السبت 15 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمين عام «اتحاد الناشرين»: «طبخ» الكتب أحدث موضات التزوير.. وسور الأزبكية إحدى البؤر




 
كشف أمين عام اتحاد الناشرين مسعد شعير أن مصر هى الدولة الوحيدة التى لا تدعم معرضها الدولى للكتاب، وأن الثقافة كانت «قوتها الناعمة» لكن الوضع تغير، وأرجع السبب إلى تخاذل الدولة عن دورها، وعدم إعطاء أولوية للثقافة.
 
وقال فى حواره لـ«روزاليوسف»: أصبحت مطالباً بأن أسوق جزءاً كبيراً مما أنشره خارج بلدي، وأن أشعر أن سوق دولة فيها نصف مليون نسمة أفضل من سوق دولة بها90 مليون نسمة، فالدولة غائبة غياباً تاماً عن الثقافة والمثقفين وعن الكتاب والكتّاب.
 
عن دور اتحاد الناشرين، ورؤيته لحال الثقافة والنشر والناشرين فى مصر، وأهم ما يواجه هذا المجال من مشكلات وعقبات، وغيرها من الأمور تحدثنا مع «شعير» فكان لنا معه هذا الحوار.
 
■ ما دور الاتحاد وكيف ينظم عمل دور النشر وينسق فيما بينها؟
 
ــ أنشئ الاتحاد فى الأساس بغرض تنظيم عملية النشر فى مصر بالقانون 1965، ويضم الاتحاد لجاناً نوعية تهتم بكل ما يخص الناشر، لجنة المعارض تهتم بمشاركات الناشرين فى المعارض العربية والدولية، ونشارك فى العام الواحد فى أكثر من 15 معرضاً عربياً ودولياً، وهذا العام نشارك فيه بجناح مجمع يحمل اسم «اتحاد الناشرين المصريين» فى معرض فرانكفورت، ونحاول تذليل كل ما يخص الناشرين من مشكلات وعقبات، ونحن بصدد استخراج عقد موحد للناشرين المصريين، لجعله كصيغة قانونية بين الناشر والمؤلف يضم بنوداً منضبطة لصالح الطرفين، كما أننا نجمع ما يسمى «أعراف المهنة»، فلكل مهنة عرف، وجمعنا أعراف النشر فى حدود 70 بنداً، بحيث يأخذ بها القضاة، حيث تواجهنا مشكلة مع المحكمة الاقتصادية التى تعين فى قضايانا خبراء ليس لهم أى علاقة بمهنة النشر، فأعراف المهنة التى ستصدرها لجنة الملكية الفكرية توضح كل هذه الأمور بشكل كامل، وهو أمر لا يتم بمعزل عن اتحاد الكتاب، الذى أرسلنا إليهم تلك البنود لأخذ ملاحظاتهم ثم الاتفاق عليها، وسنقوم بعمل مؤتمر عام للناشرين لعرض تلك الأعراف عليهم.
 
■ كيف تفسر أن قانون 1965م ينص بألا يعمل فى مهنة النشر إلا أعضاء الاتحاد، فى حين أنه يوجد من يخالف ذلك؟
 
ــ مصلحة الأحوال المدنية أو التجارية «الشهر العقاري» المنوط بها إصدار السجل التجارى هى السبب فى ذلك الخلل لأنها تصدر السجل التجارى دون الرجوع للاتحاد، وقد قمنا بعمل تنسيق بيننا وبين الجهات المختصة لعدم استخراج السجل إلا بعد موافقة اتحاد الناشرين، وذلك ليس بهدف الاستحواذ، فلا يوجد أفراد تستحوذ على الاتحاد فهو ملك للجميع، وما يتم فيه يحدث بإرادة الجمعية العمومية وليس إرادة أفراد بعينهم، وقد قمنا بحصر عدد الناشرين الذين يعملون بمهنة النشر وليسوا أعضاء بالاتحاد ووجدنا أنهم عدد بسيط جدا لا يتعدون 40 ناشرا، وقمنا برفع قضايا عليهم ليقوموا بالتسجيل وذلك بهدف تنظيم المهنة.
 
 
■ هل القانون المنظم للاتحاد بحاجة للتعديل؟
 
ــ بالفعل، فقد تقدمنا بمشروع جديد يحقق أحلام الأعضاء ويعطينا تصوراً أكبر للفترة القادمة، وقد نوقش فى لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب قبل «حله» فى جلستى استماع، قامت بعدها بتحويله إلى لجنة التشريع، وكان فاضل عليه «تكة»، لكن «حل» المجلس حال دون صدوره، وعند انتخاب مجلس شعب آخر سنستمر فى السعى لاستصداره.
 
