الأحد 26 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

90 مليار جنيه لإحياء الصناعة الوطنية

فى خطوة جديدة، تؤكد توجه الدولة نحو دعم الصناعة الوطنية وتحفيز الإنتاج المحلى، أطلقت الحكومة مبادرة تمويلية كبرى للقطاع الصناعى، تتضمن تسهيلات مالية بقيمة 90 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى، بفائدة مخفضة لا تتجاوز %15، منها 80 مليارًا لتمويل رأس المال العامل، و10 مليارات لشراء الآلات والمعدات.



«المبادرة»، تهدف إلى تنشيط القطاعات الإنتاجية وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، وتخفيف الأعباء التمويلية عن المستثمرين.

 فى وقت تسعى فيه الدولة لإحداث نقلة نوعية فى الاقتصاد الحقيقى، وتعزيز مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى

وفى إطار التوجه الحكومى الواضح لتشجيع الاستثمار فى الأنشطة المنتجة وخلق بيئة جاذبة للمصنعين والمستثمرين، لا سيما فى ظل ارتفاع تكاليف التمويل خلال الفترة الماضية، أعلنت وزارة المالية، تحمل الخزانة العامة نحو 8 مليارات جنيه هذا العام كفرق فى سعر الفائدة، وذلك ضمن حزمة التحفيزات الموجهة للقطاعين الصناعى والإنتاجى.

ووفقًا لما أعلنته الحكومة، فإن المبادرة لا تقتصر على الصناعات التحويلية فقط، بل تمتد لتشمل الأنشطة الزراعية ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، فى تأكيد على الرؤية الشاملة للدولة فى دعم سلاسل الإنتاج المتكاملة التى تربط بين الزراعة والصناعة والطاقة.

رسالة طمأنة للمستثمرين

ويرى خبراء الاقتصاد، أن هذه المبادرة تمثل رسالة طمأنة قوية للمستثمرين، إذ تؤكد أن الحكومة شريك فاعل فى تمويل عملية التنمية، وليس مجرد جهة تنظيمية، مشيرين إلى أن تخصيص 90 مليار جنيه بفائدة مخفضة، مع تحمل الخزانة العامة فارق الفائدة، يعكس إدراك الدولة لحجم التحديات التمويلية التى تواجه المصانع خلال الفترة الراهنة، خاصةً مع تزايد تكلفة الإنتاج وتذبذب أسعار المواد الخام عالميًا.

وبالتوازى مع المبادرة التمويلية، أطلقت وزارة التجارة والصناعة، حزمة من المهل والتيسيرات الجديدة تستهدف مساعدة المشروعات الصناعية المتعثرة على استكمال أعمالها واستخراج التراخيص والسجلات الصناعية، شملت 5 قرارات رئيسية تمثل نقلة نوعية فى آلية التعامل مع المستثمرين داخل المناطق الصناعية.

مهلة للمشروعات شبه الجاهزة

التيسيرات الجديدة، تمنح مهلة 6 أشهر للمشروعات التى أنجزت أكثر من 50% من الإنشاءات لاستكمال المشروع واستخراج الترخيص والسجل الصناعى، مع إعفاء كامل من غرامات التأخير خلال هذه المدة، وتهدف هذه الخطوة إلى دعم المشروعات القريبة من التشغيل الفعلى، وتحفيزها على استكمال البنية التحتية فى أسرع وقت ممكن.

دعم المشروعات المتوسطة للتنفيذ

أما المشروعات التى لم تتجاوز نسبة 50% من الإنشاءات أو لم تنفذ أى نسبة بنائية رغم حصولها على رخصة بناء، فسيتم منحها مهلة 12 شهرًا، مع إعفاء من الغرامة عن أول 6 أشهر فقط، ما يمنح المستثمرين فرصة حقيقية لإعادة التخطيط والتمويل.

مساعدة المشروعات المستقبلية

وفيما يتعلق بالمشروعات التى لم تبدأ أى أعمال إنشائية ولم تستخرج رخصة بناء، فقد قررت الوزارة منحها مهلة 18 شهرًا لاستخراج رخصتى البناء والتشغيل والسجل الصناعى، مع إعفاء من الغرامة المقررة خلال أول 6 أشهر فقط، وتعكس هذه الإجراءات مرونة حكومية غير مسبوقة فى التعامل مع المستثمرين بهدف استعادة النشاط الصناعى.

مهلة للتطبيق وإجراءات حازمة للتقاعس

من جانبها، أكدت وزارة الصناعة أن هذه التيسيرات سارية حتى 30 إبريل 2026، على أن يتم احتساب التكاليف المعيارية للمهل والغرامات وفق القواعد المنظمة لدى هيئة التنمية الصناعية، مشددة على أن الدولة ستتعامل بحزم مع غير الملتزمين بالمهل الممنوحة، إذ سيتم سحب الأراضى الصناعية فى حال عدم الالتزام بالجداول الزمنية المحددة، حفاظًا على جدية الاستثمار واستغلال الموارد بكفاءة.

