السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع

واحة الإبداع
واحة الإبداع




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى :   

[email protected]

مغيبة أنا


ليس غريبا هذا الود
تأخذنى لدنيا الهوى
تنسج حلمى بعطر الورد
يأسر نبضى زهو العشق
لأفيق ثانية.. وأجد
كل آمالى وفيك هيامى
كان سرابا فيّ يهد
مغيبة أنا
إن صدقتك ثانية
إن آمنتك لثانية
فما قدرت حبى
وحياتى معك هاوية
فغرامى فيك زلزلنى
قادنى إلى الهاوية
مغيبة أنا
إن عاد فيك هيامى
سلمتك أيامى
أو زار الدمع عينى
إذا عادتنى صورتك
أو ارتعدت يديّ
إن افتقدت لمستك
مغيبة أنا
إن استنزفت شوقى
أو حن إليك قلبى
إن عاد حزنك أشجانى
أو رسم قربك بسماتى
ونذرت بسعدك أملى
أهدرت فيك حياتى

كلمات - زهرة يونس

فيض ووشم

أشعلتها
مدنا من الذكرى لها
طرقاتها فيض من الكلمات ممزوج
بفيه بيوتها
مصباحها متوهج
وهج لكل العابرين مراكب
لا ريح تضربها ولا عطب بها
رصيفها
فخذان من ساق السنونو مجلس
يقتات عشق العاشقين بليلها
أحضانها امرأة تضم
الشمس فى ولع
فتحيي من حنين الضم عاشقها بها
أشعلتها
طرقاتها وشم على صدر المذابل
يستبيح دماءها
مصباحها ضوء تدلى فى انتظار الموت
من زمن على جدرانها
ورصيفها حجر من الذكرى يدق
الحلم فى رأس الفتى
فينام عريان بدون غطائها
أحضانها امرأة تضم
الليل فى هلع
فتقتل من أنين الضم عاشقها بها
وأنا بها متقلب فى الوجد
بين حنينها وجفائها
متعلق بوريدها
فتصب يوما فى وريدى روعة
تمتص يوما من وريدى روحها
بين انتشاء حضورها
بين احتضار غروبها
أنا لها
أنا بها

كلمات - نزار الكردى - شمال سيناء

تساؤل

علمنى يا شيخى مما علمك الله
كيف تموت الكلمات؟ كيف تغادر صدرى الآه؟
علمنى مشيتك الأفعى أن أرفع رأسى، ويضىء سناه
وأجالس سيف الدولة يأخذنى فوق أريكته ملكا
يصحبنى ضحاكا يجعل لى متكئا
أقسم ياشيخى. لن أمدح غيره
سأجرد من كل الألفاظ أخاتله
أنسج من جوهرة الملك سناما شعريا
علمنى أن أشرى العبد أن أمضغ مسواك الشجر الأسود
وأصوغ حطام الجثث رحيقا وثمارا
وأضاهى مشية طاووس أو ألبس قبعة الإفرنج
أن أصبح ثورة زنج
نايا وبلاطا.. زهرة نارنج
صوت: - هل كنت المتنبى علمنى؟
هل ألبس خرقة أهل الله..؟
أو يسكن قلبى نور الصوفية
اه لو يمكن أن أصبح صوفيا..؟
ويسر فؤادى ترنيمة بسطامى حلاج
يدعو بالشفرة يأكل بالشفرة
يصنع من كل فرادى أزواج
يعلن ما يخفى يخفى ما يعلن
ويضئ بغير سراج.. ترنيمة
الخيمة نور وزجاجة والعرش كلام بللورى
والأرض صلاة رجراجة..  والاسم بهار ربانى
هل كان الوجد سماجة؟.. أم كان العقل نبى؟
علمنى... هل أصبح لصا أم نعلا..؟
هل أشحذ بالجرح أم أقبل جعلا..؟
هل يصبح مثلى ورقة صيف تتقاذفها الريح..؟
نايا يصفر فيه لعاب الدهماء ..
إن كنت حكيما...لا تكذب..
فالكذب وباء.. هل يمكن أن نتكاشف..
ياشيخى يا جرحى؟

كلمات - أشرف دسوقى على - الإسكندرية

عندما تعشق المرأة

عندما تعشق المرأة.. يتلاشى الكون من حولها ولا ترى سواك
ويتلاشى الظلام بنورك.. ويظمأ قلبها لك
تعشق المرأة عندما... لا تنتهى مسافات السفر فى أعماق عينيك
وعندما ترسم بملامح طيفك الخلاب أجمل أحلامها
وتداعب عقلها الباطن
وتستيقظ
لإكمالها لتكون أنت واقعها الأجمل
تعشق المرأة عندما تهب نسمات همساتك لتخرج أروع
ما بداخلها من أحاسيس لم يدغدغها أحد قبلك
وتعشق عندما ترفرف أجنحة قلبها محلقة فى سماء الشوق
لرجوعك إلى ساحات هيامها بك
بعشقها لك..  تراك الرمز القادر على احتوائها
وتراك صغيرها الهائم فى بحر حنانها
تكون عاشقة عندما تنسى جميع المرايا ولا ترى أنوثتها إلا فى
حضورك الطاغى.. وتغار عليك من مرور فراشات الربيع بين يديك
وزقزقة العصافير فى أذنيك
تغرم بك المرأة.. عندما تهرب إليك من أسراب أحزانها..  وترتد سترة الاطمئنان والأمان الدافئة بدفء نبض قلب
وبروعة سريان شغفها بك فى عروقها
عندئذ..  فأنت.. حبيبها ونديمها... أنت غرامها وهيامها