■ ما أهم بنود القانون الجديد الذى تسعون لاستصداره؟
 
ــ أهم بند يحويه القانون الجديد هو تحويلنا من اتحاد إلى نقابة، مما يعطينا صلاحيات أكثر وقدرا أكبر من الاستقلال خاصة أننا فى ظل الوضع الحالى نتبع وزارة الثقافة إداريا، والنظام القديم فى كل تشريعاته حريص على السيطرة على العمل العام ويعطينا صلاحيات محدودة ويبقى هو المسيطر على مقاليد الأمور، فقد كان يتم تعيين 9 أعضاء بمجلس الإدارة من بين 19 عضوا هم كامل المجلس، أما فى القانون الجديد فطالبنا بالاستقلال التام عن التعيينات ليبقى كامل الأعضاء بالانتخاب، أو حتى أن يتم تعيين من يحتاجهم «الاتحاد» فقط، مثل ممثل لوزارة الثقافة أو التعليم، وأرى أن اتحاد الناشرين رفض الوصاية من النظام القديم عليه حتى قبل الثورة وتشهد بذلك آخر انتخابات، وكانت كل انتخابات معبرة عن إرادة الناشرين، حتى فى الانتخابات التى كانت قبل الثورة كان أمن الدولة سابقا «نازل بثقل» لتحقيق أهداف معينة، ولم يحقق منها أى هدف وفى النهاية تحققت إرادة الناشرين، والقانون الجديد فى حالة تحويل الاتحاد إلى نقابة يسمح لى بإنشاء صندوق زمالة، صندوق أزمات، وغيرها مما يسمح لى بلم شمل كل من يعمل بالمهنة، أما الوضع الحالى فلا يسمح لى بذلك.
 
■ ما أهم مشكلات النشر والناشرين فى مصر؟
 
ــ نعانى فى العالم العربى من الأمية المرتفعة بشكل عام، والأمية الثقافية بشكل خاص، وضعف الأجور، مما جعل الشخص يفكر أكثر من مرة قبل شراء كتاب، والتوجه العام فى الدولة كان يأتى دائما على حساب الثقافة والمثقفين، فى حين نجد أنه فى دول عديدة قد تكون بدأت متأخرة عنا لديهم اهتمام وبنود تهتم بالثقافة، وتدعم هذا المنتج، ونجد أن أى دولة فى العالم تدعم معرضها للكتاب وتخصص له الملايين، فى حين أن مصر هى الدولة الوحيدة التى لا تدعم معرضها الدولى للكتاب، فالمعرض هو واجهة البلد، وهو «القوة الناعمة»، الوضع تغير بسبب تخاذل الدولة عن دورها، وعدم إعطائها أولوية للثقافة، وأصبحت مطالباً بأن أسوق جزءاً كبيراً مما أنشره خارج بلدي، وأن أشعر أن سوق دولة فيها نصف مليون نسمة أفضل من سوق دولة لديها 90 مليون نسمة، فالدولة غائبة غياب تام عن الثقافة والمثقفين وعن الكتاب والكتّاب.
 
■ ما تعليقك على الاتهامات الموجهة للاتحاد بالسعى تجاه المصالح الشخصية؟
 
ــ أقول: «لكل قول حقيقة، فأين حقيقة ما يقال؟»، رئيس الاتحاد المهندس عاصم شلبى هو ناشر منذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، ونائب رئيس الاتحاد عادل المصرى وهو ناشر منذ بداية التسعينيات، وأنا ناشر منذ 1990 ولا أعمل بأى مهنة وليس لدى دخل غير النشر، وكذلك كل أعضاء مجلس الإدارة ناشرون، ولكن هناك من «يلسن» علينا بأهداف معينة نعلمها جيدا، وقد هددت مرة بالإعلام، وما يعنينى هو مصلحة النشر والناشرين، وإذا ظهر على فساد فأطالب بمحاسبتي، وأرى أن من يحرك الاتحاد هو إرادة الناشرين أنفسهم.
 
■ هل سوق النشر فى مصر أصبح عملا تجاريا فى المقام الأول كما هو مشاع أم ماذا؟
 
ــ النشر أصبح صناعة مثل أى صناعة، يستثمر فيها بالمليارات وليس بالملايين، وان لم يكن لديك مدير مالى وإدارى جيد فلابد أن تضيع، فى حين أنه فى الماضى كان يقوم على هذه المهنة إما مفكرون ومثقفون أو علماء ومبدعين، ينشرون أعمالهم فقط، لكن انتهى عصر أن يقوم الناشر بنشر كتاباته فقط، وكيف نتهم دور نشر بأنها تجارية وليست ثقافية فى حين أنها تنشر لنجيب محفوظ أو العقاد أو أنيس منصور، ولكن لكى تستمر أى دار لابد من وجود حسابات دقيقة ومدير مالى وإدارى جيد، وإلا لن تبقى.
 
■ كيف يتعامل الاتحاد مع الناشرين غير الأعضاء به؟
 
ــ الناشرون غير المسجلين بالاتحاد ليس لى عليهم سلطان، لكننا قمنا برفع قضايا عليهم، لأنهم يضروننا كمهنة.
 
