الأحد 19 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نوبل هذا العام.. والماء من الهواء

نوبل هذا العام.. والماء من الهواء

فى الخيال حلول كبيرة لمشاكل الواقع الإنسانى، وفى تأمل صور حركة الجزيئات الملونة من منظور علم الكيمياء عالم حر يمثل خيالًا ساحرًا كبيرًا. 



وفى الفن والخيال رؤى إنسانية تستهدف العدالة الإنسانية وتفكر حقًا خارج الصراعات الكبرى، وخارج مبدأ المصالح المباشرة. 

من تلك الأفكار الدعوة التى أطلقها الكاتب المصرى الكبير توفيق الحكم أثناء تمثيله لمصر فى منظمة اليونسكو الدولية بباريس فتقدم بمشروع يبدو خياليًا وقد طالب فيه العلماء ورجال الدول باستخدام الإنتاج السلمى للطاقة الذرية على نحو يوفر الطعام لكل فم. 

وفى هذا كتب مسرحيته الشهيرة عام 1963 مؤمنًا بأن الكثير من الأحلام التى راودت كتابًا من أمثال جيل فيرن كاتب الخيال العلمى الفرنسى الشهير الذى جمع بين رؤى خيالية للعلوم وبساطة وطهر وبراءة التفكير كالأطفال،والكاتب الإنجليزى هربرت جورج ويلز صاحب آلة الزمن، وهو ممن حلموا بالفضاء الخارجى والسفر إلى الكواكب الأخرى، هو واحد من هؤلاء الذين حلموا بالوصول إلى القمر، هذا المصباح الرائع الجميل الذى يضىء ليلنا فى الكرة الأرضية. 

أحلام هؤلاء وحلم توفيق الحكيم  تبدو أحلامًا تحمل براءة الطفولة، ولكنها براءة وإنسانية تحتاجها البشرية الآن حقاً فى ظل الصراعات الكبرى للاستحواذ على مصادر القوة والسيطرة عبر الحروب حول العالم، وهى حروب تستهدف الماء والغذاء والرفاهية ونفوذ السيطرة على البشر. 

ومع إعلان الفائزين بجائزة نوبل للسلام هذا العام 2025 يبرز اسم عربى كبير هو العالم الأردنى د. عمر ياجى وهو حاصل على الجنسية الأمريكية ويعمل هناك فى جامعة كاليفورنيا. 

وهو يطارد مع فريق عمله هناك خيالًا علميًا إنسانيًا يقترب من كونه قابلًا للتحقق على أرض الواقع، فهو يجرى تجارب ناجحة على تجميع المياه من الهواء وعزل ثانى أكسيد الكربون عنها. 

وهو يتحدث عن هذا الماء الهوائى أو الماء الجوى ليؤكد أنه يعادل تقريبًا كمية الماء الموجودة فى البحيرات والأنهار على كوكبنا. 

وهذا الخيال العلمى الذى يقترب من كونه واقعًا ممكنًا متاحًا هو تفكير كيميائى يستند للنظرة البريئة العادلة للحياة على الأرض، فكما فكر توفيق الحكيم فى الطعام لكل فم فكر عمر ياجى فى الماء لكل إنسان. 

يأتى هذا التفكير تحقيقًا للقول الشهير: «إن الفنان والعالم يحلمان للبشرية، بينما تدير السياسة تلك الأحلام لصالح النفوذ والقوة». 

وحقًا وكما يفكر الأطفال، فالعالم مكان جميل رائع يجب أن يكون الطعام والماء متاحًا فيه لكل فم. 

يدهشنا العلماء وعلى الدوام بهذه النظرة الطيبة التى تؤمن بضرورة الحفاظ على كرامة الإنسان، كما يؤكد العلماء أيضًا على أن الخيال هو أساس مشترك مع أهل الفن بمعناه العميق. 

فهل ينظر أهل السياسة حقًا حول العالم نظرة إنسانية تحمل قدرًا من البراءة التى تعرف أن الطعام والماء لكل فم هو الأساس الأول لإمكانية تحقيق فكرة العالم كقرية إنسانية واحدة لا تديرها السيطرة المتوحشة التى لا تعبأ بالآخرين. 

فى عالم يبحث عن أسباب للنزاع ويضع تصورًا لحروب قادمة هى حروب المياه. 

وحقًا وصدقًا عندما تعود البشرية فى القرن الحادى والعشرين لتستخدم الطعام والماء كأدوات للحرب والسيطرة والتهديدات الوجودية لملايين البشر، فهى تعود إلى شريعة الغاب، وتفكير الإنسان البدائى متجاهلة كل ما أنجزه هؤلاء الكبار المبدعون من العلماء والفنانين عبر تاريخ البشرية من منجزات، ينقصها حقًا القليل من الخيال السياسى الإنسانى.