
د.حسام عطا
مقترحات مسرحية على طاولة اليونسكو
لا شك أن ذكرى أكتوبر العظيم والنصر المبهج هذا العام مع خبر انتصار مصرى فى المحافل الدولية بفوز د. خالد العنانى أستاذ علم المصريات بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو.
وهو انتصار يعزز حقاً الفرص أمام حضور الثقافة المصرية حول العالم، ولا شك أن ما أعلنه د.خالد عنانى بشأن شكره للدول العربية والإفريقية التى ساندت ترشيحه مع إعلانه أنه سيعمل فى المنظمة بشكل حيادى لصالح كل دول العالم، هو أمر مقدر وتصريح متزن يليق بالمنصب الدولى الكبير.
ولكن ووفقاً للتصريح الواضح الذى يشر لأن المدير الجديد د.خالد العنانى لن يفكر تفكيراً مناطقياً أو إفريقياً، يمكننا فى المنطقة العربية وفى الجنوب من هذا العالم الكبير أن نطالب حقاً بالكثير من اليونسكو.
بل فى مصر التى لم تشهد اهتماماً بارزاً بملفاتها المهمة فى اليونسكو منذ التدخل الحضارى الرائع فى آثار أبوسمبل فى عهد وزير الثقافة المصرى د. ثروت عكاشة.
وعلى ذكر عمل د. خالد عنانى الأكاديمى فى الحضارة المصرية القديمة وخبرته كوزير للسياحة والآثار، يبقى لنا نحن المسرحيين مطلب تاريخى مؤجل من ستينيات القرن العشرين المنصرم.
وهو أمر يخص حقاً تاريخ مصر الحضارى الثقافى فى فن من أعظم وأول الفنون فى العالم وهو فن المسرح.
وهذا الأمر لم يهتم به أحد منذ اهتمام د.ثروت عكاشة الذى شرع فى تكوين أول فرقة مسرحية متخصصة فى المسرح المصرى القديم من خريجى المعهد العالى للفنون المسرحية لتقديم النصوص المصرية القديمة فى أماكنها الأثرية الأصلية ومنها الكرنك وسفح الأهرامات.
وكما أن القدر لم يمهله لإنجاز هذه الفرقة، فلم يمهله أيضاً لتقديم مسرحية لعبة الرياح الأربعة، والتى شرع فى تنفيذها كل من المخرج الفرنسى الكبير جان لوى بارو، ثم المخرج الإيطالى الكبير زيفارلى.
ولم يترك عكاشة اليونسكو بعيداً عن الأمر، فقد حصل على موافقة اليونسكو على النص والمشروع بل وضعه موضع الراعى الرسمى الداعم للمشروع، وهو تقديم أول قطعة مسرحية أثرية دنيوية فى العالم لعبة الرياح الأربعة.
فهذا هو مطلبنا الأول الذى نطالب به اليونسكو، وربما يجدر بالعلاقات الثقافية الخارجية المصرية أن تجعله طلباً رسمياً حرصاً على الإجراءات المؤسسية.
أما المطلب الثانى فهو دعم اليونسكو ورعايته لمشروعات تغيير المظهر العام للمناطق الفقيرة عبر الفن، وتجديد المفاهيم عبر المسرح التفاعلى لدى الملايين استلهاماً لتجربة أمريكا اللاتينية الناجحة فى استخدام الفن فى التنمية المستدامة، والتى تستخدم الاهتمام المتصل المستحق فى مكانها الأصلى وفى المناطق التى تعيش ظروفاً موضوعية مشابهة.
وهو المطلب الذى كررناه كثيراً كأفراد وكمؤسسات فيما يتعلق بالدور الفاعل للمسرح التجريبى فى مصر، بعيداً عن اهتمامات النخب التقليدية المسرحية فى المهارات والصور الذهنية للمسرح المعاصر.
عن محو الأمية الثقافية والمسرح التفاعلى أضع على طاولة اليونسكو مقترحين مؤجلين منذ عقود فى إطار العدالة الثقافية الدولية والتنمية المستدامة.
وليس فى هذا الأمر مطلباً جغرافياً يشير لجنسية المدير العام الجديد لليونسكو، بل هو إشارة يجدر بنا إطلاقها عن مصر أول حضارة فى التاريخ وما يستحقه أهل مصر الآن من إبداع منظم يصل إلى الجماهير الكبيرة، فى بصيرة الهيئة الدولية الموقرة «اليونسكو» وهى المعنية بالتربية والعلوم والثقافة وفى حضور مديرها المصرى د.خالد عنانى، ولحضور مصر الدولى وله كل الأمنيات الطيبة.