بطولات نساء سيناء الفدائيات على خط النار

الشيماء طلعت
لا تزال صفحات التاريخ تجود بحكايات عن بطولات لنساء من أرض سيناء المباركة، حملن الوطن فى قلوبهن، وأرواحهن على أكفهن، على خط النار، تحت قصف لا يتوقف، يخضن فى دروب ومغارات لصحراء وعرة، لدعم ومساندة جيش وطنهن، غير مكترثات أوعابئات بمخاطر تكاد تعصف بهن.
الحاجة صالحة تروى بطولات عن العبور
الحاجة صالحة أم أحمد، تروى جانبًا من تلك البطولات التى مارستها لمساعدة وحماية الجنود المصريين أثناء عبورهم الضفة الأخرى، قائلة: «كنا نُخفى الجنود المصريين فى عربات نصف نقل، تحت صناديق المشروبات الغازية، ونرص فوقهم الصناديق بإحكام، حتى لا يظهر لهم أثر وبعد تحركهم، كنا نقوم بإخفاء آثار أقدامهم، إما برش المياه أو بتسيير الأغنام فوق المسارات التى مروا بها حتى لا يكتشف العدو مرورهم».
وتوضح، أنه رغم بساطة هذه الوسائل، إلا أنها كانت تمثل درعًا خفيًا ساعد الجنود، على خداع العدو وعبورهم سيناء بأمان، للوصول إلى الضفة الأخرى من قناة السويس.
مغارات الجبال شاهدة على بطولات الحاجة ربيعة
أما الحاجة ربيعة عبيد، فتروى حكاية من نوع آخر، لا تقل خطورة أو نُبلًا حيث تقول كنا نخفى الجنود داخل مغارات الجبال ونضع الحجارة أمام مداخلها لتبدو وكأنها مهجورة لا حياة فيها ثم نغلقها عليهم حتى حلول الليل فيأتى زوجى ويقودهم كدليل عبر الصحراء حتى يصلوا إلى معبر القناة ومنه إلى السويس.
وتستكمل: «الطرق كانت مليئة بالمخاطر والصحراء كانت خاضعة لرقابة مشددة من قوات الاحتلال».
تواصل الحاجة ربيعة رواية قصتها المؤلمة قائلة: «كانت لدينا بئر للماء يشرب منه الجنود أثناء اختبائهم، وفى أحد الأيام اكتشفت قوات الاحتلال أن الجنود المصريين يستخدمون هذه البئر، التى حفرها زوجى فقاموا باعتقاله وانهالوا عليه ضربًا وتعذيبًا». مؤكدة أن الأمر لم يتوقف عند ذلك فقد تعرضت هى الأخرى للتعذيب الوحشى فى محاولة لانتزاع اعترافات منها حول أماكن وجود الجنود أو نشاط زوجها.
«بعد أيام من التحقيق والتعذيب تم ترحيل زوجى إلى تل أبيب واحتجازه هناك لمدة عام كامل فى ظروف قاسية لا يتحملها بشر، ليعود بعدها فاقدًا بصره نتيجة للتعذيب المستمر، ولم يمض وقت طويل على عودته حتى توفاه الله، تاركًا خلفه ذكرى رجل ضحّى بكل ما يملك من أجل وطنه، وامرأة دفعت ثمنًا غاليًا لصمتها وشجاعتها»، قالتها الحاجة ربيعة بفخر ورضا.
أم عيد تسرد بطولات والدتها
أيضاً تحدثت أم عيد، بفخر عما كانت تقوم به والدتها ووالدها خلال فترة تواجد الجنود المصريين فى المناطق الجبلية خلال المواجهات مع جيش الاحتلال، قائلة: «كانت والدتى تعد الطعام يوميًا للجنود المصريين الذين كانوا يتمركزون فى الجبال رغم قسوة الظروف وصعوبة الوصول إليهم، وكان والدى يتولى مهمة نقل الطعام إلى أماكن تمركز الجنود».
وتكشف أم عيد عن حيلة كانوا يتّبعونها لحماية الجنود من اكتشاف أمرهم فتقول: «كنا نُلبسهم الزيّ البدوى حتى لا يُكتشف أمرهم فيبدون وكأنهم رجال من أبناء القبائل وليسوا من عناصر الجيش».
وتتذكر موقفًا مؤثرًا «فى أحد الأيام أصيب جندى خلال اشتباك مع قوات الاحتلال فما كان من والدي، إلا أن أخفاه داخل مغارة فى الجبل بعيدة عن الأنظار، وهناك تولّت والدتى رعايته، فكانت تُحضّر له الأعشاب الطبيعية وتتابع حالته يومًا بعد يوم حتى استعاد صحته بالكامل وتمكّن بعدها من العودة لمواصلة القتال».