كلمات - أسماء مراد

«حَدُّ الوجَع»

كلَّما مررتُ بهذا الشارع الوحيد المؤدِّى إلى مبنى المدينة الجامعية ترمُقنى هذه المرأة العجوز التى تجلس على دكَّتها الخشبية أمام بيتها المتواضع بعينيها المرهقتين، صديقى مروان يتغامز علىَّ ويقول هامسا: الجوّ بيبُّص عليك، الله يسهل لك ياعم، أقابل كلماته بلا مبالاة، أحاول الهروب بعينَّى بعيدا عن نظراتها، ظلَّت تُلاحقنى فى الذهاب والإياب طوال «التيرم» الأول، كنت أحيانا أبادلها النظرات، ذات مرَّة لمحتُ صغارا يلعبون حولها، كانت تُداعبهم وتبتسم لهم، حينما رأتنى انصرفتْ عنهم وراحت تُلاحقنى بنظراتها المتوالية، فى المدينة الجامعية يتهامس أصدقائى على هذه المرأة، يقصُّون حكايات وروايات حولها، فى مرات كثيرة أخشَى هذه النظرات وأشعر بالضيق، أتمنى أن أجد لى طريقا آخر للوصول إلى المدينة الجامعية بدلا من هذا الشارع، لكن لا مفَّر.
أيام عديدة أمرُّ فيها وأجد دكَّتها الخشبية فارغة، الحمد لله يبدو أنها سافرت أو حتى بدَّلت المسكن، أشعر بحالة من النشوة والفرحة لعدم وجودها، حاول مروان أن يبحث عن سبب غيابها من أجل مناوشتى، عادت مرة أخرى للجلوس على الدكَّة ولكنها كانت مُنْهكة، تربط رأسها بمنديل أسود، يبدو أنَّها فى حالة مرض، تعاطفت معها بالرغم من حالة الضيق الشديدة التى أشعر بها تجاهها.
أعود بمفردى هذا المساء مُتعبا من محاضراتى بالجامعة، لمحتُها على بُعد تجلس فى مكانها المعتاد، قبل أن أصل قدَّامها لمحتها تقوم واقفةً، تتقدَّم بخطواتها البطيئة ناحيتى، فجأة وجدتُها أمامى، حاولت المرور بجوارها، أمسكتنى من يدى وأجبرتنى على الوقوف، عزمَت علىَّ أن أشرب معها كوب شاى، رفضت بشدة، أمام إصرارها تقدمت بخطواتى معها ناحية الدكة الخشبية، أنظر خلفى خشية أن يرانى مروان أو أحد زملائى، سأكون الليلة مائدة شهية للسخرية، أجلستْنى بجوارها على الدكة التى تُشبه الدكة التى أجلس عليها فى بيتنا، نظراتها فاحصة لى، حاولت الاستفسار منها عن سبب اهتمامها بى، لكنَّها لم تُعطنى الفرصة، نادت بصوت عال: هناء بت يا هناء.
خرجتْ من البيت فتاة تحملُ بين يديْها طفلا صغيرا، حينما لمحتْنى، عادت للخلف خطوَةً ثم قالت: سبحان الله، ده هو، أخويا ربيع.
اندهشت ولم أنطق بكلمة واحدة، تقدًّمت نحوى ومدَّت يدها اليمنى، سلَّمتُ عليها، نزلت دمعتان من عينيها العسليتين، الأمُّ صامتة شاردة، عندما جاءت طفلة ذات أعوام أربعة قالت لها: تعالِ يا سماح سلِّمى على خالك ربيع، مدَّت سماح يدها وسلمت عليها، شعرت بدوار، عيناى على الشارع خشية قدوم أحد الزملاء فى هذه اللحظة.
بعد لحظات تمالكتُ نفسى وسألتُ عمَّا يدور حولى، ربتت المرأة بيدها اليمنى على كتفى وقالت فى وَهَن: معلهش ياولدى أنت بتفكرنى بالغالى، أعذرنى، اتخطف منى فى غمضة عين، تساقطت الدموع غزيرة من عينيها، ما زالت هناء تحدِّق فى وجهى بدهشة.
شربت الشاى الذى صنعته هناء لنا، طعمُه لذيذ، كنتُ فى حاجة شديدة لهذا الكوب الساخن، تحدثتْ كثيرا عن ولدها الوحيد ربيع وعن الحادث الذى تعرَّض له ومات فيه، أسمعُها بدون تعليق، تملَّكتنى حالة من الحزن لحدِّ الوجع، استأذنتها عائدا إلى المدينة الجامعية، وافقتْ، وعدتُّها أنا أشرب معها الشاى كلَّما سمحت ظروفى، دون أن أخشَى سُخرية زملائى بعدَ اليوم.

كتبها: أحمد الليثى الشرونى - أسوان