رمسيس الثانى
علاء الدين ظاهر
حلم نبت قبل أكثر من 20 عامًا، مر خلالها بفترات مخاض صعبة لنصل فى النهاية للحظة لم أنتظرها أنا ولا أنت فقط عزيزى القارئ، بل انتظرها العالم كله ، حيث تفصلنا ساعات عن افتتاح المتحف المصرى الكبير، والذى كنت من السعداء الذين شاهدوا مسيرته فى السنوات الأخيرة وأصبحوا من الشهود عليها.
فى هذا الملف نصطحب القارئ فى جولة داخل المتحف وكنوزه الأثرية وقيم الحضارة المصرية،فالمتحف المصرى الكبير هو الأكبر فى العالم من حيث احتوائه لحضارة واحدة هى الحضارة المصرية القديمة،لذلك قدمنا فى هذا الملف أبرز جوانب تفوق وعظمة هذه الحضارة وربطناها بالمتحف،حيث إن كل الصور الواردة فى التقارير المختلفة من المتحف وكنوزه المعروضة، عدا 3 صور فقط لأشهر 3 مهندسين فى مصر القديمة.
«عزيزى الزائر أهلا وسهلا بك فى أعظم وأكبر متحف أثرى فى العالم، الذى تم تصميمه ليحكى حضارة مصر الخالدة، يشرفنى أن أكون فى استقبالك، وأتمنى لك رحلة ممتعة بين قاعات وجدران المتحف»، هذا هو الحال عندما تذهب إلى المتحف المصرى الكبير لزيارته، حيث تجد الملك العظيم رمسيس بنفسه يستقبلك فى البهو العظيم، وكأن رميسس العظيم شخصيًا هو من يخاطبك.
فى البهو العظيم ستجد 4 قطع أثرية ضخمة، أولها تمثال الملك رمسيس الثانى الذى يقف هناك شامخا، وعمود ابنه الملك مرنبتاح، بجانب تمثالين لملك وملكة من البطالمة من الآثار الغارقة التى تم انتشالها، وأمامهما يقع الدرج العظيم تصطف عليه قطع أثرية وتماثيل رائعة لملوك وشخصيات مصرية قديمة، وبجانب التمثالين ممر ومنطقة الخدمات والمطاعم.
وقفنا فى البهو العظيم أمام التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى والذى يظهر مدى قوة وثراء صاحبه، سألنا عن سر اختيار رمسيس الثانى ليكون فى مقدمة وطليعة مستقبلى زوار المتحف، فأجابنا جابر عبدالدايم المدير العام السابق بوزارة السياحة والآثار، المرشد السياحى الحالى، فقال: «لم تكن مكانة رمسيس الثانى لدى المصريين مجرد حب لملك محارب حفظ مكانة مصر وحافظ على إمبراطوريتها فى وقت عصيب كان يمر به العالم آنذاك، بل هو تجسيد للهوية المصرية رابطًا روح الماضى بالحاضر، وربما ندرك ذلك منذ البداية فى مدى تأثير مكانة رمسيس حتى فى العرض المتحفى وتحويل المتحف إلى هوية روحية للمعبد المصرى ومكانته الروحية عند المصرى القديم واستمرار مكانته كرمز العمق الحضارى لدى المصريين الآن، فلم يكن اختياره ضرورة لمجرد العرض المتحفى بل ضرورة فلسفية ورمزية، ويمكننا إيجاز بعض النقاط الفاصلة فى معجزة رمسيس والمتحف المصرى الكبير».
يواصل عبدالدايم: «استقبال الملك للزوار يبدأ من الساحة الخارجية، حيث تقع مسلة رمسيس الثانى شامخة تهدى الضيوف والزوار إلى داخل المتحف كما كانت فى الماضى تقود العباد إلى عالم المعبد الملىء بالخشوع، وعندما يدخل الزائر إلى البهو العظيم يجد أمامه الملك رمسيس الثانى متجسدا فى تمثاله الضخم قادما من عمق الزمن لاستقبال ضيوفه وزواره ممثلا لمجد وعظمة مصر، وهذا التمثال على وجه الخصوص يؤكد مبدأ الانتقال والتجدد مع الحفاظ على روح الحضارة».
«هذا الملك يمثل روح النصر والمجد وقد وصفه علماء الآثار والتاريخ بأوصاف لا تعد ولا تحصى، منها: الفرعون المنتصر، وفرعون المجد والانتصار، وفرعون المعجزات، وغيرها من الأوصاف التى يستحقها الملك كتجسيد لملك كافح للحفاظ على البعد الاستراتيجى لمصر فى بلاد الشام والعراق وحتى حدود الأناضول، وحافظ على امتداد الأراضى المصرية فى الجنوب فى قلب إفريقيا، وجسد حروبه الخالدة فى معظم منشآته فى ربوع البلاد».
عبدالدايم يستكمل فكرته قائلا: «وكتعبير عن المتحف كمعبد حديث وهى نفس الروح التى صمم بها المتحف المصرى بالتحرير منذ أكثر من مائة عام، ينتقل الزائر من المسلة إلى الداخل ثم إلى التمثال الضخم الذى يبث روح المهابة والعظمة التى تملأ سماء البهو الذى صمم ليجسد الكون الفسيح بضخامته وارتفاعه.
المرشد السياحى يختم شرحه بقوله: «لا يتوقف دور رمسيس الثانى عند استقبال الزائر داخل المتحف ليكمل ثالوث دوره تمثال آخر يودع زوار المتحف عند الخروج خلف المتحف.