■ هل يمكن أن نقول أن عصر الكتاب الورقى قد انتهى لصالح الإلكتروني؟
 
ــ اندثار الكتاب أمر صعب جدا، فلم ينته بعد عصر «الورقي» فهناك حميمة بين أجيال والكتاب الورقي، أما الأجيال القادمة فأعتقد أنها ستميل للإصدارات الالكترونية، والنشر الالكترونى يتقدم بقوة فخصصنا له لجنة بالاتحاد على الرغم من تأخرنا بالنسبة للنشر العالمى حيث نمثل مصريا وعربيا ما نسبته 0.4% من نسبة النشر الإلكترونى العالمي، فى حين نجد أن مبيعات النشر الالكترونى فى أمريكا هذا العام قد تعدت النشر الورقي، وذلك التدنى بسبب عدم الثقة والخوف وسوء وضع الشركات التى تعمل فى هذا المجال ووجود هاجس من جانب الناشرين يمنعهم من اقتحام هذا المجال، فقررنا أن نخوض التجربة بنفسنا، ونؤسس شركة للنشر الإلكترونى يكون الإشراف عليها من الاتحاد نفسه.
 
■ ما موقف الاتحاد من مصادرة الكتب؟
 
ــ يضم الاتحاد ضمن لجانه «لجنة حرية النشر» وهى اللجنة المختصة بهذا الأمر ويترأسها رئيس الاتحاد نفسه، ونحن ننادى بحرية النشر، والمثقف والقارئ هو الحكم بأن هذا الكتاب يصلح فيستمر وهذا لا يصلح فيندثر وينتهي، ونادينا كثيرا بألا يصادر كتاب أو يتم حبس أو أن يكون هناك كبت للحرية الثقافية، وأرى أن الحرية والديمقراطية هى الرئة الحقيقة للإبداع، وهى من تقدم مبدعين جدداً وأقلاما حقيقية تستطيع أن تبنى مصلحة البلد.
 
■ كيف تتم عمليات التزوير وما قائمة الكتب الأكثر تزويرا فى مصر؟
 
ــ هناك بعض الناشرين ليس لديه مهنية، وأحدث ما وجدناه فى عملية التزوير أن هناك كتباً «تطبخ»، فهناك كتب مشهورة يتم التعديل فيها وعمل «حاجة زيها»، فيتم عمل تقديم وتأخير وتعديل بعض الكلمات، تجد مثلا بعض العناوين بدلا من وجودها فى صفحة رقم 10 تكون فى صفحة 12، ويتم تغيير اسم المؤلف وهى عملية تزوير غير مهنية بالمرة وتتم بصورة فجة، وقد وضعنا فى أعراف المهنة أن من يمارس ذلك يعتبر تزويراً وتزييفاً فى نفس الوقت، وأكثر الكتب التى تتعرض للتزوير قائمة الكتب الأكثر مبيعا المترجمة من الخارج.
 
■ ما مساعى الاتحاد تجاه محاربة التزوير ومكافحة ظاهرة قرصنة الكتب والطبعات المزورة؟
 
ــ العام الماضى أقمنا مؤتمر «مكافحة التزوير» دعونا فيه كل من يهتم بهذا المجال، وزارة العدل، النائب العام، مباحث المصنفات، وزارة التجارة، شركات الشحن وغيرها لوضع ضوابط، وكان من أهم توصيات المؤتمر إنشاء لجنة لمكافحة التزوير، وقمنا بالفعل بإنشاء اللجنة، بل وخصصنا لها أكفأ الأعضاء فى الاتحاد، وآخر ما قمنا به إغلاق جناح ناشر فى معرض أبو ظبى للكتاب بسبب عدم احترامه لقانون الملكية الفكرية، ويتم التحقيق فى هذا الأمر حاليا، والتزوير آفة موجودة يمارسها عدد محدود ولكنها مستشرية، فهو يعمل «ساعتين بالليل» ويرمى الكتب على «الفرشات» غير المنضبطة، فى حين أننى أستطيع ضبط أعضائى فقط من خلال خطوات تأديبية.
 
■ كيف سيتعامل الاتحاد مع سور الأزبكية، خاصة أنه السوق الأكبر للكتب المزورة؟
 
ــ سور الأزبكية يمثل تاريخ الثقافة فى مصر، وخرج من عباءته الكثيرون من المثقفين الكبار ممن لهم يد طولى فى ثقافة الأمة، لكننا نجد الآن بؤر التزوير هى الموجودة فى سور الأزبكية، ونخاطبهم ونرجو منهم المحافظة على هذه المهنة، أن يهتموا ببيع الكتاب الذى يحافظ على الملكية الفكرية ويتخلوا عن بيع الكتاب المزور، ونطلب منهم التعاون مع الاتحاد، وهم ناشرون، وبعضهم أعضاء بالاتحاد، وأقول لهم: «ثروتكم الحقيقية فى الملكية الفكرية».