القاهرة تدخل على خط التهدئة بين إسرائيل ولبنان
أمانى عزام
يعيش لبنان على وقع رسائل نارية تتساقط من السماء، تحملها طائرات إسرائيلية تقصف جنوبه منذ أسابيع، فى محاولة لفرض معادلة سياسية جديدة عنوانها «نزع سلاح حزب الله» والدخول فى مفاوضات مباشرة مع الحكومة اللبنانية، بينما تتكثف الوساطات العربية والدولية فى محاولة لتجنّب انزلاق البلاد إلى مواجهة مفتوحة، قد تعيد مشهد الحرب إلى الواجهة.
التصعيد الإسرائيلى الأخير لم يكن مفاجئًا، فقد رافقته تهديدات من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، بتكثيف عملياتهما العسكرية على لبنان، بدعوى عدم السماح لحزب الله بأن يصبح جبهة ضد إسرائيل، لكن اللافت أن كاتس ذهب أبعد من ذلك حين حمّل المسئولية لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، فى إشارة فُسّرت على أنها ضغط سياسى لتوريط الدولة اللبنانية فى مواجهة مباشرة.
ويرى مراقبون فى بيروت أن هذه التصريحات تشى برغبة إسرائيلية فى اختبار الحكومة الجديدة التى تشكّلت قبل أشهر، لمعرفة مدى قدرتها على ضبط الحدود والتعامل مع ملف سلاح المقاومة، حزب الله، الذى يشكّل محور الخلاف الداخلى والخارجى الأكبر فى لبنان.
ووسط هذه التطورات، جاء التحرك المصرى ليعيد الأمل فى إمكانية فتح نافذة تهدئة.
جدّد الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، موقف مصر الثابت فى دعم سيادة لبنان ووحدته الوطنية، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، مشددًا على ضرورة التنفيذ الكامل وغير الانتقائى لقرار مجلس الأمن رقم 1701، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الأراضى اللبنانية، داعيًا إلى تحرّك دولى عاجل لضمان احترام وقف إطلاق النار.
فى المقابل، يرى سياسيون لبنانيون أن الأزمة أعمق من كونها مجرد تصعيد عسكري، فحسب تصريحات فادى كرم، النائب عن حزب القوات اللبنانية فى البرلمان اللبناني، لـ «روزاليوسف»، فإن أزمة لبنان الأساسية تكمن فى أنه أصبح ساحة لتبادل الرسائل بين إيران وإسرائيل، بل إن لبنان لا يمكن أن يستقر طالما أنه لا يملك قراره السيادى المستقل، بعيدًا عن تأثير الحسابات الإيرانية والإسرائيلية التى تتحكم بمسار الأحداث».
من جانبه، يحذّر عدنان منصور، وزير الخارجية اللبنانى الأسبق، خلال تصريحاته لـ«روزاليوسف»، من خطورة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الحدود الجنوبية، مؤكدًا أن إسرائيل تتعمّد قصف القرى والبلدات وتهجير سكانها، قائلًا: «ما يجرى ليس مجرد خروقات محدودة، بل عدوان ممنهج يتكرّر يوميًا، يسقط فيه شهداء مدنيون، وتُقصف منازل بطائرات مسيّرة، وتُستهدف سيارات الإسعاف والمزارعين أثناء توجههم إلى بساتين الزيتون، فى محاولة لحرمان الناس من مصدر رزقهم وإجبارهم على النزوح»..ويتابع: الضغوط الإسرائيلية تهدف إلى إجبار الدولة اللبنانية على نزع سلاح المقاومة، لكن نزع السلاح فى ظل الاحتلال يعنى ترك الأرض مكشوفة أمام العدو، وهذا أمر مرفوض تمامًا، والحل فى انسحاب إسرائيلى واضح والتزام فعلى بوقف النار.
وفى قراءة أكثر شمولًا للمشهد، يعتبر على المرعبى، الكاتب الصحفى اللبناني، أن ما يجرى فى لبنان ليس سوى انعكاس لصراع إقليمى بين إيران والعدو الصهيونى، وأن الشعب اللبنانى هو من يدفع الثمن.










