الأربعاء 6 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التطرف فى كتاب ابتدائى!

التطرف فى كتاب ابتدائى!
التطرف فى كتاب ابتدائى!




كتب: وليد طوغان
طبعا من حقنا  الرد بالطائرات والقنابل.. حقنا قلب الدنيا على رءوسهم فوقانى تحتانى، واشعالها نيران. العمق بالعمق.. والنابالم بالنابلم ، لكن هل تكفى الطائرات للقضاء على داعش؟ هل تكفى العمليات الخاصة، وفرق المظليين المحمولة  جوا إلى خلف معسكرات اصحاب الذقون فى ليبيا.. لسحق افكار اصحاب الذقون فى ليبيا وسوريا والعراق.. واندونيسيا وماليزيا.. وغرب  افغانستان؟
ربما نقضى على اشخاص  داعش فى ليبيا.. لكن افكار داعش جوالة.. طيارة.. مثل الزيوت الموجودة فى الشاى الاخضر..وعرق البلح. وكما هناك تطرف  فى ليبيا.. وفى سوريا.. وفى العراق، فإن التطرف موجود تحت جلودنا ايضا فى مصر.. فى التعليم.
التطرف يبدأ من التعليم، وينتهى على ساحل درنة.. حيث ذبح التطرف اقباطا.. بجريمة ديانتهم بـ «الصليب».
لا نعرف للآن ما معنى ديانتهم بـ«الصليب»؟
التعبير الذى اطلقه قيادى داعش فى الفيديو كان غريبا.. متطرفا، ولو مات قيادى داعش بالطائرات المصرية، فان افكار  داعش لن تتأثر بالطلعات الجوية.. ولا بأزيز الإف 16.
حرب التطرف تبدأ من  التعليم.. من الابتدائى. ففى كتب الابتدائى ينام التطرف ملء جفونه، ويصحو ويشرب الشاى الاخضر حفاظا على صحته. وفى حصة الدين فى مدارسنا، ينمو التشدد..  وفى حكايات المدرسين لطلبة التعليم الالزامى.. يتداولون قصصا خرافية.. منحوتة فى كتاب المدرسة، ومقررة فى المناهج.. ومنصوص عليها من موجه اول الوزارة.
تبدأ بذور التطرف فى مدارسنا، من اول ان يخرج التلاميذ المسيحيون من الفصل فى حصة الدين الاسلامى.. اقلية.. لغرفة الموسيقى.. يقرءون فى كتاب «التربية الدينية المسيحية» مع مدرسهم اقوال السيد المسيح، وتعاليم حوارييه.
لو قتلت الطائرات  ابو بكر الليبى.. وابوبكر البغدادى.. والجهبذى.. وابو العدنان، فى ليبيا.. وسوريا، والعراق.. واتباع  شامل باساييف فى القوقاز.. سينط فى فناء مدارسنا الف جهبذى.. ومليون باساييف.. فى فناء مدارسنا فى مصر، قبل ان يكبروا، ويحصلوا على فيزا.. على جوازات سفرهم إلى العراق وسوريا وليبيا من جديد.
 يمكنك ان تقول ان المدارس المصرية.. والتعليم المصرى.. والاضطرابات الدينية والاجتماعية التى مر بها المجتمع  خلال 50 عاما مضت، هى التى انتجت واغش داعش الفكرى.
بعد الطائرات.. ودك معسكر الرشيد.. وتدمير امدادات واسلحة خبؤها تحت الرمال فى درنة، وطرابلس، وغطوها بالمصاحف تحضيرا لمزيد من القتل.. ما الحل؟
الحل فى نفض التعليم المصرى، واعادة بنائه.. خصوصا التربية الدينية.
قبل شهور نفت وزارة التربية والتعليم استبدال مناهج التربية الدينية بكتاب اسمه «كتاب القيم والاخلاق».
قالت الوزارة ان الحديث عن الاستبدال كلام اخوانى.. لتشويه صورة الوزارة، ونظام 30 يونيو.
ياريت كان مشروع تدريس الاخلاق صحيحًا. فالتطرف الدينى، والانحياز والتعصب العقيدى يبدأ من كتاب الدين، وحصة الدين فى مدارسنا الابتدائية،  حيث تتبلور الافكار، وتنزرع البذور الطائفية فى العقول، فتسهل الطريق إلى الانحراف الفكرى.. وانحراف العقيدة فى الاعدادى، والثانوى.
لو كان ذلك كذلك..  فلماذا لا نستبدل التربية الدينية، بتدريس علم الاخلاق فى مرحلة التعليم الالزامى؟
فى الهند واليابان.. لا يدرسان الدين للتلاميذ تحت 12 عاما. ليس هذا ضد الدين، وإنما ضد عقول «صغيرة» يسهل جذبها من مدرس متطرف إلى مذهب الشنتو، أو مغالاة من مدرسة ابتدائية.. متعصبة للبوذية.