وفى المقابل، تتيح الحكومة إعادة التعامل على الأراضى التى سبق سحبها ولم تطرح مجددًا، مع إمكانية إعادة تخصيصها للمستثمر نفسه بالسعر الحالى المعتمد، بشرط سداد الغرامات المقررة، وهو ما يمنح المستثمرين الجادين فرصة جديدة لاستعادة مشروعاتهم.

توجه استراتيجى نحو دعم الإنتاج المحلى

تعكس المبادرة التمويلية والمهل الجديدة، توجهًا استراتيجيًا نحو تعميق التصنيع المحلى وزيادة الإنتاج، بما يسهم فى خفض فاتورة الواردات وتعزيز الصادرات المصرية، خاصةً فى ظل المنافسة الإقليمية المتزايدة لجذب الاستثمارات الصناعية.

ويؤكد محللون، أن الصناعة المصرية قادرة على تحقيق قفزة نوعية خلال العامين المقبلين إذا تم استغلال هذه التسهيلات بشكل فعال، لا سيما فى قطاعات الدواء، والغذاء، والمنسوجات، ومواد البناء، والطاقة المتجددة.

القطاع الصناعى المحرك الرئيسى للاقتصاد

تأتى «المبادرة»، فى وقت تسعى فيه الحكومة إلى تحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030، التى تضع الصناعة فى قلب التحول الاقتصادى، بوصفها المحرك الرئيسى للتنمية المستدامة، ومصدرًا رئيسيًا لخلق فرص العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية.

ويشير خبراء، إلى أن نجاح هذه المبادرة سيسهم فى خفض معدلات البطالة، وتحقيق نمو مستدام مبنى على الإنتاج الحقيقى، بعيدًا عن المضاربات المالية أو الأنشطة غير الإنتاجية.

وبهذه الخطوات، تؤكد الدولة أن القطاع الصناعى يعود بقوة إلى صدارة المشهد الاقتصادى، وأن الحكومة جادة فى توفير كل مقومات النجاح أمام المستثمرين والمصنعين.

فمن الدعم المالى عبر فائدة ميسرة وتحمل فروق التكلفة، إلى التيسيرات الإدارية والمهل الزمنية، تسعى الحكومة إلى إعادة رسم خريطة الصناعة المصرية على أسس أكثر كفاءة واستدامة.

وبينما تتطلع الأوساط الاقتصادية إلى نتائج المبادرة خلال الأشهر المقبلة، يبقى الهدف الأسمى هو إعادة تشغيل المصانع، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وبناء اقتصاد مصرى منتج ومنافس فى الأسواق الإقليمية والعالمية.

دفعة قوية للصناعة الوطنية

الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، يرى أن المبادرة التمويلية الجديدة تمثل دفعة قوية للقطاع الصناعى المصرى، الذى تراهن عليه الحكومة فى هذه المرحلة ليقود قاطرة النمو الاقتصادى، مشيرًا إلى أن المبادرة تتضمن ضخ 90 مليار جنيه فى صورة تسهيلات تمويلية ميسرة للقطاعات الإنتاجية بفائدة منخفضة، إلى جانب تحمل الخزانة العامة نحو 8 مليارات جنيه كدعم لفارق سعر الفائدة، بالإضافة إلى حزمة واسعة من المساندات التى تقدمها الدولة للمستثمرين من أجل تعزيز الإنتاج الصناعى، خاصة فى قطاعات الصناعة والطاقة المتجددة والزراعة وغيرها من الأنشطة الإنتاجية الحيوية.

«جاب الله»، يوضح أن محاور المبادرة تتسم بالعملية والواقعية، إذ تستهدف تشجيع الاستثمارات وتحفيز القطاع الإنتاجى من خلال تمويل منخفض التكلفة، وتقديم تيسيرات إضافية للمستثمرين، منها منح فترات زمنية أطول للمشروعات قيد الترخيص أو الجارى استكمالها، بما يتيح لها استكمال أعمالها فى مناخ أكثر استقرارًا ودعمًا.

ووفق تصريحاته، يضيف «الخبير الاقتصادى»: «إن استمرار المبادرة حتى 30 إبريل 2026، يعكس إصرار الدولة المصرية على توسيع قاعدة الإنتاج وتعزيز معدلات النمو خلال المرحلة المقبلة»، مؤكدًا أن هذه الخطوة تؤكد تصميم الحكومة على دعم القطاعين الصناعى والإنتاجى، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتمكين الصناعة المصرية من استعادة دورها الريادى فى قيادة التنمية الاقتصادية.

تعزيز قدرات الدولة الإنتاجية

بينما يقول الدكتور مجدى عبدالفتاح، الخبير الاقتصادى: «إن التيسيرات التى أعلنتها الحكومة مؤخرًا، تأتى ضمن الإطار الشامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى يستهدف تعزيز قدرات الدولة الإنتاجية ودعم القطاعات الحيوية فى مواجهة التحديات العالمية الراهنة»، مشددًا على أن هذه الخطوات تمثل مرحلة جديدة من الإصلاح القائم على التوسع فى الإنتاج والتصنيع المحلى، وليس فقط على ضبط المؤشرات المالية والنقدية كما فى المراحل السابقة.

