الخميس 20 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حدث تاريخى.. وشراكة استراتيجية

مصر وروسيا تحتفلان بتركيب وعاء ضغط أول مفاعل بـ«الضبعة النووية»

أخيرًا وبعد عقود من ظهور الفكرة للمرة الأولى فى خمسينيات القرن العشرين، سيتحقق حلم مشروع مصر النووى على أرض الضبعة بمحافظة مطروح.



 

 

 

وبالتزامن مع عيد الطاقة النووية الخامس وبعد 8 سنوات من توقيع مصر وروسيا عقود إنشاء المحطة النووية فى ديسمبر 2017، جاء جنى الثمار مع قيام شركة روساتوم النووية الروسية، المنفذة للمشروع بتركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة الأولى بالمحطة أمس.

محطة الضبعة النووية ستوفر طاقة كهربائية ثابتة ونظيفة، ما يدعم التنمية الصناعية والزراعية، فالطاقة النووية ستوفر الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع كثيفة الطاقة ومحطات تحلية المياه.

المحطة هى الأولى فى مصر، وستضم 4 وحدات طاقة بقدرة 1200 ميجاوات لكل منها، باستخدام مفاعلات VVER-1200 الروسية وهو جيل جديد من مفاعلات الجيل الثالث، ويمكن للمفاعل توفير 1200 ميجاوات كهرباء و3200 ميجاوات من الطاقة الحرارية.

ويمكن للمفاعل النووى الاستمرار فى العمل لمدة 18 شهرًا دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود، لكن محطة الضبعة النووية ليست مجرد مشروع استثمارى فقط بل يمثل حلما للمصريين ظل يراودهم على مدى قرنين.. فى الصفحات التالية تنشر “روزاليوسف” ملفًا شاملًا عن المشروع النووى المصرى.. أحد الإنجازات الكبرى.

فى حدث تاريخى يعزز الشراكة الاستراتيجية، شاركت مصر وروسيا، أمس، فى مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة النووية، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بالعيد المصرى الخامس للطاقة النووية، الذى يوافق 19 نوفمبر من كل عام، فى خطوة توصف بأنها الأهم فى مسار تنفيذ المشروع النووى المصرى.

صرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الفعالية التى جرت عبر تقنية الفيديو كونفرانس بدأت بعرض فيلم تعريفى حول المشروع النووى المصرى، تلاه كلمة لمدير عام شركة «روس آتوم»، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة، ثم كلمة مسجلة لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفى كلمته وجه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، التهنئة لمصر بمناسبة تركيب وعاء الضغط للوحدة النووية الأولى، مؤكداً أن التعاون المشترك فى بناء المحطة يعكس مستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومشيراً إلى أن وتيرة العمل الحالية تُعد نموذجاً ناجحاً لمشروعات الطاقة الكبرى. 

أوضح بوتين أن المشروع سيوفر الكهرباء اللازمة لدعم النمو الاقتصادى فى مصر، لافتاً إلى أن المتابعة الشخصية من جانب القيادة المصرية كان لها أثر حاسم فى تقدم الأعمال. كما أعاد التهنئة للرئيس بمناسبة عيد ميلاده.

وأشار إلى جذور التعاون التاريخى بين البلدين منذ عقود، والتى تجسدت فى بناء السد العالى وعدد من المشروعات الصناعية الكبرى، مؤكداً استمرار هذه الشراكة عبر تنامى معدلات التبادل التجارى والتعاون الصناعى، إلى جانب المضى قدماً فى إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

 وشدد على أن محطة الضبعة ستعزز أمن الطاقة فى مصر عبر تكنولوجيا روسية حديثة تراعى أعلى معايير الأمان والبيئة، مع تقديم برامج تدريب وتأهيل للكوادر المصرية.

وتم عرض فيلم وثائقى تناول مراحل تصنيع وفحص ونقل وعاء ضغط المفاعل إلى موقع الضبعة، ثم أعلن رئيس هيئة المحطات النووية جاهزية البدء فى عملية التركيب، طالباً من الرئيسين إعطاء الإذن لتنطلق بعدها مراسم التنفيذ رسمياً.

خلال كلمته عبّر الرئيس عبدالفتاح السيسى عن تقديره لمشاركة الرئيس الروسى فى هذا الحدث التاريخى، الذى نشهد فيه، تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى، إلى جانب توقيع أمر شراء الوقود النووى، فى خطوة محورية، تضاف إلى مسيرة استكمال مشروع محطة الضبعة النووية، ودعمه لهذا المشروع الاستراتيجى، ومتابعته واهتمامه المباشر بإنجاحه٫ كما توجه بخالص الامتنان، إلى جميع الضيوف الكرام على مشاركتهم.

وأضاف الرئيس السيسى: «نسطر اليوم صفحة جديدة مضيئة، فى مسيرة الوطن، فمنذ منتصف القرن الماضى، ظل حلم مصر النووى يراود أبناءها.. وها نحن اليوم، نراه يتحقق على أرض الواقع، بفضل الإرادة والعمل والإصرار». 

وتابع: «وكذلك العلاقات بين مصر وروسيا الاتحادية، التى تعد علاقات استراتيجية راسخة، تمتد لتشمل كل المجالات، وتقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك، مهما كانت التحديات الإقليمية والدولية». 

وأشار الرئيس إلى أن هذا الحدث العظيم، الذى نحتفى به اليوم، يعتبر امتدادًا لمسيرة التعاون الثنائى المثمر بين بلدينا، عبر مشروعات عملاقة، تركت بصماتها الواضحة على مسار التنمية والتقدم، بدءًا من تشييد السد العالى فى ستينيات القرن الماضى، وصولًا إلى المشروع القومى لإنشاء محطة الضبعة النووية، ذلك الصرح الوطنى العملاق، الذى يحمل فى طياته، قيمة استراتيجية كبرى لمصر، ويبعث برسالة جلية، بأننا نمضى بخطوات ثابتة، نحو مستقبل أكثر تقدمًا واستدامة، متجاوزين كل التحديات، بفضل العزيمة الصادقة والعمل الدءوب، حتى بلغنا هذه المرحلة المتقدمة فى تنفيذه. 

وأضاف الرئيس السيسى، أن ذلك يعد برهانا عمليا، على أن شراكتنا لا تقتصر على التصريحات السياسية البراقة، بل تتجسد فى مشروعات واقعية، تترجم إلى تنمية حقيقية، تعود بالنفع المباشر على شعبينا.

وتابع الرئيس: «فى ظل ما يشهده العالم، من أزمات متلاحقة فى قطاع الطاقة، وارتفاع أسعار الوقود الأحفورى، تتجلى بوضوح أهمية وحكمة القرار الاستراتيجى، الذى اتخذته الدولة المصرية، بإحياء البرنامج النووى السلمى، باعتباره خيارًا وطنيًا، يضمن تأمين مصادر طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، دعما لأهداف رؤية مصر 2030. 

كما يعزز هذا القرار، مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة، ويواكب جهود الدولة، الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة». 

وأوضح الرئيس السيسى، أن مشروع محطة الضبعة النووية، يمثل نقلة نوعية فى مسار توطين المعرفة، واستثمارا حقيقيا فى الكوادر الوطنية، إذ يشمل تعاونا واسعا، فى مجالات التدريب ونقل التكنولوجيا، ويتيح إعداد جيل جديد من الكوادر المصرية، فى تخصصات الطاقة النووية والتصنيع الثقيل، بل يضع مصر فى موقع ريادى، على خريطة الاستخدام السلمى للطاقة النووية، كما يساهم المشروع، فى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، دعما لمسيرة التنمية والازدهار. 

واختتم الرئيس كلمته، قائلا: «أجدد الشكر والتقدير، للرئيس فلاديمير بوتين، كما أتوجه بخالص الامتنان، إلى جميع من أسهموا بجهودهم فى تنفيذ هذا المشروع، من الخبراء والمهندسين والعمال، من الجانبين المصرى والروسى، على ما يبذلونه من جهد مخلص وتفان، تحقيقا لمعدلات غير مسبوقة فى التنفيذ». 

وتابع: «أدعو الجميع إلى مواصلة العمل بإصرار، لاستكمال المشروع وفقًا لأعلى المعايير العالمية.. بما يرسخ مكانة مصر، على خريطة الدول الرائدة، فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ويعزز مسيرتها، نحو مستقبل أكثر تقدما واستدامة».