فى اليابان والهند، مليون اسطورة، وألوف المذاهب الدينية.. لكن المتطرفين قليلون. فتلك شعوبا عانت التعصب الدينى، والقتل على المذهب.. والقتل على العقيدة.. عانت من تطرف فكرى شديد.. ادخلها فى عصور الدم، مراحل.. ولما خرجت، وجدت ان الحرب على التطرف.. والاساطير التى تتلبس رداء الدين، فتكره الاخر باسمه.. وتقتل المعاير باسمه.. وتسمم الخناجر باسم الدين ايضا، لا يمكن ان تحارب من عند رءوس الكهنة فى المعابد، انما حربها الحقيقة، من عند صوابع ارجل التلاميذ الصغار فى مدارسهم.
فكرة تدريس علم الاخلاق فى مدارسنا جيدة. على الاقل فى المرحلة الابتدائية. دعك من المزايدات بانها ليست من  الدين، أو انها ضد الاسلام.. بالعكس.. هى من اصل الدين.. فاطفال ابتدائى ليسوا فى سن التكليف فقها.
وعلم الاخلاق مدخل سيكولوجى ممتاز تمهيدا لاطلاع الاطفال على عقائدهم الدينية، اسلاما أو مسيحية فى سنوات دراسية متقدمة فى الاعدادى والثانوى.. تكون عقولهم كبرت.. وسرائرهم تفتحت، فلا يمكن جذبهم لتطرف مدرس ما هنا.. أو قصص خرافية، مربوطة بالله وملائكته ورسله على لسان مدرسة ما هناك.
تدرس علوم الاخلاق مصادر الالزام الخلقى فى الانسان.. ما الذى يجبرك على فعل شىء، ويمنعك من فعل آخر؟ ما هو الخير.. وما هو الشر؟ ما هى نظرتك للاخر.. وكيف تتكون؟ كيف نستعمل عقولنا..  هل نوقفها، عندما يقول لنا احد رأى لا يجوز الاجتهاد معه لانه مشهور ان النبى فلان قاله، ام ان ما يقال ان النبى قاله لا يجوز التسليم به الا اذا كان يتماشى مع الاخلاق.. وفلسفات الخير والشر؟
لا يمكن ان تكون اقوالا حقيقية لانبياء تلك التى قد تدعو إلى شر.. أو تلك التى تدعو إلى قتل الاخر وذبحه، والتمثيل بحثته أو حرقه حيا.. حتى لو قال الف كتاب، ومليون حديث.
فى الفقه الاسلامى، يقوم الدين الاسلامى على اربعة: العقيدة، الاخلاق، المعاملات.. ثم العبادات  التدرج بين تلك المراحل مهم.. فالعقيدة تحسن الاخلاق، ثم تسيطر على المعاملات.. لتتوجها العبادات.. تأكيدا على الايمان.
ماذا يعنى التطرف؟
التطرف هو ارباك فى تلك المعادلة، ارتباك فى الترتيب.. يعنى البدء بالعبادات والحرص عليها، وعلى طقوسها، ثم تكييف العقيدة، والاخلاق، والمعاملات.. على العبادات .
راجع كتب التربية الدينية فى مدارسنا،  ستجد اكثرها قصصا عن اهل الكهف.. وناقة صالح، اضافة إلى كم هائل من فقه العبادات.
من  كتب التربية الدينية فى المدارس، ينشأ التلاميذ على ان العالم هو «الاسلام» وان الاخر هو من لا يدين بالاسلام.
من ابتدائى فى مدارسنا نشب على ان العالم كله ضد الدين، وان الاسلام يدافع عن نفسه.. ضد الاخر الذى لا يدين بالاسلام!
من ابتدائى.. يخرج تلاميذ المدارس مؤهلين لاستيعاب قصص عن عذاب القبر، ويأجوج ومأجوج.. ومدفوعين لعدم تهنئة الاخر باعياد الكريسماس والفصح..  ويلوك اغلبهم قصصا مصدقة عن تحريف الكتب العقيدية  لغير المسلمين.. فيقدرون كتب الطبخ اكثر من الكتب المقدسة الاخرى!!
لما يكبر التطرف.. ويصير داعشيا ملو هدومه.. يعيد الحديث باللغة الانجليزية وهو يمدد قبطيا ارضا باعتباره من «عباد الصليب» !
مؤكد كان تلميذا نجيبا.. فى مدرسة مصرية.. ذلك القيادى الداعشى  ذو الملابس الكاكى فى فيديو الذبح!!