يشير «عبدالفتاح»، إلى أن الحكومة تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى خلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وجاذبية للاستثمار، عبر تقديم حوافز تمويلية وضريبية وتشريعية تساعد المستثمرين على التوسع فى مشروعاتهم، وتخفف الأعباء عن الصناعات القائمة، كما تهدف التيسيرات الجديدة إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية، وفى مقدمتها الصناعة والزراعة والطاقة الجديدة والمتجددة، باعتبارها المحركات الأساسية للنمو الاقتصادى المستدام وتوفير فرص العمل.

واستكمل «الخبير الاقتصادى»، تصريحاته مؤكدًا أن ما يميز هذه المرحلة من الإصلاح هو التركيز على دعم الاستثمار المحلى وتشجيع التصنيع بدلاً من الاستيراد، بما يسهم فى زيادة الصادرات وتقليص العجز التجارى، مضيفًا: «إن هذه السياسات تؤكد أن الدولة ماضية بثبات نحو تحقيق توازن بين الإصلاح المالى والنمو الحقيقى القائم على الإنتاج والإبداع».

التوسع بالاستثمارات وزيادة معدلات الإنتاج

من جهته، يرى الدكتور أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن إعلان الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل وأحمد كجوك وزير المالية، استمرار مبادرة تمويل الأنشطة الإنتاجية الصناعية والزراعية والطاقة المتجددة، يهدف إلى تحفيز النشاط الإنتاجى ودعم القطاع الخاص بصفة عامة لمساعدته فى التوسع بالاستثمارات وزيادة معدلات الإنتاج ما يسهم فى زيادة معدل النمو.

وعن تخفيض المبادرة للفائدة حتى %15 مقارنة بالحالية %22 من سعر العائد على الإقراض، يوضح «غراب»، أنها تسهم فى تخفيض تكلفة الاقتراض على القطاع الخاص بشكل عام وهو يمثل أداة فعالة فى تحفيز ودعم الأنشطة الإنتاجية لأنها تمثل توفيرا للجمهور ـ المصنعين والمنتجين ـ بنحو %7، ما يمكنهم من التوسع فى أنشطتهم وتشغيل أى خطوط متوقفة ما يعود بالإيجاب على زيادة ورفع كفاءة الإنتاج وزيادة التنافسية التصديرية، وزيادة حجم الصادرات والدخل القومى، إضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل وتقلل من تكلفة الإنتاج ما يعنى تراجع سعر السلع المنتجة والمطروحة فى الأسواق، ما يعود بالإيجاب على استدامة تراجع معدلات التضخم.

زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية

ويتابع الخبير الاقتصادى: «إن هذه المبادرات تسهم فى تعزيز معدل النمو الاقتصادى فى القطاعات الإنتاجية وتقليل معدل البطالة، كما أنها تؤكد التزام الدولة بدعم القطاع الخاص وتقليل مخاطر التمويل، ما يعزز الثقة لدى المستثمرين الأجانب فى استقرار السياسات الاقتصادية، وهذا يسهم فى زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى أن تكلفة التمويل المنخفضة تمثل عامل جذب للمستثمرين الأجانب للدخول فى شراكات مع القطاع الخاص بـ«مصر» فى ظل تراجع المخاطر التمويلية وتحسن بيئة التشغيل.

«غراب»، يؤكد أيضًا أن المبادرة تصب فى صالح تعميق المنتج المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية لمساعدة المنتجين على توفير التمويلات اللازمة بفائدة مخفضة لتوفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام والآلات والمعدات اللازمة للتطوير، ما يشجع المنتجين على زيادة إنتاجهم، ما يسهم فى زيادة مساهمة القطاع الصناعى بالناتج المحلى الإجمالى، إضافة إلى تعزيز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، ونمو حجم الصادرات المصرية سنويًا، وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبى. وتابع الخبير،: إن استمرار تقديم الدولة للمحفزات الاستثمارية خاصة للقطاعين الصناعى والزراعى يعمل على زيادة معدل التشغيل ودوران عجلة الإنتاج وتعزز من نمو الناتج المحلى الإجمالى بشكل مستدام، وهذا يعود بالنفع على زيادة حجم الصادرات، وتقليل حجم الواردات، وتراجع العجز فى الميزان التجارى، مشيرًا إلى أن الرؤية الاقتصادية الشاملة للدولة فى الوقت الحالى تضع القطاع الخاص على رأس أولوياتها لزيادة نسبة مشاركته فى الاقتصاد الوطنى وتمكين القطاع الخاص، ما يعكس التوجه الاستراتيجى للدولة نحو تحقيق نمو اقتصادى مستدام، موضحًا أن هذه المبادرة ارتفع حجم التمويل بها منذ أن بدأت من 30 مليار جنيه وحتى وصلت إلى 90 مليار جنيه العام المالى الحالى، ما يؤكد حرص الدولة على استمرار دعم القطاع الإنتاجى.