الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«منع الاحتكار» يفشل فى مواجهة الرأسمالية المتوحشة وتحقيقات الجهاز ذهبت إلى الحفظ

«منع الاحتكار» يفشل فى مواجهة الرأسمالية المتوحشة وتحقيقات الجهاز ذهبت إلى الحفظ
«منع الاحتكار» يفشل فى مواجهة الرأسمالية المتوحشة وتحقيقات الجهاز ذهبت إلى الحفظ




كتب – رضا داود
بعد 10 سنوات من المراوغة بين أباطرة المال والأعمال وجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار والذى أنشئ فى عام 2005 بموجب قانون يواجه الاحتكارات وينظم المنافسة لا تزال الرأسمالية تتوحش وتغير على المواطن لسلب  أمواله  لتنتفخ جيوبهم ويزدادون ثراء فاحشا من خلال المغالاة فى الأسعار والهيمنة على القطاعات الانتاجية الاستراتيجية فى الدولة.
لدرجة أنه فى كل قطاع إنتاجى  أصبح فرد أو اثنان يتحكمان ويحتكران إنتاج سلعة ما وعلى سبيل المثال لا الحصر   نجد  فى قطاع الحديد أحمد عز وأبو هشيمة يسيطران على اكثر من 75% من حجم السوق وفى قطاع الاسمنت نجد هيمنة أجنبية طاغية على السوق بنسبة 90 % بعد ان خصخصت الدولة فى عهد النظام البائد «مبارك» على معظم الشركات الناجحة.
أما فى قطاع الأسمدة فيسيطر عليه ناصف ساويرس والخرافى وفى قطاع الزيوت نجد  شركتى صافولا السعودية وارما اليمنية تتحكمان  فى اكثر من 50% من حجم الإنتاج فى السوق وهكذا فى كل قطاع.
ووفقا لتقرير رقابى حصلت عليها روزاليوسف من مصادر داخل جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار فإن الجهاز تمكن خلال العشر سنوات الماضية منذ إنشائه فى عام 2005 وحتى الآن  من فتح ملفات نحو 100 شركة وكان مصير تلك التحقيقات أن حفظت بعد إحالتها للنيابة لعدم ثبوت تهمة الاحتكار بسبب عيب مشين فى القانون الحالى الا وهو عدم تجريم الحصة الاحتكارية.
حيث حدد القانون الحصة الاحتكارية  لإنتاج سلعة ما بنسبة 25 % من حجم السوق دون ان يجرمها مما يعنى أنه لو سيطرت شركة ما على انتاج سلعة محددة بنسبة 100 % فلن تكون محتكرة.
ووفقا لنص القانون فإنه حدد مفهوم جريمة الاحتكار بشروط  تتمثل فى إساءة استخدام الوضع المسيطر من خلال الاتفاقيات مع المنتجين لتقويض المنافسة والتحكم فى الأسعار وهو ما واجهه الجهاز من مشاكل كبيرة فى إثبات جريمة الاحتكار مما جعل  مصير التحقيقات التى أجراها واحال بعضها للنيابة ان تم حفظها باستثناء حالة واحدة فقط وهى شركات الاسمنت التى تم تغريمها نحو 200 مليون جنيه فى عهد وزير الصناعة والتجارة الاسبق رشيد محمد رشيد ويومها قامت الدنيا ولم تقعد حتى تدخل سفراء الدول الاجنبية لدى الحكومة لإنهاء الازمة وإلا ستقوم الشركات بسحب استثماراتها من مصر على اعتبار ان الاجانب يسيطرون على 90 % من حجم الإنتاج.
ووفقا  لتقرير جهاز منع الاحتكار  فإن أبرز الحالات التى ثبت عليها تهم الاحتكار وإساءة استخدام الوضع المسيطر من إجمالى 100 حالة  شملت شركات الأسمنت ودور العرض السينمائى وشركات التأمين على السيارات وشركات الدواجن والنشا بالإضافة إلى شركات المحمول والألبان والجلوكوز والزجاج المسطح والمولاس وقناة الجزيرة الرياضية.
وأكد التقرير أنه تم إدخال تعديلات على قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار خلال العام الماضى وتم إقرارها حاليا وبين أن من أبرز تلك التعديلات تغليظ الغرامات بدلا من غرامة حدها الأدنى 100 ألف جنيه وحدها الأقصى 300 مليون جنيه حيث تم استبدال هذا النص بغرامة نسبية تعادل 12% من أرباح الشركة المحتكرة كما تم تغليظ عقوبة إفشاء المعلومات والبيانات المتعلقة بالحالات محل الفحص من قبل العاملين بالجهاز لتصبح الغرامة بحد أدنى 50 ألف جنيه وحد أقصى 500 ألف جنيه بدلا من حد ادنى 10 آلاف جنيه وحد أقصى 50 ألف جنيه.
كما نوه تقرير الجهاز إلى أن من أبرز التعديلات التى أدخلت على قانون منع الاحتكار هى اعفاء وجوبى من كامل العقوبة ضد أول مخالف يبادر بإبلاغ الجهاز بجريمة (الكارتل).
فضلا عن إتاحة استقلالية تامة للجهاز فى تحريك الدعوى الجنائية ضد المحتكرين دون الرجوع إلى الوزير المختص (وزير الصناعة التجارة).
وحول التعديلات الأخيرة لقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار قال الدكتور عادل عامر مدير المركز المصرى للدراسات السياسية والاقتصادية  أنه كان يجب تجريم الحصص الاحتكارية إذا ما ارتفعت عن 50% من الحصة السوقية لسلعة ما مثلما يحدث فى أمريكا حينما تدخل جهاز منع الاحتكار ضد شركة مايكروسوفت.
وأضاف أن على الحكومة رفع الحصة الاحتكارية من 25% حاليا إلى 50% وتجريمها حتى لاتكون وسيلة لهيمنة أفراد على سلعة بعينها مثلما يحدث فى سوق الحديدوالأسمنت.
وطالب بتطبيق تجربة الدول الاسكندنافية فى مصر لمواجهة الاحتكارات والتى تقوم على تجريم الحصة الاحتكارية بنسبة ما.
فيما بدد الدكتور هشام إبراهيم الخبير الاقتصادى المخاوف من تقزيم الشركات فى حالة تجريم الحصص الاحتكارية بنسبة 50%  مؤكدا أن التجربة الرأسمالية فى مصر اصبحت ناضجة وحان وقت تقليم أظافرها لمواجهة الاحتكارات وسيطرة فرد او اثنين على إنتاج سلعة ما فى قطاع محدد.