د.حسام عطا
أفكار للمستقبل عن مدينة الفنون والثقافة فى العاصمة الإدارية الجديدة
جددت مشاهد الاحتفال المبهج فى مدينة الثقافة والفنون فى العاصمة الإدارية الجديدة الأمل فى رؤية الدولة المصرية لأهمية الثقافة والفنون كعلامة على مصر وإسهامها التاريخى فى الثقافة الإنسانية.
وإذ يبهجنى حقًا مشهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يلتقى الأطفال بملابسهم البيضاء فى صدر احتفال مصر بنصر أكتوبر المجيد، فى نظرة للمستقبل الذى يجب أن يرثه أطفال مصر، مستقبل النصر والسلام القائم على القوة التى تحميه.
وإذ يشغل تفكيرى الآن العديد من التصورات عن دور مصر القيادى المحورى الثقافى فى الإقليم الذى تمت تسميته الشرق الأوسط كتسمية سياسية بينما كان قبل إنشاء الحدود المصطنعة بين الدول الشقيقة وكان اسمه الوطن العربى والجوار الإقليمى.
وهو سؤال بدأ فى مشهد الأطفال، فهل يمكن لهم أن يستعيدوا المجد القديم؟ كانت مصر هى مركز العالم القديم كله تأتى إليها رياح الدنيا الأربعة، كى تتعلم منها الفنون والعلوم.
وفى العالم القديم كانت مصر تشرق جنوبًا وشرقًا وغربًا إلى العالم آنذاك فنًا عبقريًا بقيت آثاره جنوب مصر فى السودان وامتدت إلى الناحية الأخرى من البحر الأبيض المتوسط جنوب أوروبا وبالتحديد اليونان القديمة، وبالتأكيد صلات مع حضارات العالم القديم كله، كانت مصر فيها مركزًا للنور والإلهام.
وقد جدد الأمل حقًا تلك الإمكانيات الكبرى وذلك البهاء المعمارى وتعدد القاعات ودور العرض ومراكز التدريب والإبداع فى مدينة الفنون والثقافة فى العاصمة الإدارية، هو طموح ورؤية تستلهم ذلك المجد القديم فى عالم حديث.
إذ تبدو تلك المدينة كبنية تحتية مثيرة لأفق التوقع والترقب فى مستقبل الإنتاج الثقافى المصرى.
وأول ما خطر فى خيالى هو ضرورة إطلاق المعايشة الدائمة اليومية والسعى فى اتجاه توفير منح وفرص إقامة وتفرغ للفنانين المصريين هناك للعمل الهادئ الابتكارى المنتظم نحو إنتاج مجموعة من الأعمال الفنية فى الفنون التعبيرية جميعها، بداية من المسرح والسينما إلى الأوبرات المصرية باللغة العربية وباللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، وإعادة إحياء التراث المسرحى المصرى القديم، وإطلاق الأعمال الفنية للأطفال حرصًا على فكرتى المعرفة ودفء الوجدان العامر بالذاكرة التاريخية وإدراك الذات.
كما يمكن أيضًا التفكير فى مبادرات منظمة فى اتجاه خروج الإبداع المصرى بطريقة تتناسب مع أفق توقع وترقب الجمهور العربى الكبير، فى إطار خطط تستهدف المحيط العربى والإقليمى.
كما يمكن أيضًا النظر فى مخاطبة العالم الخارجى بكل مناطقه المتعددة عبر إطلاق أعمال فنية تجذبه وتحقق التواصل والإنتاج المشترك مع معظم دول العالم، خاصة مع اقتراب انتقال سفراء العالم وبعثاته الدبلوماسية إلى العاصمة الإدارية.
فتلك الشراكات الممكنة والمتاحة قابلة للتحقق عبر التواصل الدبلوماسى، ويعزز تلك الإمكانية حصول مصر على مقعد إدارة منظومة اليونسكو.
وفى هذا الإطار يمكن دعوة كبار المبدعين فى العالم إلى مصر للإقامة فى ذلك الفضاء الحضارى بمدينة الثقافة والفنون لإنتاج إبداعات مختلفة، ويعزز ذلك القدرات الرقمية المتاحة فى عالم معاصر.
إذ إن البث الرقمى والبث الفضائى عبر الشاشات وتعدد المنصات الفاعلة الإلكترونية يمكننا من وصول المنتج الثقافى المستقبلى للجمهور الكبير فى مصر والعالم العربى وكل أرجاء الدنيا.
بل يمكن لنا التفكير فى إنشاء منصة رقمية كبرى تحمل اسم مدينة الثقافة والفنون وتستهدف العوائد الرمزية والمادية معًا.
حلم كبير يتحقق حاضرًا وإنجاز حضارى لمدينة تحمل مقدرات الدخول للمستقبل فهل نرى أهل الفن والثقافة فى مصر، ومن كل الأجيال يبدعون بشكل منتظم، فى هذا الفضاء الرحب الأنيق بالغ الجودة فائق الثراء وهو حقًا علامة أمل على مستقبل مصر فى الثقافة والفنون.
هكذا نحلم وهكذا نتمنى.






