الإسرائيليين إلى العدالة الدولية.

■ ما رسالتكم للمجتمع الدولى بشأن مسئولياته تجاه جرائم الحرب فى غزة؟

- على المجتمع الدولى الخروج من مربع الإدانات إلى التحرك العملى لمحاسبة الاحتلال، بكل السبل المتاحة، وعلى مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية.. ويجب الالتزام بالقانون الدولى والعمل على تفعيل قرارات الأمم المتحدة، ومحاصرة مجرمى الحرب.

■ ما الذى تنتظره القيادة الفلسطينية من الاتحاد الأوروبى؟

- الاتحاد الأوروبى داعم كبير للفلسطينيين، ونريد أن تنسجم مواقف الدعم الاقتصادى والتجارى مع الدعم السياسى.. ونطالب بوقف العدوان الإسرائيلى، ووضع عقوبات على إسرائيل، ووقف الاتفاقيات التى تنتهك المادة الثانية منها والتزامات الاتحاد الأوروبى تجاه حقوق الإنسان.

 ■ ما دلالات الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين فى هذه المرحلة؟

- الاعترافات الدولية بدولة فلسطين خلال المؤتمر الدولى خطوات تاريخية، عملية، وشجاعة، ولا رجعة فيها للوصول إلى الدولة الفلسطينية عبر الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.. الاعترافات رسالة أمل للشعب الفلسطينى، وجهد خالص لنضاله، ودعم لا محدود من الأشقاء فى السعودية وفرنسا اللتين ترأستا المؤتمر الدولى لحل القضية الفلسطينية بالسبل السلمية، ومعهما الدول الشقيقة والصديقة التى ترأست فرق العمل، ومنها الشقيقة مصر ودورها المحورى التاريخى فى هذا الحراك السياسى والدبلوماسى.

هذه الرسائل كبيرة، خاصة فى وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطينى لأبشع جريمة فى التاريخ، جريمة الإبادة الجماعية.. والاعتراف الدولى يؤكد حق شعبنا فى الوجود، الحياة، ودولته المستقلة، ولا سيادة لإسرائيل على أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس.