السبت 22 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأوقاف والمتحدة تقدمان مشروعا يواجه سطحية المحتوى ببرامج هادفة تستعيد ريادة مصر

«دولة التلاوة» يكتشف جواهر الأصوات المصرية

لم تكن مصر يومًا مجرد أرض تلاوة القرآن، فيها كبار القراء، بل كانت صاحبة المدرسة، وصاحبة الريادة، وصاحبة الصوت الذى صنعت منه الأمة العربية، ومع إطلاق وزارة الأوقاف، بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، مسابقة «دولة التلاوة»، التى تعد عنوانًا لمشروع ثقافى وروحى أعاد لمصر ريادتها التاريخية فى التلاوة، فى أضخم مسابقة قرآنية تليفزيونية فى تاريخ مصر.



وهذا ما تحقق بالفعل خلال الأيام الماضية، مع إطلاق أولى حلقات البرنامج، فقد تصدر البرنامج الترند عالميًا، مما يؤكد أن مصر دائمًا لها الريادة فى اكتشاف الحناجر الذهبية.

وتعود مصر، لتستعيد ذلك المجد الذى خفت لعقود، وتعيد بناء مؤسسة حقيقية تخرج أصواتًا تضاهى جيل عبدالباسط والمنشاوى ومصطفى إسماعيل، هذا التحقيق يرصد ملامح المشروع، ويرصد آراء المتخصصين، ويكشف كيف يمكن لبرنامج واحد أن يعيد لمصر زعامتها فى عالم القراءات.

فى البداية، يؤكد الدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمى لوزارة الأوقاف، أن مسابقة «دولة التلاوة» تعد عنوانًا لمشروع ثقافى وروحى يعيد لمصر ريادتها التاريخية فى التلاوة، فى أضخم مسابقة قرآنية تليفزيونية فى تاريخها، وأن مصر حظيت بمكانة فريدة فى خدمة القرآن الكريم وتلاوته وتعليمه منذ الفتح الإسلامى لها، حتى غدت مهوى أفئدة طلاب التلاوة وقبلة للقرآن الكريم وحفاظ كتاب الله فى العالم الإسلامى.

«رسلان»، يوضح أن المتأمل فى التاريخ يجد أن حلقات تعليم القرآن بدأت فى المساجد الكبرى، مثل «جامع عمرو بن العاص، والجامع الأزهر، وغيرها»، وقد أصبحت هذه المساجد قبلة لعلوم القرآن وكبار المقرئين، وعلى مر العصور برزت أسماء لامعة من علماء الأداء والضبط والمقامات، ممن حفظت لهم الأمة فضل الريادة فى مجال التلاوة وضبط المصحف، فكانت مصر محطة أساسية لعلم القراءات منذ وقت مبكر، وبرز فيها علماء حملوا الروايات بالسند المتصل، منهم الإمام ورش «ت 197 هـ» صاحب الرواية المشهورة المتواترة، وهو مصرى من صعيد مصر.

متحدث «الأوقاف»، كشف أن «دولة التلاوة» ليست مجرد مسابقة، بل هى مشروع يهدف إلى تقديم موجة جديدة من المدرسة المصرية الأصيلة فى التلاوة والابتهال والإنشاد والأذان، مؤكدًا أنه من خلال هذه المسابقة، نكتشف لمصر وللعالم حناجر ذهبية جديدة تحمل المشعل، وتواصل أنوار «دولة التلاوة» جيلًا بعد جيل.

واختتم «رسلان»، تصريحاته بأنه تم إجراء تصفيتين للمسابقة ضمتا أربعة عشر ألف متقدم من جميع أنحاء الجمهورية، وضمت لجنة التحكيم نخبة من كبار القراء لضمان أعلى معايير التقييم من حيث جودة الأداء وإتقان الأحكام وجمال الصوت، منوهًا بأن المسابقة تشمل فرعين رئيسين هما: «التجويد» و«الترتيل»، وتبلغ القيمة الإجمالية لجوائز البرنامج 3.5 مليون جنيه؛ يحصل الفائزان بالمركز الأول فى فرعى الترتيل والتجويد على مليون جنيه لكل منهما، إلى جانب تسجيل المصحف الشريف كاملًا بصوتيهما وإذاعته عبر قناة «مصر قرآن كريم»، فضلًا عن تشرفهما بإمامة المصلين فى صلاة التراويح بمسجد الإمام الحسين خلال شهر رمضان المقبل.

من جانبه، يشدد الدكتور طه عبدالوهاب، عضو لجنة التحكيم فى برنامج «دولة التلاوة»، الخبير فى علم المقامات الصوتية، على أن المسابقة تهدف إلى إعادة بناء القارئ المصرى من جديد، صوتًا وأداءً وحضورًا ومقامات، مؤكدًا أن هناك آليات  دقيقة تقوم عليها عملية التحكيم، لافتًا إلى أن مصر باعتبارها «دولة التلاوة»، تمتلك ريادة تاريخية تجعل من الضرورى الالتزام بأعلى معايير التحكيم.

«عبدالوهاب»، يقول أيضًا: «إن الفروق العمرية بين المتسابقين فى مسابقة «دولة التلاوة» تعد عاملاً حاسمًا فى التقييم، ولا يجوز ــ بحسب المعايير الدولية ــ أن ينافس طفل لم يكتمل نضج صوته شابًا سبق له المشاركة فى مسابقات دولية»، مضيفًا: «على الجمهور أن ينتبه إلى أن التقييم يتم داخل كل فئة عمرية على حدة، وهذه واحدة من أبرز قواعد التحكيم التى لا يراها المشاهد العادى». 

وتابع: «أن المسابقة تعد من أصعب المسابقات التى شارك فى تحكيمها على الإطلاق»، مؤكدًا أنه استمع إلى جميع المتسابقين فى كل المراحل دون استثناء، ولذلك ــ على حد قوله ــ «سيتفاجأ الجمهور عند النهاية بمن يملك الأداء الأقوى، وعليهم أن يحكموا على النتائج بعد اكتمال الصورة».

الشيخ طه النعمانى، القارئ بالإذاعة والتليفزيون، المحكم بمسابقة «دولة التلاوة»، يشير إلى أن أهم المعايير التى ننظر إليها فى لجنة التحكيم هى إتقان أحكام التجويد، جودة الصوت، الأداء التعبيرى، والتمكن من ضبط القراءة، نبحث عن المتسابق الذى يعبر عن معانى القرآن بصدق وإحساس، مع الحفاظ على الأصول العلمية للتلاوة.

مستطردًا: «أن المسابقة تسهم فى تعزيز فن التلاوة بمصر والعالم العربى، فهى فرصة لاكتشاف المواهب الشابة وتقديمها للجمهور، كما تسهم فى تعزيز الاهتمام بالقرآن الكريم وتلاوته، وتشجيع الشباب على حفظ القرآن وتجويد قراءته».