الإثنين 13 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تطوير البنية التحتية حمى مصر من الفيضانات

نجحت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، فى إدارة ملف المياه من خلال استراتيجية متعددة المحاور ترتكز على تنويع الموارد المائية «تحلية، معالجة، مياه جوفية»، وترشيد الاستهلاك «تحول للرى الحديث، تأهيل الترع، زراعة محاصيل أقل استهلاكًا»، وتحسين جودة المياه «معالجة مياه الصرف الزراعى والصحى»، والتوعية بأهمية المياه، باستثمارات بلغت نحو 160 مليار جنيه، مع خطة للوصول بها إلى 400 مليار جنيه خلال السنوات المقبلة، وذلك فى ظل محدودية حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، واحتياجات مائية تتجاوز 114 مليار متر مكعب سنويًا، ما يؤكد التزام الدولة المصرية بتحقيق أمن مائى مستدام يواكب متطلبات التنمية السكانية والاقتصادية، ويحافظ على حقوق الأجيال القادمة فى موارد البلاد الطبيعية.



محطات معالجة المياه

تعد محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر من أبرز هذه المشروعات، فهى الأكبر من نوعها على مستوى العالم بطاقة إنتاجية تبلغ 5.6 مليون متر مكعب يوميًا، وتُسهم فى استصلاح أكثر من 400 ألف فدان فى شمال ووسط سيناء، بالإضافة إلى محطة الحمام الجديدة، والتى تُعد من أهم مشروعات الدلتا الجديدة وتعمل بطاقة 7.5 ملايين متر مكعب يوميًا، بهدف استصلاح نحو 2.2 مليون فدان فى المنطقة الغربية للدلتا، ناهيك عن مساهمة محطة «المحسمة» فى إعادة استخدام مليون متر مكعب من المياه يوميًا لتنمية سيناء.

مشروع تأهيل الترع

يهدف المشروع القومى لتأهيل وتبطين الترع، إلى تطوير شبكات الترع والمصارف لتوفير المياه، وزيادة الإنتاجية الزراعية، وتحسين عدالة توزيع المياه، وتخفيض تكاليف الصيانة، وتحقيق التنمية المستدامة، حيث تسعى الدولة لتبطين 20 ألف كيلومتر من الترع على مستوى الجمهورية، تم الانتهاء من أكثر من 6000 كيلومتر منها حتى الآن، بتكلفة تجاوزت 18 مليار جنيه، حيث أسهم المشروع فى تقليل الفاقد من المياه بنحو 2 مليار متر مكعب سنويًا، وتحسين الرى لما يزيد على 4 ملايين فدان.

تحلية مياه البحر

تتوسع مصر فى مشروعات تحلية مياه البحر، لتأمين احتياجات المحافظات الساحلية، حيث وصلت الطاقة الحالية إلى نحو 1.5 مليون متر مكعب يوميًا، مع خطة لرفعها إلى 8 ملايين متر مكعب يوميًا بحلول عام 2030، وتبلغ قيمة الاستثمارات فى مشروعات التحلية أكثر من 135 مليار جنيه موزعة على أكثر من 90 محطة تحلية قيد التنفيذ أو التشغيل فى محافظات البحر الأحمر، مطروح، شمال وجنوب سيناء، بورسعيد، والسويس.

من جانبه أكد دكتور محمد غنيم، المتحدث الرسمى باسم وزارة الرى والمواد المائية، أن تلك المشروعات والإنجازات التى قامت بها الوزارة، تأتى ضمن استراتيجية الوزارة لزيادة مرونة منظومة الرى المائى بمصر، لاستقبال أى عوامل مفاجئة وكذلك التغيرات المناخية والزيادة السكانية واستيعاب الاحتياجات المائية المتغيرة فى إطار خطة الاستعداد المسبق والجاهزية التى تتبناها الوزارة.

تطوير البنية المائية

تعمل الدولة على تطوير شامل للبنية التحتية المائية عبر خطة وطنية لإحلال وتجديد القناطر ومحطات الرفع وشبكات الصرف الزراعى، إذ تم تنفيذ مشروعات لتطوير أكثر من 100 محطة رفع، وإنشاء أنظمة تحكم إلكترونية لمتابعة تدفق المياه فى الترع والمصارف، إلى جانب تطوير نحو 7 آلاف منشأة مائية على مستوى الجمهورية، علاوة على تنفيذ منظومة الرصد بالذكاء الاصطناعى لتوزيع المياه فى الوقت الحقيقى، بهدف تحقيق العدالة فى التوزيع وتقليل الفاقد.

مواجهة الفيضانات

فى سياق متصل، كشفت الوزارة عن أن ما حدث على النيل الأزرق من إسراع فى الملء غير القانونى لسد النهضة الإثيوبى، ثم تصريف كميات هائلة من المياه مباشرة، لم يكن إجراءً اضطراريًا، وإنما يعكس إدارة غير منضبطة وغير مسئولة لسد بهذا الحجم، بالإضافة لتسبب الإدارة الأحادية وغير المسئولة للسد الإثيوبى فى تغيير مواعيد الفيضان الطبيعى – الذى تحدث ذروته عادة فى أغسطس – وإحداث «فيضان صناعى مفتعل» أكثر حدة وقوة فى وقت متأخر من العام (جزء من شهر سبتمبر). 

