الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسئلة يحيى حقى عن الدولة والفنون

أسئلة يحيى حقى عن الدولة والفنون
أسئلة يحيى حقى عن الدولة والفنون




كتب - حسام عطا

«شاءت لى الأقدار - لا إرادتى - أن التقى مصلحة الفنون عند أول إنشائها سنة 1955، حاولت بها الدولة أن تجد حلا لاشتباكها المشتت بالفنون.
بدأت المشكلة أول الأمر بدار الأوبرا التى أقامها إسماعيل للترحيب بضيوف افتتاح قناة السويس، فكانت تابعة لوزارة الأشغال لأنها مبني، لابد أن تطبق عليه لائحة المخازن.
ثم طالبت بها وزارة المعارف، لأنها مدرسة ليلية وبسطت هذه الوزارة جناحها أيضا على الفرقة القومية للمسرح عند ولادتها وكانت الرقابة على الأفلام السينمائية - مستوردة ومحلية - تابعة لوزارة الداخلية، وكان المسرح الشعبى تابعًا لوزارة الشئون الاجتماعية.
هذه الاختصاصات المشتتة وضعت فى كيس وقذف به إلى وزارة الإرشاد عند إنشائها، فجعلتها من اختصاص مصلحة الاستعلامات، فأصبحت تجمع بين الانشغال بقضايانا الكبرى فى المحافل الدولية، وشكاوى منتج أو ممثل أو راقصة.
فلما تولى الأستاذ فتحى رضوان وزارة فى الإرشاد رأى أن ينتزع الفن من اختصاص مصلحة الاستعلامات لتتفرغ للسياسة، وأنشئت مصلحة جديدة، لتكون أداة الدولة فى اشتباكها بالفنون، سماها مصلحة الفنون، وهو اسم فيه تنكير وتجهيل وكان المقصود به أن يشمل المسرح والسينما والموسيقي».
هكذا كتب الأديب الكبير يحيى حقى عن مصلحة الفنون وهى بداية اشتباك الدولة بالفنون وفقا لإرادة حقيقية ازدهرت مع ثروت عكاشة وعبد القادر حاتم. والسؤال الضرورى المطروح الآن على الدولة فى علاقتها بالفنون سؤال مزدوج:
أولا: هل تريد للفنون حقا أن تصبح إحدى أدوات الدولة لرسم الأحلام ولاستعادة منظومة القيم؟
ثانيا: هل لديها النية لاختيار قيادات فى عملية إنتاج الفنون مثل الكاتب الكبير يحى حقى وقد كان أن اختارت له نائبين هما الكاتب الكبير على أحمد باكثير، والعبقرى صاحب نوبل نجيب محفوظ.
ولم يرفض الكبيران مهمة المساعدة وحمل كل منهما ملفات ثقافية مهمة، ورغم كل ما قيل وسيقال عن استخدام الدولة للفن للتوجيه وللإرشاد وللترويج لمشروعها السياسى الاجتماعى آنذاك، والذى كان من أبرز ملامحه أنشطة الثقافة الشعبية واجتذاب جماهير جديدة كان قد آن لها أن تدخل المسرح والسينما ودار الأوبرا.
ضخت الدولة ميزانية كبرى وتحمست للموهوبين واختارت المبدعين الكبار لإدارة المؤسسات الثقافية وتوفرت لها الإرادة الحقيقية لفعل ذلك، والآن أصبح السؤال الضرورى هل تريد أم لا؟
إن لم تكن تريد فلتعيد الدولة كل هيئة لمكانها وتترك الثقافة للمجتمع، حتى يتوقف نزيف المال والوقت والجهد المهدد.