الرئيس السيسى: مصر تلتزم بسياسة متزنة هدفها ترسيخ الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط
شراكة استراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى
أحمد قنديل
فى مشهد يعكس مكانة مصر المتصاعدة على الساحة الدولية، اختُتمت فى العاصمة البلجيكية بروكسل القمة المصرية الأوروبية الأولى، التى ترأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى بمشاركة قادة الاتحاد الأوروبى وكبار مسئولى المفوضية الأوروبية، فى حدث وُصف بأنه تاريخى وغير مسبوق فى مسار العلاقات بين الجانبين.
القمة مثلت نقلة نوعية فى مسار التعاون بين القاهرة وبروكسل، ورسّخت موقع مصر كشريك استراتيجى رئيسى للاتحاد الأوروبى، إلى جانب الولايات المتحدة والصين، فى إطار الشراكة الشاملة التى تم إطلاقها رسميًا فى القاهرة فى مارس 2024.
أرقام تؤكد عمق الشراكة
7.4 مليار يورو قيمة حزمة الدعم المالى التى قدمها الاتحاد الأوروبى لمصر، وهى ثانى أكبر حزمة يمنحها الاتحاد لشريك خارجى بعد أوكرانيا.
22 % من إجمالى تجارة مصر خلال عام 2024 كانت مع الاتحاد الأوروبى.
26.5 % من الصادرات المصرية تتجه نحو أوروبا، مقابل 19.9 % من واردات مصر القادمة من دول الاتحاد.
أوروبا تعترف بدور مصر المحورى
أشاد قادة الاتحاد الأوروبى خلال القمة بدور مصر فى تحقيق الاستقرار الإقليمى، خاصة فيما يتعلق بجهودها فى وقف النزاعات فى غزة ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وأكد رئيس المجلس الأوروبى أنطونيو كوستا أن «مصر شريك استراتيجى للاتحاد الأوروبى، وعلاقاتنا متجذرة فى التاريخ والثقافة والمصالح المشتركة. لقد أثبتت القاهرة أنها ركيزة أساسية للاستقرار فى الشرق الأوسط».
هذا التقدير الأوروبى يعكس تنامى الدور المصرى كجسر حيوى بين إفريقيا وأوروبا، وفاعل رئيسى فى القضايا الإقليمية والدولية الكبرى.
وفى إطار فعاليات القمة استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى السيدة كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، فى لقاء تناول الملفات السياسية والأمنية الإقليمية وتطورات العلاقات الثنائية.
وخلال اللقاء، عبّر الرئيس السيسى عن تقديره للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى، مؤكدًا أهمية استمرار التنسيق السياسى والأمنى، لا سيما فى ظل الاضطرابات التى تشهدها المنطقة، ومشيرًا إلى نجاح النهج المصرى المتزن فى الحفاظ على الأمن والاستقرار خلال السنوات الأخيرة.
كما استعرض سيادته جهود مصر فى مكافحة الهجرة غير الشرعية، موضحًا أن أوروبا لم تتأثر بموجاتها بفضل الإجراءات الحاسمة التى اتخذتها القاهرة منذ عام 2016، واستضافتها لنحو عشرة ملايين نازح من دول تعانى من الأزمات.
على الصعيد الإقليمى، تناول اللقاء جهود مصر فى تسوية الأزمات فى المنطقة، خصوصًا فى غزة، السودان، وليبيا، وأكد الرئيس على ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ووقف التدخلات الخارجية.
كما أشار إلى اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى قطاع غزة الذى تم التوصل إليه بالتعاون مع الوسطاء، مؤكدًا تطلع مصر إلى تعاون وثيق مع الاتحاد الأوروبى لتنفيذ الاتفاق، وتثبيت وقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، تمهيدًا لمؤتمر إعادة إعمار غزة المقرر عقده فى مصر نوفمبر المقبل.
من جانبها، أعربت كالاس عن تقدير الاتحاد الأوروبى الكبير للدور المصرى فى تحقيق الاستقرار ووقف إطلاق النار، مؤكدة أن خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تمثل خطوة إيجابية نحو التسوية، وأن الاتحاد الأوروبى يعتزم المشاركة الفاعلة فى تنفيذها ودعم جهود إعادة الإعمار.
كما شددت على ضرورة تسوية الأزمات فى السودان وليبيا، وإنهاء الحرب فى أوكرانيا وفقًا للقانون الدولى، مشيرة إلى أن الجهود المصرية فى ملف الهجرة غير الشرعية أصبحت نموذجًا يحتذى به أوروبيًا.
وتطرق الجانبان أيضًا إلى قضايا الأمن المائى والبحر الأحمر والقرن الإفريقى، مؤكدين أهمية احترام القانون الدولى وعدم المساس بسيادة الدول. يأتى هذا اللقاء ليؤكد أن العلاقات بين القاهرة وبروكسل تجاوزت مرحلة التعاون التقليدى إلى شراكة سياسية وأمنية رفيعة المستوى، تجعل من مصر ركيزة أساسية فى معادلة الأمن الإقليمى والأوروبى.
أجندة حافلة ونتائج ملموسة
شهدت القمة سلسلة من اللقاءات الثنائية بين الرئيس السيسى وعدد من قادة الاتحاد الأوروبى، إلى جانب لقاء خاص مع جلالة ملك بلجيكا تناول سبل تعزيز التعاون فى مجالات السياسة والاقتصاد والطاقة.
وعُقد على هامش القمة منتدى اقتصادى موسّع حول فرص الاستثمار فى مصر، تحت عنوان: «تنفيذ الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبى ومصر: تسريع الاستثمار والتحول الصناعى والابتكار». وشهد المنتدى إعلان عدد من الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة فى قطاعات الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والبنية التحتية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، فى خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادى بين الجانبين.
الاقتصاد المصرى فى بؤرة الاهتمام الأوروبى
أبرز المشاركون فى القمة نجاح مصر فى تنفيذ إصلاحات اقتصادية جريئة خلال السنوات الأخيرة، جعلتها وجهة آمنة للاستثمارات الأوروبية.
وأكدت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد يسعى إلى مضاعفة حجم استثماراته فى مصر خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، لتشمل مشروعات الطاقة النظيفة والتحول الرقمى والنقل البحرى.
كما ناقشت القمة آليات دعم الاقتصاد المصرى بتمويلات أوروبية مباشرة، تسهم فى خلق فرص عمل جديدة وزيادة معدلات النمو وتعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة التحديات العالمية.