الوزارة تابعت: «هذا التصرف العبثى وغير المنضبط، لا هدف له سوى «الاستعراض الإعلامى والسياسى»، قد ألحق خسائر فادحة بالسودان الشقيق وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (OCHA)، مهددًا حياة ومقدرات شعبى دولتى المصب»، مضيفة أن مصر كانت حذرت مرارًا من أن وجود سد يخزن 74 مليار م³ بشكل مخالف للقانون الدولى ودون اتفاق قانونى ملزم، وفى ظل هذه العشوائية والعبث فى الإدارة، يمثل خطرًا دائمًا ومستمرًا على دولتى المصب خلال فترات الجفاف وفترات الفيضان.

واستطردت: «يتم إدارة الموقف المائى بصورة ديناميكية قائمة على الرصد اللحظى فى أعالى النيل والتنبؤات الهيدرولوجية باستخدام أحدث النماذج الرياضية، ومن خلال هذه المتابعة المستمرة يتم تحديد التوقيتات المناسبة للتصرفات المائية، سواء بزيادة المنصرف خلال موسم أقصى الاحتياجات الزراعية (مايو – أغسطس)، أو ضبط كميات المياه فى فترة الفيضان (يوليو – أكتوبر)، أو تخفيضها فى موسم السدة الشتوية (يناير – فبراير)، وبهذه الإدارة الدقيقة يتحقق التوازن بين الاستفادة المثلى من المياه، سواء عبر استخدام المجرى الرئيسى لتصريف المياه لتلبية الاحتياجات المختلفة وتوليد الكهرباء، أو عبر مفيض توشكى فى الحالات الاضطرارية، بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المائية وحماية أمن الشعب المصرى فى مواجهة أى تصرفات عشوائية من الجانب الإثيوبى».

واستكملت: «انطلاقًا من التحسب المسبق لهذه السيناريوهات، اتخذت الوزارة إجراءات استباقية شملت مخاطبة جميع المحافظين فى 7 سبتمبر 2025، للتنبيه على المواطنين بضرورة توخى الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية ممتلكاتهم وزراعتهم المقامة على أراضى طرح النهر، رغم كونها تعديات مخالفة للقانون، وذلك فى إطار حرص الدولة على حماية المواطنين والتقليل من الآثار المحتملة للفيضان، مع التأكيد أن هذه الأراضى بطبيعتها جزء من المجرى الطبيعى والسهل الفيضى لنهر النيل، ومعرضة للغمر فى مثل هذه الحالات»، مشيرًا إلى أن الأراضى التى غمرتها المياه مؤخرًا هى بطبيعتها جزء من أراضى طرح النهر التى اعتاد النهر استيعابها عند زيادة التصرفات المائية عبر العقود الماضية، غير أن التعديات عليها بزراعات أو مبانٍ بالمخالفة أدت إلى وقوع خسائر عند ارتفاع المناسيب، رغم أن هذه الأراضى غير مخصصة للزراعة الدائمة.

 وحول مزاعم غرق المحافظات الواقعة على مجرى نهر النيل قالت: « ما يتم تداوله عبر بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعى تحت مسمى (غرق المحافظات) هو ادعاء باطل ومضلل، إذ يقتصر الأمر على غمر بعض أراضى طرح النهر (أراضٍ واقعة داخل مجرى نهر النيل)، وهى بطبيعتها جزء من حرم النيل ومعرضة للغمر عند ارتفاع المناسيب، وليست المحافظات كما يُروّج خطًأ”، مشيرة إلى أن التعديات على مجرى النهر تؤدى إلى عواقب فنية جسيمة، أهمها تقليص القدرة التصريفية للنهر الذى يمثل مصدر الحياة للمصريين، إذ تقوم الوزارة سنويًا بتحذير المواطنين، كما تنفذ مناورات وجهودًا كبيرة ومكلفة للحفاظ على زراعات وأملاك المخالفين باعتبارهم من أبناء الوطن، ومع ذلك، فإن استمرار هذه التعديات من قلة من الأفراد يضر بإيصال المياه لعشرات الملايين من المواطنين والمزارعين، وينعكس سلبًا على النشاط الزراعى والاقتصادى للبلاد.

الوزارة أوضحت، أن السد العالى بما يملكه من إمكانيات تخزينية وتصريفية يمثل الضمانة الأساسية لحماية مصر من تقلبات النيل والفيضانات المفاجئة، مؤكدة أن إدارة موارد مصر المائية تتم بكفاءة عالية وبصورة مدروسة تراعى جميع الاحتمالات، بما يضمن تلبية الاحتياجات المائية وحماية الأرواح والممتلكات.